آية شعراوي تكتب: وانتي أم اوعي تنسي
وانتي أم وبتربي ولادك بمنتهى التفاني اوعي تنسي نفسك
اوعي تنسي تبصي قدام وتتوقعي إيه اللي هيحصل في المستقبل.. في المستقبل بعد ما
بنربي ولادنا ونديهم وقتنا وصحتنا وتفكيرنا ومشاعرنا وطاقتنا كل واحد منهم بيشوف
مستقبله وبيفتح بيته وبيبقى ليه حياة خاصة ومستقلة.. هل دا علشان ولادنا جاحدين
وتربيتنا راحت في الأرض؟ لا خالص دا بس علشان دي سُنة الحياة والطبيعي والمفروض إنه
دا هيبقى جزء من تربيتنا إننا نربيهم إزاي يكبروا ويبقى ليهم مستقبلهم وحياتهم
الخاصة ويعملوا بيت وأسرة.
السيناريو المعتاد اللي بيحصل إيه إننا لما بنوصل
للمرحلة دي وولادنا يبتدوا يستقلوا بنلاقي نفسنا الدنيا فضيت حوالينا.. علشان كنا
مخلين ولادنا محور حياتنا الوحيد ومفيش أي حاجة تانية بتتعمل.. وبنتصور وهم إن
دورنا في حياة أولادنا انتهى، وإنهم مبقوش محتاجين وجودنا وبنبدأ بقى نوجد لنفسنا
دور بشكل غلط في حياتهم الجديدة بالتدخل، ونصغر دماغنا ونعند قدامهم ونقف قدام
اختيارتهم، وبتوصل إننا نبقى سبب مشاكل في بيوتهم الجديدة مع شريك حياتهم لجذب
الانتباه، وعلشان نملا حياتنا حتى لو هنملاها بالمشاكل والصراعات.. حبنا وتعلقنا
بولادنا ولأنهم محور الكون بالنسبالنا بيخلينا بشكل غير إرادي واخدين وضع الهجوم
بنعتبرهم ملكية خاصة ومش من حق حد ييجي جنبهم أو يعملوا خطوة جديدة بعيد عننا.
طيب إيه الحل؟! ننفض لولادنا ونعيش حياتنا ومنركزش في
تربيتهم؟!.. طبعًا دا كلام حد ضيق الأفق سطحي مالناش دعوة بيه.
الحل إن وانت بتربي ولادك اللي هما أهم دور في حياتك
متنساش نفسك تتعب شوية زيادة إنك تحافظ على حياتك الاجتماعية وصحتك الجسدية
والنفسية حتى الماديات بص لقدام وفكر لبكرة.
حياتك الاجتماعية الأهل والصحاب والمعارف مش لازم يتوهوا
منك في زحام الدنيا وتربية ولادنا تاخدنا من اللي حوالينا وتبعد تدريجي عن كل اللي
حواليك وتكبر متلقيش صحبة وونس.
وصحتك الجسدية مينفعش نهمل فيها ومنروحش نكشف، ولو كشفنا
منتابعش ومانخدش تعبنا الجسدي على محمل الجد؛ لأن في كبرك محدش هياخد من صحته
ويديلك، وفي الكبر هنندم على إهمالنا وهنعرف إن فعلا مفيش أغلى من الصحة.
ونحافظ على صحتنا النفسية ومنحملش على نفسنا ونستحمل أوضاع
مؤذية؛ لأن في الغالب أول ناس هنطلع عليهم مشاكلنا النفسية وعقد الحرمان والزعل
هما ولادنا، وأكتر ناس هتدفع الفاتورة معانا.
أما جانب الماديات دا اللي أغلبنا عاطفتنا اللي بتسوقنا
فيه، وناس كتير بتوهب كل اللي معاها لولادها وبينسوا الزمن وتقلباته وبيأمنوا
المستقبل ولادهم اللي هيكونوا فيه في عز شبابهم ويقدروا يساعدوا نفسهم وبينسوا
يأمنوا مستقبلهم اللي هيبقوا فيه في كبرهم في عز ضعفهم، وهيحتاجوا ماديات تسندهم فَزَي
ما بنفكر في مستقبلهم نفكر في كبرنا هنصرف منين وإزاي منبقاش محتاجين مساعدة من
حد.
استقرار ولادكم عنكم مش معناه نهاية حياتكم ولا نهاية
دوركم في حياتهم دي بداية صفحة جديدة ليكم فيها مسؤلية أقل وضغط أقل وشوية راحة
واستمتاع، لو بس كنتوا حسبنها صح من الأول وعاملين حساب الوقت دا ومحضرين نفسكم
نفسيًّا، استقرارهم بداية جديدة ليهم كلها تحديات وصعوبات وأزمات ومجهود مضاعف
مينفعش تزودوها عليهم بالضغط والتدخل، ونوصلهم دايمًا الإحساس بالذنب والتقصير
لمجرد إن حياتكم فاضية مينفعش تدفعوهم تمن إن الحياة فضيت عليكم لأن كان بإديكم
تملوها مينفعش نتدخل في بيوتهم؛ لأن الفراغ مخلينا فاضيين فمركزين معاهم بزيادة
وبنعلق وبنتدخل في كل حاجة وبنقنع نفسنا إننا كبار وأدرى بمصلحتهم .. مش معنى كده إني
بقول نشوفهم بيغرقوا ونتفرج لا معناه بندي النصيحة لما تتطلب وبالطريقة اللي
متجرحش، ولا نلغي شخصيتهم ونصمم على رأينا.. عمر دور الأهل ما بينتهي ولا عمر
الولاد بيستغنوا عن أهلهم دي كلها أوهام وسوء تفاهم.. الأهل هما السند الدائم ولو
الأسلوب صح وسهل ومرن والتدخل بالعقل والحدود هتلاقوا ولادكو طول الوقت هما اللي
بيجروا عليكوا؛ علشان يستشيروا وياخدوا من خبرتكم..
عيشوا حياتكم بعد استقرار ولادكم بشكل جديد ومختلف كل سن
وليه حلاوته لو بس انتو قررتوا متقلبوهاش دراما، وتبصوا لنص الكوباية المليان، ولو
انتو لسة ولادكم صغيرين وفي بداية المشوار لسة اعملوا حساب الوقت دا من دلوقتي
علشان تبقى فترة حلوة في حياتكم مش فترة تبصوا فيها على اللي فات وتزعلوا على
نفسكم، حبوا ولادكم وحبوا نفسكم معاهم علشان حبكم لنفسكم ورضاكم عن حياتكم هينعكس
على علاقتكم بولادكم، وهيكون في مصلحتهم كمان.