راندا الهادي تكتب: مافيش تربية.. مافيش فايدة !!
رغم أنني من أنصار نشر الطاقة الإيجابية، وضرورة التفاؤل
حتى في أحلك الظروف، والذي لا ينبع بالمرة ( التفاؤل ) من رضا بالحياة التي
نعيشها، و إنما يعود إلى ثقتي في الله وجبره لأمثالي من الغلابة؛ فأنا أم وهذا
يكفي، وأربي بنات وهذا ذروة النضال.
أي نعم يا سادة، أن تربي أجيالًا في هذا العصر - إن لم
أبالغ - كالجهاد في ميادين الحروب، لا بل أشق؛ ففي ساحة الحرب عدوك واضحٌ
بَـيـِّنٌ مُعْلِنٌ عن نفسه، لكن في ساحة التربية، العدو خفي متلون ومتغير.
في يوم من الأيام - التي لا تتكرر كثيرا - كنت جالسة مع
صديقة عمري، بعدما سرقنا عدة ساعات من دوامة البيت وتربية الأبناء وإرهاق العمل،
وبدأنا في تشغيل ( أسطوانتنا المشروخة ) عن الأولاد، وتعبنا في تربيتهم، ومسؤوليات
الحياة وضغوطها، لنصل في النهاية إلى الخاتمة المقدسة القريبة لقلوبنا: لماذا غاب عنا الشعورُ بالفرحة للتفاصيل الصغيرة التي
كانت فيما سبق تسعدنا أيما سعادة؟!!
ورغم تعودي على أسطوانتنا واستمتاعي بها، وقفتُ أمام
جملة قالتها لي صديقتي في عفوية، قبل أن نودع بعضنا، ألا وهي: يا حبيبتي التربية
السليمة رزق من الله، من الممكن أن تكوني كبير المتخصصين في عالم التربية وفاشلة
مع أبنائك!!
صدمتني الجملة، ودفعتني للبحث على شبكة الإنترنت عن أحدث
الدراسات والبحوث العلمية في مجال التربية والتعامل مع النشء، فوجدتُ حقيقة راسخة
أجمعَ عليها العلماء على اختلاف مشاربهم
وهي (القدوة)، كن قدوةً صالحةً لأبنائك؛ فلا توجد فائدة من ساعات طويلة من
التوجيه بخطورة التدخين وضرره على الصحة وأنت مدخن !! ولا جدوى من التحذير من
الوجبات السريعة وأكل الشارع وأنتِ ترحبين به كلما منعتكِ ظروفُ العمل وضغوطُه عن
الاهتمام بإعداد وجبة صحية ولو بسيطة لأبنائك !! أين التربية؟!
ببساطة… هذا التناقض بين كلامكِ وفعلكِ أمام أولادكِ،
يُفقدكِ المصداقية عندهم، بل ويطيح بأي محاولات لكِ في المستقبل للعب دور الناصح
الأمين والمربي الفاضل. إذن التربية سلوك وليست كلامًا، وأصابت صديقة عمري عندما
قالت: إنها رزق، رزقٌ أن يَهديكِ اللهُ ويُصلحَ حالكِ، فيَصلُحَ الأبناء.. ( غير
ذلك مافيش تربية .. مافيش فايدة ) !!
وصدق من سبقونا عندما قالوا: إن تربية الأبناء يجب أن تبدأ قبل ولادتهم بعشرين عامًا، وذلك
بتربية آبائهم.