سليمة عبدالرحيم.. طبيبة تحدت البادية وحققت حلمها بـ20 جنيهًا
من المعهود دائما في تلك الحقبة الزمنية التي
ولدت بها نموذجنا النسائي، صعوبة تعلم الفتيات وأخذ حقوقهن كاملة مثل الأولاد، خاصة في
مجتمعات البادية بمحافظة مرسى مطروح؛ وهذا لأنهم يرون أن الفتيات لا يسببن إلا
المشكلات لقبائلهن، ولكن تأتي تلك السيدة التي تمسكت بحلمها دون التخلي عن
عادات وتقاليد القبائل المتبعة في ذلك الزمان، إنها سليمة عبدالرحيم، ابنة قرية
المقتلة بمحافظة مطروح.
ولدت سليمة عام 1955 بقبيلة (الشرصات) بقرية المقتلة التابعة لمدينة سيدي براني غرب مطروح؛ حيث كان أبوها مزارعًا وأمها بدوية، وحينما أتمت الصغيرة الخامسة انتقلت مع والدها ضمن مشروع مزارع جهاز تنمية الساحل الشمالي الغربي لتنمية مطروح ببيت من دور واحد من الطين.
الاعتماد على النفس
وفي عمر الثامنة تمكنت من محو أميتها معتمدة على نفسها، وهذا لأنها كان لزامًا عليها تربية أخيها الصغير كما كان متبعًا في ذلك الوقت، فوكل لها والدها مهمة اصطحاب أخيها الصغير الذي كانت تكبره بعامين إلى المدرسة، فكانت تطلع على واجبات أخيها المدرسية فلفتت أنظارها الأرقام والحروف وأخذت تتدرب على كل ما تراه من واجبات حتى تمكنت من تعلم القراءة والكتابة وهي في سن الثامنة، واستطاعت تحقيق المعادلة الصعبة في ذلك الوقت وأثبتت أنها فتاة مختلفة وتفوقت في المرحلتين الابتدائية والإعدادية.
حق التعليم
ولم تترك القبيلة بطلتنا تنعم بحق التعليم الذي هو أصيل لكل إنسان وطالبوها بالتخلي عن دراستها عندما انتقلت إلى المرحلة الثانوية، والزواج المبكر وهذا ما لم ترضخ له سليمة، ولم يساندها إلا تفوقها، ثم تمكنت بعد ذلك من دخول الجامعة ولكن بعد حزن كبير سكن بداخلها؛ بسبب مطالبة أبيها لها بالتوقف عن استكمال الدراسة لتتوجه هي في اليوم التالي إلى مكتب المحافظ وتخبره أن لها سبعة من الإخوة وأباها راتبه بسيط وهي تريد أن تكمل تعليمها ليصرف لها المحافظ 20 جنيهًا؛ لتعود تغمرها السعادة وتسعى نحو تحقيق حلمها.
اقرأ
أيضًا..
بطلة للإنسانية على أرض مصر.. حكاية "سارة محمد" في الهلال
الأحمر| فيديو
تقاليد وعادات
وفي عام 1983 حصلت سليمة على بكالوريوس الطب البيطري من جامعة الإسكندرية، ولكن كان ذلك بعد تحذيرات والدها لها بعدم خرق أي تقاليد أو العادات التي تربت عليها، وإلا فسيجعلها تعود إلى مطروح وتتسبب في عدم تعليم إخوتها.
أصرت الطبيبة المقاتلة على حلمها، وفي فبراير من العام التالي عينت بمديرية الطب البيطري بمطروح ثم في مارس من ذات العام التحقت بمنظمة الفاو وحصلت على منحة دراسية تابعة للمنظمة وتلك كانت نقطة التحول بحياتها المهنية.
مسيرة حافلة بالإنجازات
سافرت الدكتورة سليمة إلى العديد من الدول مثل بريطانيا وأمريكا والمغرب وكينيا وليبيا بحكم انضمامها إلى منظمة العمل الدولي وبرنامج الغذاء العالمي، ثم انضمت في عام 1988 إلى هيئة المعونة الألمانية، وفي عام 2010 أصبحت عضوة بمجلس النواب.
ولا تزال الدكتورة سليمة عبدالرحيم، تواصل جهودها لتنمية البيئة والاهتمام بالمرأة البدوية من خلال عملها كمقرر للمجلس القومي للمرأة بمطروح ومؤسس ورئيس الجمعية الخيرية للأيتام وتلاميذ المدارس، بالإضافة إلى رئاسة مجلس إدارة الهلال الأحمر بالمحافظة.
تلك هي المرأة المصرية وبالأخص البدوية الساعية خلف حلمها، فلم تيأس تماما رغم كل ما واجهها من تحديات وصعوبات، حقا إن المرأة المصرية هي المرأة الحديدية.
اقرأ
أيضًا..
ابنة لاجئ أفغاني.. أول عضوة محجبة في البرلمان الأسترالي.. صور