إجبار الأولاد على مقاطعة أهل أمهم وامتناع الأب عن تجهيز ابنته.. «الإفتاء» تُجيب
أرسلت سيدة إلى دار الإفتاء المصرية سؤالا، تستفتيها فيه وتسأل: هل يجوز شرعًا للأب أن يمنع أبناءه من رؤية جدهم لأمهم، وكذلك يمنعهم من رؤية أهل الأم؟ وهل يجوز للأب أن يمتنع عن تجهيز ابنته والإنفاق عليها في تعليمها عند امتناعها عن تنفيذ أمره بعدم زيارة جدها لأمها أو أهل أمها؟ وهل يجوز للأب أن يمنع ابنته من الميراث إذا برت أهل أمها؟
وتعرض «هير نيوز» لكِ سيدتي الإجابة عن تلك الأسئلة من خلال فتاوى دار الإفتاء المصرية وفتوى الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، مفتي الجمهورية السابق..
حُكم منع الأولاد من صلة رحم أهل أمهم
ويقول الدكتور علي جمعة محمد، مفتي الجمهورية السابق، إنه لا يجوز شرعًا للأب أن يمنع أبناءه من جدهم لأمهم، أو من رؤية أهلهم، ولا يجوز له عند امتناعهم عن تنفيذ هذه الأوامر الصادرة لهم منه أن يوقف أو يضيق نفقته عليهم، أو أن يمتنع عن تجهيز بنته التي لا تطيعه فيما حرم الله تعالى من قطع الأرحام، ولا يجوز له أن يمنع هذه الابنة من ميراثه جرّاء ذلك، ولكن نوصي هذه الابنة وأمثالها بألَّا تقابل ذلك من أبيها بالجفاء وسوء الأخلاق؛ فلا تقابل الإساءة بالإساءة، وإن كان لا طاعة للأب في معصية الله تعالى إلا أنه لا يزال الأب أبًا له حقوقه الشرعية على أولاده، ولا يزال الأولاد أولادًا عليهم واجبات شرعية تجاه آبائهم وأمهاتهم أحياءً وأمواتًا؛ لا تسلبها ولا تنقصها سوء تصرفات الوالدين، ولا حتى خروجهم عن الدين والعياذ بالله تعالى.
وصل الأرحام
أمرنا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بوصل الأرحام، ونُهِينا في القرآن والسنة عن قطعها؛ فقال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: 36]، وقال سبحانه: ﴿وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: 1]، أي: اتقوا الأرحام أن تقطعوها، وقال عز من قائل: ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ۞ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد: 21، 22]، وقال تبارك وتقدس متوعدًا قاطعي الأرحام: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ [الرعد: 25].
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» متفق عليه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَاكَ لَكِ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيۡتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ۞ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ۞ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرۡءَانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾» متفق عليه، وفي رواية البخاري: فقال الله تعالى: «مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ».
طاعة الوالدين
إنفاق الأب على أولاده