الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

فادية عبد الجواد .. أول طبيبة صماء في العالم

الأحد 11/سبتمبر/2022 - 01:01 م
هير نيوز

صماء أسمعت العالم 

حينما تحاور سيدة تشعر أمامها بالعجز والضعف البشري، حينما تحاور سيدة استطاعت كسر المستحيل وأرهقته.. ذلك المستحيل الذي يقف سورًا من الخرسان أمام جموع البشر على مدار التاريخ الإنساني.. إنها الدكتورة فادية عبد الجواد ، فمهما تحدثنا عنها ومهما وصفنا حياتها وما فعلته لن نعطيها حقها ولكن سنترككم للحوار لتعرفوا بأنفسكم حقيقة هذه المعجزة البشرية، آملين بأن يهتم الإعلام المصري بمثل هذه السيدة التي حينما تتحدث عن نفسها وما عاشته تجعل طوفان الأمل ينهمر بداخل كل إنسان.

والى نص الحوار :


نبذة عن طفولتك؟

ولدت ﻷسرة متوسطة، الأب أعمال حرة والأم ربة منزل وكان ترتيبي رقم 6 وسط 7 إخوة وكنت طول عمري متفوقة دراسيًّا وأشترك في جميع الأنشطة الثقافية والفنية في مدرستي الابتدائية من غناء ورقص وتمثيل وباليه وجمباز.


**ما هي إصابتك؟ ومتى وكيف حدثت؟

بالنسبة لإصابتي بالصمم.. حدث ذلك بسبب إصابتي بالحمى الشوكية في مارس عام 1973 وأنا في الصف السادس اﻻبتدائي وعمري 11 سنة وبضعة اشهر بعد حفل مدرستي الكبير لعيد اﻻم مباشرة والذي قمت بالتمثيل والغناء فيه وايضا الباليه والجمباز حيث كنت بطلة مدرستي في جميع تلك اﻻنشطة.. ودخلت في غيبوبة لعدة اسابيع كانت كل حواسي مهددة وعندما افقت وﻻزلت اذكر تلك اللحظة كانها حدثت باﻷمس.. كان والدي ووالدتي رحمها الله واخوتي حول سريري في المستشفى وكنت أرى شفاههم تتحرك ولكني ﻻ اسمع شيئا على اﻻطلاق.. ولم افهم ما يحدث وتخيلت انهم يمزحون معي حتى جاء والدي بورقة وقلم وكتب لي فيها اني كنت مريضة جدا وفي غيبوبة وإن سمعي تأثر وسيعود قريبًا وإن امتحان اﻻبتدائية قريب جدا.. فنسيت كل ما حولي وطلبت كتاب سلاح التلميذ لكي أذاكر للامتحان لكنهم رفضوا؛ خوفًا على بصري الذي كان مهددًا أيضًا.. وخلال أيام خرجت من المستشفى إلى لجنة امتحان اﻻبتدائية مباشرة بعد أن فشلت جهود والدي لعقد لجنة خاصة لي في المستشفى ﻷداء اﻻمتحان.


**كيف تعاملتِ مع تلك المشكله؟؟

بالطبع البداية كانت شعوري بالصدمة الشديدة فقد ولدت طفلة طبيعية تسمع وتتكلم بل كنت طفلة صاخبة تعشق اأغاني والحركة والأصوات، وفجأة دخلت في عالم الصمت الرهيب.. فكان هناك فترة قلق وتوتر ورفض وعدم فهم وتقبل للواقع الجديد لأن والدي حاول التخفيف عني بإيهامي أنها فترة بسيطة عدة أشهر وسيعود لي سمعي، لكن كان بداخلي إحساس أنه وضع دائم، وفي ليلة بكيت فيها حتى تورمت عيناي وقمت توضأت وصليت وقرأت بضع صفحات من القرآن، ثم حاولت النوم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رؤيا جميلة أضاءت قلبي وروحي وﻻ تزال بنور إلهي وشعوري بالرضا والسلام الداخلي.. ومنذ تلك الرؤيا العظيمة ودعت اليأس والإحباط وامتلأت روحي بالعزيمة والتحدي، وقررت أن أكون دومًا فخرا ﻷسرتي وليس مثاًﻻ للعطف والإشفاق.

 

**ما الصعوبات التي أحدثتها الإصابة معكِ وخاصة أثناء التعليم والتعامل مع المجتمع؟

بالطبع صعوبات عديدة ﻻ حصر لها فالصمم ﻻ يعزل الأصم عمن حوله فقط بل يعزله حتى عن نفسه، ومن فضل الله أني تمكنت من تعليم نفسي قراءة حركة الشفاه في وقت مبكر، اضطررت لذلك اضطرارًا بعد أن فقدت درجات امتحان الإملاء في امتحان الشهادة اﻻبتدائية لأني لم أسمع المدرسة طبعا ولم أتمكن من قراءة حركة الشفاة وأيضًا رفضت أن أنقل قطعة الإملاء عندما عرضت المدرسة على ذلك تعاطفًا مع حالتي لأني تربيت على ( من غشنا فليس منا ) وكان يعز علي نفسي وأنا الطالبة المتفوقة أن أغش أو أن أفقد أي درجة.. فكان قراري أن أجد وسيلة للتواصل مع من حولي.

فعلمت نفسي قراءة حركة الشفاه بالتدريج حتى أتقنتها تماما فكنت أتابع كل من يتكلم حولي وأتابع حركة شفاه الممثلين في التليفزيون وحركة شفاه أي شخص.. وبصراحة لم أجد صعوبة في الدراسة الإعدادية والثانوية وكنت الأولى على مدرستي في المرحلتين؛ حيث كنت أعشق الكتب وأعشق الدراسة وحصلت على 97% في الثانوية العامة، والتحقت بكلية الطب حلم حياتي الذي تمسكت به ولم أقبل عنه بديلا.. وهناك أي في كلية الطب كانت فعلا الصعوبات جمة والتحديات رهيبة بمعنى الكلمة.

كان تأقلمي مع الناس ومع المجتمع مرجعه أساسا إلى الثقة بالنفس وإحساسي أني لا أقل عن أحد على الإطلاق بل أتميز عن الآخرين وأن الله سبحانه أخذ مني شيئا صغيرًا وأعطاني ما هو أكثر، فهو سبحانه ما أخذ إﻻ ليعطي وعطاؤه معي كان غامرا.. فكنت فعلا متأقلمة.. لم أنعزل ولم أشعر قط أو أتعامل قط مع من حولي إﻻ بمنتهى اﻻعتزاز بل الفخر ولم أستخدم أو يستخدم احد معي كلمة (معاقة أو حالة خاصة)، تلك الكلمة التي ﻻ معنى لها لم تكن في مفردات لغتي أو تستخدم في محيط مجتمعي نهائيًّا، وأتمنى حقًّا أن أحذفها من مفردات مجتمعنا كله لأنها كلمة محبطة وﻻ معنى لها بالفعل .. كنت متأقلمة وسعيدة بتفوقي وإنجازي ومنغمسة تمامًا في اجتهادي وتطوير ذاتي.

أما الدعم فقد وجدته من والدي بالذات بارك الله فيه؛ حيث تميز تعامله معي بوعي رائع فكان يمنحني الحب البناء والتشجيع الدائم وليس الشفقة وكان يلبي كل احتياجاتي؛ حيث كنت في منتهى الشراهة للقراءة والكتب.. وأيضا والدتي رحمها الله كانت تحفزني وتشجعني، وإخوتي جميعًا دعموني وساعدوني في تعليمي قراءة حركة الشفاه ومساعدتي في اللغة الإنجليزية والفرنسية التي تعلمتهما بمفردي أيضًا.. وبسبب وعي والدي وحكمته ألحقني بمدرسة إعدادية وثانوية عادية وليست للصم، بناء على نصيحة مدرساتي في مدرستي اﻻبتدائية، وهذا ساعد على دمجي وتأقلمي مع الآخرين فكنت أشترك في جميع المسابقات والأنشطة، وكنت رئيسة الإذاعة ونجمة مدرستي الإعدادية والثانوية.

أما بالنسبة للدراسة في كلية الطب كما أسلفت كان حلمي منذ الطفولة أن أكون طبيبة، ولم يتأثر هذا الحلم بعد مرضي وإصابتي بالصمم بل ازداد رسوخًا وقوة، ولم ألتفت للصعوبات لأنني اعتبرتها أمورًا موجودة لكي نتغلب عليها وليست لكي تتغلب علينا، فالفائزون في الحياة هم من يفكرون بطريقة: أنا أستطيع أنا سأفعل أنا سأكون، وساعدني تفوقي الباهر في الشهادة الثانوية وحصولي على 97% واجتزت الكشف الطبي بطريقة طبيعية تمامًا؛ نظرا لإجادتي قراءة حركة الشفاه والتي كانت تصل في هذا الوقت إلى ما يقرب من 99%، والتحقت بكلية طب عين شمس وكانت مرحلة أخرى تمامًا غير الدراسة الثانوية التي مرت بيسر وبدون صعوبات تذكر، كانت هناك أطنان من الصعوبات وكانت كل حركة وكل خطوة وكل محاضرة وكل سكشن صعوبة في حد ذاتها، كان الأمر بمثابة تحدٍّ يومي بمعنى الكلمة.

كانت شخصيتي تعشق التحدي، وكان شعاري ولا يزال: "انطلق نحو القمر فحتى لو أخطأته فسوف تهبط بين النجوم"، وكنت أقول لنفسي أنا لست أقل من طه حسين أو هيلين كيلر وكلاهما كان يعاني أكثر مني وحققا إنجازًا باهرًا.

فكنت أقضي نهاري كله وجزءًا من ليلي في الكلية والمشرحة والمعامل، أحاول فك شفرات المناهج الصعبة معتمدة على نفسي بالكامل وعلى الكثير من الكتب والتي لم تكن مبسطة كما هي الآن، فكنت أشتري للمادة الواحدة كل الكتب التي تصدر للأساتذة في الكلية وأشتري المراجع الأجنبية وأعكف عليها كلها حتى كان والدي- بارك الله في عمره- يشفق علي من الانهماك والسهر المستمرين فكان يستيقظ لصلاة الفجر ويجدني لا أزال ساهرة فيرغمني على النوم ويطفئ النور، وبمجرد دخوله لحجرته أتسلل لأضيء النور وأعود لعشقي وهي الكتب الطبية التي أدمنتها وعشقت الغوص والتعمق فيها.

وبالطبع لم أستفد من المحاضرات في الكلية؛ لأنها كانت باللغة الإنجليزية والتي لا أجيد قراءة حركة الشفاه بها، فكانت استفادتي شبه معدومة واعتمادي على نفسي بالكامل، ولم يساعدني من أساتذة الكلية سوى الدكتور علي خليفة - رحمه الله- وأستاذي الفاضل ومثلي الأعلى الدكتور طلعت الديب أستاذ الباثولوجي في طب عين شمس والذي كان يتعامل مع الطلبة جميعًا بروح الأخ الأكبر ويشجعنا على التعمق في مادته، وهو الوحيد الذي شجعني ووقف بجانبي بارك الله فيه، فهو نموذج لما ينبغي أن يكون عليه الأستاذ الجامعي.

وبالطبع في الكلية كانت مشكلتي الكبرى هي الامتحانات الشفوية والتي يرتعب منها طلبة الطب عمومًا — وإذا كان طلبة الطب عامة يخشون عدم معرفة الإجابة في الامتحانات فأنا مشكلتي كانت معرفة (السؤال) أما الإجابة فأنا كفيلة بها، وكم لاقيت من تعنت بعض الأساتذة وكم تم ظلمي في الدرجات! لأن بعض الأساتذة كانوا يرفضون مجرد كتابة السؤال الذي لا أفهمه للأسف الشديد.

وبفضل الله تخرجت في كلية الطب عام 1986 بدون أي رسوب في أي عام على الإطلاق، وأنهيت عام الامتياز في المستشفى الجامعي (الدمرداش)، ثم عملت في وزارة الصحة في مركز رعاية الأمومة والطفولة في الأميرية ثم حدائق القبة، ثم أخذت نيابة أمراض جلدية، وسافرت للخارج لدول عربية وأجنبية وعدت عام 2000 وتعاقدت مع التأمين الصحي، وعملت في الشئون الطبية والتفتيش لعدة سنوات ثم فضلت العمل الخاص في عيادتي الخاصة


**كيف تم استعادة حاسة السمع؟

بفضل الله فكرت في إجراء عملية عام 2000 لكن لم يتيسر الأمر وانشغلت بأسرتي وأولادي، وفي عام 2006 بعد عشرين عامًا من تخرجي وممارستي المهنة وأنا صماء داخل وخارج مصر وبإلحاح يشبه الإجبار من ابنتي الكبرى الرائعة جهاد وكانت عروسًا معقودًا قرانها وبتوفيق من الله أولا أجريت أول عملية زرع قوقعة في الأذن اليسرى واستعدت السمع جزئيًّا وكان أول صوت أسمعه هو صوت أولادي الأربعة، وأول جملة كاملة أسمعها كانت من ابنتي جهاد وهي تغني يوم زفافها (م الحلم ده متصحنيش) وكان فعلا حلمي وحلمها الذي تحقق باستعادة سمعي وبزفافها من حب حياتها، وكان يومًا من أروع أيام حياتي لا تزال مشاعري كلها تفيض كلما تذكرت تلك اللحظة التي توقف فيها الزمن فعلا، تلك اللحظة التي اخترق فيها صوت ابنتي روحي وقلبي وكياني وكل ذرة وخلية في جسدي قبل أن يخترق أذني لأسمع لأول مرة تلك الجملة الواضحة الساحرة (م الحلم ده متصحنيش)، وأردت فعلا ألا أستيقظ أبدًا وأن تستمر تلك اللحظة إلى ما لا نهاية، وبفضل الله استمررت وازدادت البهجة وازدادت الروعة وأكرمني ربي بعمل العملية الثانية، وكانت أحدث بكثير من الأولى في عام 2014 في مستشفى مصر للطيران ، واستعدت السمع في الناحيتين، وشعرت أني استعدت الحياة وليس السمع فقط.

لا يمكن حقًّا وصف ما أشعر به بعد استعادة سمعي وعودتي للحياة وخروجي بالكامل من عالم الصمت الموحش الكئيب لعالم الأصوات والبهجة والضوضاء الممتعة، عدت لأحمل الأمل لكل طفل أصم ولكل أسرة لديها طفل يعاني من صعوبة في السمع؛ ليكون الأمل في استعادة السمع متاحًا للجميع، عدت ليدرك كل منا أنه قادر على تحقيق حلمه مهما كان يبدو مستحيلًا لو تمسك به وحارب من أجله فسوف يحققه بإذن الله.

 


**حدثينا عن عودتك لرعاية المصابين بالصمم؟

هي رسالتي في الحياة وأملي أن يلقوا الرعاية اللازمة من الدولة ومن المجتمع؛ لأن فئة الصم هي الأكثر إهمالًا وتهميشا والأكثر بؤسًا للأسف الشديد رغم عددهم الذي يتجاوز 8 ملايين في مصر وحدها؛ لأن الصمم من أشد أنواع الإعاقة صعوبة؛ حيث يعزل المصاب به ليس عمن حوله فقط بل حتى عن نفسه، ونحتاج لرعاية هؤلاء ودمجهم في المجتمع وتوفير التعليم المناسب لهم وتعميم لغة الإشارة في كل المؤسسات؛ لتمكينهم من التواصل مع غيرهم وكسر حاجز الصمت والعزلة الذي يحيط بهم، وتمكين من يريد منهم ويرى في نفسه القدرة على مواصلة الدراسة الجامعية أيًّا كانت نوعيتها فأنا تخرجت في أصعب كلية عملية، ولا يعقل أن توجد قوانين الآن تمنع الصم من الالتحاق بالكليات النظرية أيضًا وليس العملية فهذه ردة للخلف، أطالب بحقوق متساوية وفرص متساوية وتيسير الأمور للصم وضعاف السمع ليس مجاملتهم لكن تيسير الأمور لكي ينجزوا وعندما ينجزون فإنهم يبهروننا بإنجازهم ويفيدون أنفسهم ومجتمعهم بما يقدمونه من إنجازات مبهرة.

 


**ما نصيحتك لأسرة يوجد بها طفل ذو قدرات خاصة؟


نصيحتي لكل أسرة بها طفل من ذوي قدرات خاصة أن تمنحه الحب البناء وليس الشفقة، بمعنى أن تتفهم احتياجاته ومطالبه وتمنحه إياها ببساطة لأن الشفقة تهدم شخصية الطفل وتعوق تقدمه، ومهم جدًّا ألا تعزل الطفل عن غيره من الأطفال بل أن يندمج وسط المجتمع ويجب نشر ثقافة ( الاختلاف ) في المجتمع واحترام هذا الاختلاف، فهو سنة الله في الكون ويجب احترامها، وتشجيع الدمج في المدارس والجامعات وكل مكان بل يجب سن القوانين التي تفرض هذا الدمج ليتعود الناس على احترام هذه الحالات واعتبارها جزءًا من بنيان المجتمع وأساسياته.

 

 

**ما أمنياتك التي تحققت حتى هذه اللحظة؟

أمنياتي التي تحققت بفضل الله هي تحقيق أمنيتي بكوني طبيبة تخدم الناس ولا تتاجر بعلمها وهذا من فضل الله وأحد أحلامي التي تحققت، وأيضا توفيقي في تربية أبنائي الأربعة.

الابنة الكبرى جهاد 28 سنة وأم أحفادي مازن وباسل مديرة في بنك خاص(CIB) ، وتحمل عددًا من الشهادات في الاقتصاد واللغة الإنجليزية والبنوك أنا نفسي لا أعرف عددها.

والابنة الصغرى سندس 24 سنة وهي طبيبة صيدلية تخرجت بمرتبة الشرف وتعمل في شركة أدوية مالتي ناشونال (نوفارتس).

والابن الاكبر محمود 26 سنة مهندس كمبيوتر ومدير شركة برمجيات (كور كونسبت).

والابن الأصغر محمد 21 يدرس كمبيوتر أيضًا في السنة الأخيرة.

أعتبر أولادي هم أجمل وأغلى وأثمن ما في حياتي وأفضل وأروع إنجازاتي، خاصة وأني ربيتهم بمفردي.


**وما الأمنيات التي لم تتحقق؟

أما عن أمنياتي التي لم تتحقق فهي أن أكون ضمن سلك التدريس في الجامعة وأن أمارس البحث العلمي كما كنت أتمنى من صغري.

ومن الأمنيات التي أرجو أن تتحقق أن يجد ذوو القدرات الخاصة الاهتمام الواجب، وأن أساهم ولو بقدر ضئيل في أن يظهر من بينهم عشرات بل ومئات وآلاف مثل د/ فادية عبد الجواد وأفضل منها أطباء ومهندسون وعلماء. وأثق أن لدينا عباقرة يحتاجون فقط من يشجعهم ويمد لهم يده، كما أتمنى أن يهتم الإعلام بتلك الفئة ويبرزها بطريقة ايجابية بوضع شخصيات من ذوي التحدي في أعمالهم الفنية، شخصية طفل أو طفلة ومتابعة حياته الثرية وكفاحه حتى يصل لبر الأمان، ويكون علامة وقدوة كطبيب أو طبيبة أو عالم أو مهندس، مسلسل أو فيلم أو عمل فني مثل الأيام لطه حسين والتي أثرت في الكثيرين وأنا منهم، ولو كان هذا العمل عن الصم وضعاف السمع فأنا على أتم استعداد لكتابة ووضع الملامح الدرامية لهذا العمل؛ كوني عشت في عالم الصمم حوالي 41 عامًا؛ ليكون معبرًا تعبيرًا تامًّا عن تلك الفئة، وأتمنى أن يتحمس لهذه الفكرة أحد المنتجين أو تتحمس له الدولة نفسها؛ فهو أمر جدير أن تتولاه الدولة.

وأنتهز الفرصة لأتوجه بالشكر لفريق أطباء مستشفى مصر للطيران الذين أعادوني للحياة؛ الدكتور أنور حلمي رئيس مجلس الإدارة والدكتور مؤنس هنداوي رئيس القسم والدكتور حسن وهبة والدكتورة منى العوضي والدكتورة سلوى سمير والأستاذ محمد إبراهيم.

 


**هل تتواصلين مع الأطفال ذوي القدرات الخاصة؟

 

بالنسبة لتواصلي مع الاطفال ذوي القدرات الخاصة يتم ذلك على الفيسبوك وأنا بالفعل أتواصل مع الكثيرين منهم أو على الواتس اب على رقم 01003141052

وأنا حاليا أستعمل التليفون الأرضي والموبايل لكن على خفيف؛ لأنني جديدة في استعماله منذ أشهر قليلة فقط، وبيصدعني لأنني أسمع عن طريق المخ مباشرة بعد زرع القوقعة وليس عن طريق الأذن مثل الآخرين.

 


**هل هناك رساله معينة تقومين بإرسالها لأصحاب الحالات الخاصة؟

أحب أن أقول لإخواني ذوي القدرات الخاصة إنه لا يوجد مستحيلـ ففي وجود الأمل يولد اليقين، وفي وجود اليقين تولد العزيمة، وفي وجود العزيمة تحدث المعجزات، وبإمكان كل منكم أن يصنع معجزته بنفسه، فهيا للعمل وكفى شكوى وضعوا الهدف وسيروا في الطريف وابذلوا الجهد وستصلون باذن الله.

ملحوظة: بخصوص استعمال سماعة الكشف الطبية قبل ذلك فكانت مشكلة قمت بحلها بفضل الله أثناء دراستي الطبية.. فبالنسبة لأي أصم بيكون هناك (إحساس) بالأصوات العالية جدًّا.. وقرأت أيامها عن سماعة في شركة بوش الألمانية مخصصة أساسًا لفحص صوت الأجنة في بطون الأمهات وتقوم بتكبير النبض حوالي 400 مرة.. وسعيت للحصول على تلك السماعة وبالفعل أحضرتها من ألمانيا.. وقمت بشراء شريط تسجيل من الكلية يحتوي على تسجيل لنبضات القلب الطبيعية وفي الأمراض المختلفة وكنت أقوم بتوجيه السماعة وبداخلها المكبر الذي يكبر صوت النبض 400 مرة وأستمع لكل نوع من النبض وأحسه أيضًا مئات الآﻻف من المرات ومئات الساعات منذ كنت في السنة الأولى من الكلية حتى أتقنت الأمر تمامًا.. مع العلم أن طالب البكالوريوس ليس مطلوبًا منه أن يتعرف إلى أمراض القلب المختلفة، فهي تخصص طبيب القلب.. واخترت تخصص الجلدية الذي ﻻ أحتاج فيه سوى لعيني وعدسة مكبرة وخبرتي فقط وعلمي، وليس لسماعة الكشف.

ads