الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

رفيدة سالمان تكتب: ما بين النسويات والجواري

الثلاثاء 30/أغسطس/2022 - 02:24 م
هير نيوز

العالم يشهد الكثير من التغيرات المتجددة، لكنني أحسب تغيرات عصرنا أسطورية يصعب تصديقها، لو عدت بك للعقود القريبة الماضية لتتذكر ما يقال وما كنا نحلم به لفهمت مدى أسطورية الوضع الحالي.


أحاول أن أبتعد بك عن الأحاديث المرهقة فكفى أن الواقع كذلك، أبحث لك عن فكرة دافئة، عن موضوع يخلو من التعقيد، عن أبسط ما يكون، عن الفطرة..


ثم أكتشف أن الفطرة ذاتها، أصبحت حقلًا للصراعات، بالطبع لا أقصد لذك الأمر المخل بالفطرة الإنسانية والذي جال بخاطرك الآن، بل أتحدث عن الفطرة ذاتها بأصلها الحقيقي، بسكنه ودفئه، وكيف أننا نلوثه بالتعقيد، فالصراع على الأمر يجعل نسبة تعقده تزداد طرديًا مع مدى بساطته في الأصل.


احتواء الأنثى لأسرتها وقوامة الرجل لبيته، دفء العالم، ومحور كون البشرية واستمرارها، أصبح الآن صراعًا واسعًا يدلو فيه كل بدلوه، لا أحد يدرك الحقيقة كاملة!


في حفل من حفلات التخرج تحدثت إحدى الطبيبات – ناصحة – لتلميذاتها أن بيتكِ وأولادكِ أولًا.


هنا علت الأصوات ونشبت الحرائق، حتى ردت إحدى النسويات بأن المرأة الناجحة في عملها تستطيع أن تكون أمًا ناجحة بجدارة، فارتفعت الأصوات في حالة حرب مزرية!


لم تخطئ الطبيبة ولم تخطيء النسوية، الكل صواب والكل لا يدرك أن الكل يجوز.


بالمناسبة أنا أعني بنسوية نسبتها للنسوة ليس إلا، في الحقيقة لا أعلم المعنى المتبلور لهذه الكلمة كما ذكرت المؤلفة الشهيرة ريبيكا ويست: "أنا نفسي لا أعرف بالضبط ماذا تعني نسوية إنني فقط أعرف بأن الناس يدعوني نسوية حين أعبر عن آراء ومشاعر تميزني عن ممسحة الأرجل".


درسنا في الأزهر الشريف أبوابًا كاملة تعلمنا كيف نوفق بين الأقوال، فالأقوال جميعها تحتمل الصحة وتتحد لتنسج ثوب الصواب الملائم لكل امرأة على حدة.


المرأة العاملة والسيدة الملهمة والأم، لكل منهن طريق مختلف لا يسبق أحد فيه أحد.


أما عن الزواج فهو شراكة، لا تنافس فيها، بل سعي لنجاح الشركة ككل، كل طرف هنا فائز بفوز الآخر ومزدهر بازدهاره.


أخبرني أبي يومًا أن المرأة أساس الأسرة وتربتها الخصبة، إن كانت التربة صالحة ناجحة سينبت منها نشء طيب، يفوق الأم نجاحًا ويرتكز في نجاحه على نجاحها في الأصل.


والتضاد تضاد، فكيف تنقسم خلية ناجحة من خلية لم تذق طعم النجاح!


ومما لا يدع مجالًا للنقاش كون النجاح بأوجه عدة – ظننت هذا واضحًا – كفتاة صعيدية نَشَأتُ في بيئة تحجم المرأة نوعًا ما، لكنها تحترم هذا الحجم وتضعه فوق قدره، فترى ربة الأسرة سيدة قصرها، بارعة في إدارة الأزمات والموارد البشرية، ربما تفوق في دورها منصب وزير هذا الشأن، هنا لا تحتاج هذه المرأة أن تحارب خارج وطنها لتثبت أنها كائن يتميز عن ممسحة الأرجل! فلا تعارض بين نجاحها وبيتها، وإن تعدى نجاحها حدود بيتها ليخرج نجاحًا عامًّا لأسرتنا الإنسانية الكبيرة فذلك خير، لكنه لا يعدو كونه اختيارًا ليس فضلًا ولا منة.


وفي المثل الصحيح، ترى الرجل قوّام يسعى وينجح، لا لأجل إنجازات يضعها في صحيفة عمله وإنما لأن نجاح هذه الشركة مستمد منه.


 في الحقيقة أسطورة الكائن الأسمى تظل أسطورة، والصراع عليها لا طائل منه، كل منا جاء هنا من أجل الآخر، لا لم يأت أحد من أجل نفسه.


ads