حازم البهواشي يكتب: تفاهة!!
إذا
كان بيتك يعاني من مشكلات في السباكة، فالانشغال بتغيير الستائر أو شاشة
التليفزيون تفاهة!!
إذا
كان هناك فتاة لا تكاد تعرف شيئًا عن الإسلام، فالتحدث إليها عن الحجاب _ رغم
أهميته _ تفاهة!!
إذا
كان هناك أسرة ميسورة الحال ماديًّا، لكنها لا تهتم ببناء أبنائها وترابطهم، ولا
بعلاقة أفراد الأسرة ببعضهم البعض، وبالتالي لا تعرف ما في جو الأسرة من عفاف
وجمال وسكينة، فالحديث إليها في الماديات تفاهة !!
إذا
كان هناك مجتمع لا يعيش أفراده إلا بالكاد، ولا يستقيم العيش _ إن استقام _ إلا
بالمعاونة والشراكة بين الرجل والمرأة في المنزل، فإن الحديث عن أجرٍ تأخذه المرأة
مقابل الرضاعة تفاهة !!
في
مجتمع به من قلة الوعي الكثير، فإن القول لأفراده ( استفتِ قلبك وإن أفتَوك ) لا
يعد تفاهة بل جريمة !!
في
مجتمع لا يقدر شبابه على تكاليف الزواج، فإن الحديث عن ضرورة إيجاد حلول لتفريغ
الطاقة الجنسية خارج العلاقة الزوجية بما لا يخالف شرع الله، لا يُعد تفاهة بل
مفسدة !!
في
مجتمع يتابع سعر البيضة يوميًّا كما كان يتابع سعر جرام الذهب سابقًا، فإن الحديث
عن البيض (الأورجانيك) تفاهة !! فواجب الإعلام وقادة الفكر وعلماء الدين كان
دوما أن ينتشلوا العامة من التفاهات ويبينوا لهم فقه الأولويات؛ ليستقيم حال
البلاد والعباد.
هل
يمكن لرجل أن يرتدي ( بدلة ) كاملة الأناقة، و ( كراڤتة آخر شياكة ) ولا يرتدي
قميصًا؟! الحال هذه لا تستقيم إلا لمن يُعاني خللًا عقليًّا، لأنه فعل شيئًا في غير
محله !!
هل
يمكن لخطيبٍ في مسجد به حالة وفاة أن يتحدث عن الزواج؟! ستقوم الدنيا ولن تقعد !!
التاجر
الذي يغش في الميزان لا يحتاج نصيحة عن كيفية تزيين المحل، وإلا كانت من باب
التفاهة !!
هل
يُجدي حديثك إلى الفقير بأن يُمسك يدَه عن الإنفاق؟!
هل
يجدي حديثك إلى مريض بالشلل _ أعاذنا الله جميعًا _ بأن يلف ( تراك ) الملعب ولو
مرة واحدة؟!! ألا يُعد ذلك ضربًا من الخبل والتفاهة؟!
كانت
نصائح رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وأحاديثه مطابقة لمقتضى الحال، ينوعها على
حسب الحال، فيوصي الغضوب قائلا: ( لا تغضب )، هذه هي كلمة السر للطمأنينة والسكينة
والسلام، ويسأله آخر أن يدله على عمل يتشبث به، فيقول: ( لا يزال لسانك رطبًا من
ذكر الله )، ويقول لأحدهم عن العمل الأفضل: الصلاة على وقتها، وللآخر: عليك بالصوم
فإنه لا عِدْلَ له !!، ويسأله أحدهم عن: أي الإسلام خير؟! فتكون الإجابة: ( تُطعم
الطعام وتَقرَأ السلامَ على من عَرَفتَ ومن لم تعْرِف ) !!
من
باب الخلل والتفاهة أن تهتم بالترفيه وأنت لا تنتج، أن تهتم بالمبنى على حساب
المعنى، أن تطلب الأجر وأنت لم تقم بما أنت مكلف به، أن تتحدث عما لك دون حديث عما
عليك !!
مجتمع
تافه الذي لا يهتم بما ينقصه، مجتمع تافه الذي ينساق وراء حكايات تُنسَج له ربما
بفعل فاعل، لتُلهيه عما ينفعه !! الفوضى لا تخلق شيئًا، والحديث دون عمل تفاهة.