الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

إنعام كجه جي تكتب: هذا مناخ لا أعرفه

الثلاثاء 02/أغسطس/2022 - 04:28 م
هير نيوز

لأعترف أنني بدأت اهتماماتي بالبيئة في وقت متأخر.

كنت أرى تظاهرات يرفع السائرون فيها لافتات تطالب بوقف المفاعلات النووية، أو محاربة اصطياد الفيلة وذبح حيوان الفقمة، أو الاحتجاج على استخدام الفحم كمصدر للطاقة. ولاحظت أن السائرات في تلك التظاهرات والمتحمسات لها أكثر من السائرين.

هل هي قضية تمسّ النساء؟

سألت صديقة لي وقالت إن المرأة تقلق من التلوث المتزايد للبيئة لأنه يتفاقم ويهدد الأجيال المقبلة، أي أبناءها وأحفادها.

لكنني لم أعر الأمر كثير أهمية. كنت، وما زلت، مؤمنة بأن من خلق الأرض كفيل بإدامتها.

أما متاجر الطعام الطبيعي فقد كنت أمر بها ساخرة ولا أضع فيها قدماً. هي بالنسبة لي نوع من الضحك على ذقون البسطاء.

بدأنا نسمع عن الاحتباس الحراري. ولم أفهم معنى المصطلح في البداية. وقرأت عنه وفهمته إلى حد ما. لكن الموضوع لم يرعبني وتغيرات الطقس لا تخيفني. جئت من بلد تتجاوز درجة الحرارة فيه الخمسين خلال الصيف وأعيش في بلد تنخفض الحرارة فيه دون الصفر في الشتاء. يعني «متعودة».

تحذرنا نشرات الأخبار من ارتفاع ضار في نسبة تلوث هواء العاصمة وتنصحنا بأن نلزم بيوتنا.

تقرر البلدية منع سير السيارات والشاحنات في أيام محددة، تخفيفاً للتلوث.

أرى السياح اليابانيين يتجولون وقد ارتدوا الكمامات، وكان ذلك قبل الجائحة بسنوات، أيام لم يكن أحد يتكمم سوى جراحي غرف العمليات.

هل يخاف أهل اليابان على أنفسهم أكثر منا.. هم الذين جربوا ويلات القنبلة الذرية؟

ثم بدأت الطبيعة تلعب معنا ألعاباً غير حميدة ولا لطيفة.

هذا أقل ما يقال عنها إنها ألعاب مخيفة. نطفئ التلفزيون وننام في صيف قائظ، دون أن نتغطى، ونصحو على صوت رعود وبروق وزخات مطر وتساقط حبّات من البَرد في حجم البيضة.

قطع ثلج تهبط من السماء فتكسر زجاج السيارات وتحطم السقوف القرميدية للبيوت.

أرى عواصف الرمل تهب بضراوة وتتابع على بغداد، مسقط رأسي، وتخنق الرضع والمسنين. تتحول المدينة إلى غمامة من اللون البني تكتم على الأنفاس وتصيب الأعين بالتهابات شتى.

تخرج الأنهار عن مساراتها في بلاد أخرى وتجتاح القرى والمدن.

تقوم عواصف تقلب السفن وتهطل سيول تجرف السيارات وتقتلع الأشجار المعمرة وتلقي بها فوق رؤوس البشر.

هذا مناخ لا أعرفه ولا أحبه. وأقرأ في الأخبار أن العام الماضي عرف عشر كوارث طبيعية، وكانت كلفة الدمار الذي تسببت فيه 170 مليار دولار، عدا عن آلاف الوفيات.

ها هي الطبيعة تخاصمنا لأننا اعتدينا عليها وقسونا على أشجارها وأفسدنا نظامها ولم نلتفت لشكواها.

وها هي تعلن غضبتها الكبرى وتهدد بما هو أدهى.

حان الوقت لأن نأخذ إشارات ضيقها مأخذ الجد ونبادر إلى مصالحتها. هل يكفي أن نبدأ باستخدام أكياس الورق بدل البلاستيك؟


نقلا عن: كل الأسرة

ads