الإفتاء تحسم الجدل حول حكم مقاطع "اليوتيوبرز والتيكتوكرز"
الإثنين 08/أغسطس/2022 - 12:01 م
حسن الخطيب
تزايدت ظاهرة أعمال الأشخاص عبر تصوير مقاطع فيديو ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير، خاصة بعد إتاحة هذه المنصات المشاركة للجميع من أجل نشر المقاطع الخاصة بهم.
وقد لاقت هذه الأعمال رواجًا كبيرًا وأصبحت مصدرًا لجني الأرباح، وأصبح لهذه المقاطع جمهورًا عريضًا بالملايين، ولها أشخاص يطلقون على أنفسهم "يوتيوبرز وتيكتوكرز" وغير ذلك من المسميات.
وتعج تلك المنصات بالمقاطع المختلفة لأشخاص من كل أنحاء العالم؛ ولهذا تم توجيه سؤال لدار الإفتاء المصرية يقول فيه السائل: "انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة اليوتيوبرز الذين يقومون بنشر مقاطع فيديو مُصوَّرة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم. فما حكم ذلك؟".
الجواب
أجابت دار الإفتاء بقولها: "مصطلح اليوتيوبرز وغيره من المصطلحات المرتبطة بمواقع التواصل،" يُطْلَق على صانعي المحتوى المرئي في تلك المواقع، وتزداد شهرتهم من خلال المحتوى الذي يُقَدِّموه من حيث نوعه، وجودة إخراجه، والمخاطَب به؛ حتى إنَّ بعض الأشخاص لشهرتهم قد امتهنوا هذا الأمر؛ نظرًا لما يدره عليهم من ربحٍ نتيجة التفاعل على ما يُقَدِّمونه بالتعليق، أو الإعجاب، أو المشاركة من الآخرين".
ومن المحتوى الذي لوحظ تقديمه من قِبَلهم نَشْر بعضهم الشؤون اليومية الخاصة به وبأسرته؛ كأماكن جلوسه في بيته مع زوجته، ومواضع نومه، ومقر اجتماعه للأكل والشرب مع عائلته؛ حتى وصل الهوس لنشر كواليس نومه واستيقاظه، وتحركات أطفاله، بل ودخوله للخلاء!.
اقرأ أيضًا..
والبَثُّ والبَسْط للشؤون الشخصية ومشاركة الآخرين لمشاهدة ذلك يفرق فيه بين حالين؛ أولهما: ما يصح إِطْلاع الغير عليه. وثانيهما: ما لا يصح إِطْلاع الغير عليه.
تفاصيل الحياة العادية
فالأول؛ كتفاصيل الحياة العادية التي لا يَأنَف الشخص من معرفة الغير بها؛ كعنوان بيته، وشَكْله، ونوع سيارته، ونحوه مما يدل على أَنَّ ناشر ذلك له ذوق مناسب وسط البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها؛ فهذا أمر لا مانع منه شرعًا، وقد يندرج هذا الفعل تحت التَّحدُّث بنعمة الله على المرء الذي ندب إليه الشرع الشريف في قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾.
وأما النوع الثاني؛ فهو ما يُعيَّب به المرء مما لا يجوز للغير الاطلاع عليه؛ ونشر ذلك رغبةً في زيادة التفاعل -بالتعليق أو الإعجاب أو المشاركة- حول ما يُنْشَر مذموم شرعًا؛ لأنَّه من قبيل إشاعة الفاحشة في المجتمع، وهي جريمة حَذَّر منها الحق سبحانه وتعالى؛ في قوله: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾.
الستر والاستتار
وأوضحت الإفتاء بأن نشر وبَثَّ مثل هذه المقاطع المصورة التي لا يصح إِطْلاع الغير عليها يتنافى كليًّا مع حَثِّ الشرع الشريف على الستر والاستتار؛ لأنَّ أمور العباد الخاصة بهم مبنية على الستر؛ فلا يصح لأحد أن يكشف ستر الله عليه ولا على غيره؛ وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ».
نشر الخصوصيات
إضافة لذلك: فإنَّ نشر هذه الخصوصيات بهذه الكيفية المذمومة هو مِن طلب الشُّهْرة الذي كَرِهه السلف الصالح، ويندرج تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ».
وبناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فبَثُّ ونَشرُ "اليوتيوبرز وغيرهم" المقاطع المصورة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم لزيادة التفاعل –تعليقًا أو مشاركةً أو إعجابًا- حولها؛ إن كان مما يصح إطلاع الغير عليه فلا مانع منه شرعًا.
وإن كان مما لا يجوز للغير الإشعار به مما يُعَيَّب به المرء؛ فنشره عَمَلٌ محرَّم شرعًا، وهو مُجَرَّم قانونًا أيضًا؛ وذلك لما فيه من إشاعة الفاحشة في المجتمع، وهي جريمة أناط بها الشرع الشريف عقوبة عظيمة؛ إضافة لما يحويه هذا النشر بهذه الكيفية من التعارض الكلي مع حَثِّ الشرع الشريف على الستر والاستتار.
اقرأ
أيضًا..