نانسي نبيل تكتب: دور التعاليم الدينية في تثبيت الهوية
التعليم الديني من الأسس المهمة في حياتنا اليومية، فهي
المنير لطريق حياتنا الصحيح والدليل والمرجع لكل تصرف يأخذ في حق الآخر، فالتعليم
الديني تحتاجه كل أمة، فمنها من تتوسع فيه، ومنها من تضيِّق تدريسه، لكنها لا
تلغيه تمامًا.
والتعليم الديني لا تختص به مؤسسة واحدة؛ لأن الدين لا
يستغني عنه إنسان كبيرًا كان أو صغيرًا، رجلاً كان أو امرأة، متعلمًا كان أو
أميًّا، ففي بداية الأمر يكون الأساس هو المنزل والدور الذي يلعبه الأب والأم في
تنشئة الأبناء تحت أسس دينية سليمة، وأن يضعوا لهم كيفية التمييز بين الحلال
والحرام والخطأ والصواب، وما هو يستحق الفعل وما يتطلب البعد عنه، ثم يأتي بعد ذلك
دور الحضانات والمدارس والحرص كل الحرص على تخصيص حصص كافية للتعاليم الدينية،
والتفسيرات القرآنية حتي يتم تنشئة أجيال ذات وعي ديني منشرح صدورهم وعقولهم
بالإيمان والقيم، غير منجرفين وراء الوهم التكنولوجي والثقافات الأخرى الدخيلة
التي يمتزج فيها الكثير من العادات والأخلاقيات والبعد عن التعاليم الدينية بشكل
كبير؛ مما يدفع الشباب الوقوع في الجهل الديني واللا أخلاقي؛ ولذلك يجب أن تأخذ
حصص الإرشاد الديني داخل المدارس الاهتمام الكافي والتوعية الكافية، وأيضًا الحرص
أن تكون مدرجة في إطار التميز والتكريم في حال التحفيز له والتفوق فيه، فهي تشكل
شخصية أولادنا في المستقبل، ثم يأتي بعد ذلك الدور المهم للإذاعة بما تبثه من
برامج دينية، وكذا التلفاز والمجلات.
كل تلك المؤسسات لها دور في نشر الثقافة الدينية
والتشكيل الأخلاقي السليم وتدعيم الهوية فيكاد يكون الدين هو هوية العرب؛ فهو
موحدهم، وصانع تاريخهم المشترك، وحافظ لغتهم، فنجد في السابق عند وجود صراعات الاحتلال
من أي دولة أخرى نجد أن أقوى أنواع الاحتلال هو الاحتلال الثقافي وطمس هوية البلد
من خلال نقل ثقافات وعادات أخلاقية دخيلة للاستحواذ على عقول أصحاب البلد، وهذا ما
يحدث الآن فنقل الكثير من الثقافات والعادات الدخيلة عن طريق التكنولوجيا مع غياب
التربية والأسس والثقافات الدينية بشكل كبير أدى إلى كارثة مجتمعية؛ لأن اختلط على
الفرد الحلال والحرام، وحب الانتقام والغدر والوقوع في الخطأ بدون أي وعي فانتشرت
الجرائم الشاذة والعنف داخل المجتمع بشكل كبير، كما أن الكثير من الشباب غير واعٍ
دينيًّا عند وقوعه تحت طائلة الضغوط الحياتية، لا يذهب تفكيره إلى أن هذا اختبار،
أو ابتلاء بل يذهب تفكيره مباشرة وبسهولة إلى فكرة الانتحار والتخلص من حياته دون
الاستعانة بالله للخروج مما هو فيه.
ضعف الوعي والثقافة الدينية يمثل مشكلة كبيرة ويتفاقم مع
توالي الأجيال جيلًا بعد آخر، وازدياد التكنولوجيا بشكل موحش يجعلنا نفكر أكثر من
مرة في كيفية تعويض الشباب دينيًّا وثقافيًّا بشكل يخترق وجدانهم ويكون بمثابة درع
واقٍ لأي اختراق أخلاقي أو ثقافي دخيل هدام لمجتمع أساسه ديني أخلاقي، والحرص دائمًا
ببث التوعيات الدينية بشكل كبير من خلال الوسائل التكنولوجية، والنصائح السليمة
المستمرة والنماذج التي يجب أن يحتذي بها وما قدمته لنا من منفعة وأثر ديني وعلمي
وقيم؛ لتصبح هذه الشخصيات مثلًا أعلى لشباب اليوم والغد.