راندا الهادي تكتب: المشاريب.. على فين؟!!
كالكثيرين من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات
الإخبارية، راودَنَا القلق من الأخبار عن اختفاء الشاي وانتهاء عهد القهوة في
القريب، سواء تم ذكر الأسباب أم لم يتفضل الموقع بذلك - من باب سطحية المحتوى
وهشاشته بالعديد من المواقع الإخبارية - لكن ذلك ليس بقضيتنا حاليا. نعود لهذا
الخبر المشؤوم، هل يُعقل أن نستيقظ من النوم دونما فنجان القهوة ( المظبوط )؟! هل
يُعقل الذهاب إلى معركة الحياة من غير احتساء كوب الشاي بلبن اللطيف؟! كيف إذن
نُكمل مسيرة الاستماع لفيروز بدون القهوة (ساعة مغربية)؟!! أو نعالج الصداع وحالة
المغص بدون كوب الشاي بالليمون؟! يا بشر، أنتم لا تدركون خطورة هذا الخبر الذي
تروجونه !! أتجوز حياةٌ على كوكب الأرض بدون شاي وقهوة؟!! الوضع كارثي!!
الشاي والقهوة أفيون المصريين، إنهما الحضن والطبطبة
التي ننتظرها لنكمل الحياة ونستوعب الكثير من المهاترات المحيطة، وسواء كنت من
مفضلي القهوة أو الشاي ستتفق معي وبشدة.
ولكن إحقاقا لهذين المشروبين اللذين ساندا المصريين
لأجيال، كان من الواجب علينا تأبينهما بالشكل اللائق للمكانة المحفوظة لهما في
قلوبنا.
كما يقول التاريخ فقد سبق الشاي القهوةَ في الظهور
كمشروب ودواء ، فحسب الأسطورة، أول كوب من الشاي تمّ صنعه في عام 2737 قبل
الميلاد، حيث سقطت أوراقُ الشاي المجفّفة في كوب من الماء المغليّ للإمبراطور
الصيني شين نونغ (Shen Nung)؛
ليصبح الصينينون أول من استخدم الشاي كمشروب، ومن بعدها انتشر الشاي في أوروبا عبر
شركة الهند الشرقية الهولندية.
ولمعلوماتك أيها القاريء الكريم ، مصر تحتل المرتبة
الخامسة بين دول العالم كأكبر مستورد ومستهلك للشاي، فوفقا لدراسات أجريت عام
٢٠٢١م، واردات مصر من الشاي تصل قيمتها لـ ( ٢٧٦,٥ ) مليون دولار سنويا.
ومن الشاي بصباحاته الزاهية ونكهاته المنعشة إلى جارة
القلب مزاج الملوك شرقية الهوى (القهوة) التي عشقها المصريون، فغنت لها أسمهان
وأطلقوا اسمها على مجالسهم وتجمعاتهم (القهوة) _ وإن قُدِّمَ فيها مشروبات أخرى _،
وخصصوا لها الأجواء وأنشدَ لها جحافل الشعراء، بل توارثنا فيها الكثير من العادات
والأعراف مثل ( دلق القهوة خير / فوران القهوة نذير شؤم / وقراءة الفنجان لاستكشاف
المستقبل / هذا إلى جانب اللجوء إليها قديما كمضاد حيوي للجروح ومُسَكِّن واسع
المجال ).
أعلم أنني أطلتُ، لكنْ بما أنك وصلت معي لهذا القدر فأنت
مهتم. متى ظهرت القهوة؟ هناك أخبار كثيرة رُويت عن أصل القهوة ومكتشفها، حيث يُروى
أنّ أصل القهوة من إثيوبيا، اكتشفها أجداد قبيلة تعرف باسم (الأورومو)، غير أن
مصادر أخرى ترى أن أول ظهور للقهوة كمشروب كان قرابة القرن الخامس عشر الميلادي،
في المنطقة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية وتحديدًا في اليمن، ومنها وصلت إلى بلاد
فارس وأرمينيا وأيضًا تركيا وشمال إفريقيا، حتى عمّت أرجاء العالم.
حلوٌ هذا التأصيل لبدايات الشاي والقهوة، ما هو المطلوب
إذن مني كقاريء للمقال؟! أن تهيئ نفسك عزيزي وعزيزتي لإيجاد بديلٍ لهذا
المزاج، لأنه في القريب _ ولعدة أسباب _
ستختفي القهوة والشاي وغيرها من المحاصيل والزراعات من قاموس حياتنا اليومية؛
فوفقًا لتحليلٍ صادر من منظمة ( كريستين أيد الدولية Christian Aid UK charity
) هناك تناقص في منتوج القهوة والشاي على مستوى العالم نتيجة ارتفاعٍ متزايد في
درجات الحرارة وأمطار غير منتظمة والجفاف، فضلا عن غزو الحشرات لمحاصيلها، وكأن
الطبيعة تمردت على مزاج الإنسان الذي عكّر مزاجها وأساء إليها !! لكل فعل رد فعل
يا سادة، ونحن لم نقصر في تدمير البيئة وقد جاء وقت الحساب !!
ومن موقعي هذا، أرسل تحياتي لفنجان القهوة ( ساعة
المغربية ) وكوب الشاي بلبن - هذا الحضن الدافيء في الصبحية - متمنيةً لقاءً آخرَ في حياة أفضل.