هل يجوز أن تحضر الحائض غسل ابنها المتوفى؟.. «الإفتاء» تُجيب
ورد إلى دار الإفتاء المصرية تساؤلا جاء فيه "مَا حُكم حضورِ الحائضِ غسلَ الميت وتكفينَه إذا أوصى بذلك؟ مع العلم بأنها من محارم الميت".
وأجابت
دار الإفتاء المصرية أنه من سنن الله تعالى في خلقه أن جعل للمرأة طبيعةً وهيئةً خِلْقيةً
خاصة بناءً على تكوينها الجسماني وخصائصها التي خلقها الله تعالى عليها، وأقامها في
الوظائف التي تتناسب مع هذه الخصائص، ورتَّب لها الأحكام الشرعية في عباداتها ومعاملاتها
على وَفقِ هذه الطبيعة.
ومما اقتضته
طبيعة المرأة: اختصاصها بالعادة الشهرية التي ينزل فيها دم فاسد منها، لا عن مرضٍ أو
نصبٍ، وهو "الحيض"، ومعناه السيلان، وهو دم جبلةٍ -أي: تقتضيه الطباع السليمة-
يخرج من أقصى رحم المرأة، بعد بلوغها، على سبيل الصحة، من غير سببٍ، في أوقاتٍ معلومةٍ؛
كما قاله العلَّامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 277،
ط. دار الكتب العلمية).
وهو مما كتبه
الله تعالى على النساء وليس لهن يدٌ فيه؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن أم المؤمنين
عائشة رضي الله عنها، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: «نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ
مِنَ الْمَسْجِدِ»، فقالت: إني حائض، فقال: «إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ»
رواه مسلم وأصحاب "السنن".
وعن منبوذ
المكي أنَّ أمه أخبرته أنها كانت جالسة عند ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله
عليه وآله وسلم، إذْ دخل عليها ابن عباس رضي الله عنهما، فقالت: "مَا لِي أَرَاكَ
شَعِثًا رَأْسُكَ؟" قال: "أمُّ عمار مُرجِّلتي حائضٌ"، فقالت:
"أيْ بُنيَّ، وأين الحيضةُ من اليد؟ لقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدخل
على إحدانا وهي متكئةٌ حائضٌ قد علم أنها حائضٌ فيتكئ عليها، فيتلو القرآن وهو متكئٌ
عليها، أو يدخل عليها قاعدةً وهي حائضٌ فيتكئ في حجرها، فيتلو القرآن وهو متكئٌ في
حجرها، وتقوم وهي حائضٌ فتبسط له الخُمْرَةَ في مُصَلَّاهُ، فيصلِّي عليها في بيتي.
أيْ بُنَيّ، وأين الحيضة من اليد؟" رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في "مصنفيهما"،
وأحمد وأبو يعلى في "مسنديهما"، والنسائي في "المجتبى" و"السنن
الكبرى"، والطبراني في "الكبير".
وعن أم المؤمنين
عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فَحِضْتُ،
فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أبكي، فقال: «ما لَكِ، أنَفِسْتِ؟»
قلت: نعم، قَالَ: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي
مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» متفق عليه.
قال العلَّامة
ابن بطَّال في "شرح صحيح البخاري" (1/ 411، ط. دار الرشد): [هذا الحديث يدلُّ
على أنَّ الحيض مكتوب على بنات آدم فمن بعدهن من البنات؛ كما قال صلى الله عليه وآله
وسلم، وهو من أصل خلقتهن الذى فيه صلاحُهُنَّ، قال الله تعالى في سيدنا زكريا عليه
السلام: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴾
[الأنبياء: 90]. قال أهل التأويل: يعنى ردَّ الله إليها حيضها لتحمل، وهو من حكمة الباري
الذى جعله سببًا للنسل؛ ألا ترى أنَّ المرأة إذا ارتفع حيضها لم تحمل، هذه عادةٌ لا
تنخرم] اهـ.
والشرع لَمّا
منع المرأة الحائض من أداء بعض العبادات أثناء الحيض جوَّز لها الذكر وقراءة القرآن
في بعض الحالات مما هو موضع تفصيلٍ عند الفقهاء، وجوَّز لها المرور في المسجد، ولم
يأمر بمنعها من حضور مواطن الذكر والدعاء؛ بل أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإحضار
الحُيَّض صلاةَ العيدين حتى يشهَدْنَ الخير ودعوة المسلمين؛ كما في حديث أم عطية رضي
الله عنها في "الصحيحين". زاد البخاري عن حفصة بنت سيرين: فقلتُ: أَلْحَائض؟
فقالت: "أَوَلَيْسَ تَشهدُ عرفةَ، وتَشهد كذا وتَشهد كذا؟"، وزاد مسلم:
"الْحُيَّضُ يَخْرُجْنَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، يُكَبِّرْنَ مَعَ النَّاسِ".
والمرأة لم
تنجُس بهذا الحدث العارض؛ بل النجاسة تكون في الخارج منها وهو الدم وحده، وقد بيَّن
صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بقوله: «إِنَّ المُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ» متفق عليه.
قال العلَّامة
ابن بطَّال في "شرح البخاري" (10/ 547): [وصف المؤمن بالنجاسة إنما هو إخبارٌ
عن حال مباشرة الصلاة، ونقض غسله ووضوئه، ألا ترى سماع عائشة رضي الله عنها قراءة الرسول
صلى الله عليه وآله وسلم وهي حائضٌ، والسماع عملٌ من أعمال المؤمنين مدخورٌ لهم به
الحسنات ورفع الدرجات] اهـ.
كما أن الشرع
لَمّا حرَّم على الرجل جماع امرأته في حال الحيض لم يأمره باجتنابها، بل أباح له الاستمتاع
بها فيما عدا بين السرة والركبة.
ومما نص الفقهاء
على جوازه للمرأة الحائض: حضورُها غسلَ الميت وتكفينه؛ فإن مذهب جمهور الفقهاء أنه
يجوز للمرأة الحائض أن تحضر احتضار الميت وتغسيله وتكفينه وتجهيزه، بل إن منهم من نصَّ
على جواز مباشرتها لذلك:
فقد روى ابن
أبي شيبة في "المُصنِّف" عن علقمة، أنَّه جاءته امرأة، فقالت: إني أعالج
مريضًا، فأقوم عليه وأنا حائض؟ فقال: "نعم، فإذا حضر فاجتنبي رأسه". وعن
الحسن: "أنه كان لا يرى بأسًا أن تحضر الحائض الميت". وعن عطاء قال:
"لا بأس أن يغسل الميتَ الحائضُ والجنبُ".
وروى أبو محمد
الرامَهُرْمُزِي بِإِسْنَادٍ له: أَن امْرَأَةً وقفت على مجلسٍ فيه يحيى بن معين وأبو
خيثمة وخلف بن سالم في جماعة يتذاكرون الحديث، فسألتهم عن الحائض تغسل الموتى، وكانت
غاسلة، فلم يجبها أحد منهم، وجعل ينظر بعضهم إلى بعض، فأقبل أبو ثور فقالوا لها: عليك
بهذا المقبل، فالتفتت إليه فسألته، فقال: نعم، تغسل الميت لحديث عائشة رضي الله عنها،
فإذا فعلت هذا برأس الحي فرأس الميت أولى فقالوا: نعم، رواه فلان، وحدثنا فلان. فقالت
المرأة: فأين كنتم إلى الآن؟ ذكره ابن الجوزي في "كشف المشكل" (4/ 288، ط.
دار الوطن).
قال الحافظ
ابن رجب الحنبلي في "فتح الباري" (2/ 16، ط. مكتبة الغرباء الأثرية): [واستدل
جماعة مِن الفقهاء بترجيل الحائض رأس الحي وغسله على جواز غسلها للميت، مِنهُم: أبو
ثور، وله في ذَلِكَ حكاية معروفة، إذ سئل عَن هَذهِ المسألة جماعة مِن أهل الحديث فلم
يهتدوا للجواب، فأجاب أبو ثور بالجواز، واستدل بهذا الحديث، وبحديث: «إِنَّ حَيْضَتَكِ
لَيْسَتْ فِي يَدِكِ». وحكي عَن أحمد نظير هَذهِ الحكاية بإسنادٍ فيهِ بعض مِن لا يُعرف.
وممَّن رخص في تغسيل الحائض والجنب للميت: عطاء والثوري، ورخص الحسن للجنب أن يغسل الميت، وحكى الإمام أحمد عَنهُ، أنَّهُ قالَ في الحائض: لا تغسل الميت، وعن علقمة أنَّهُ قالَ: تغسله.
واختلفت الرواية
عَن أحمد فيهِ، فروي عَنهُ أنَّهُ قالَ: لا بأس بذلك. وروي عَنهُ أنَّهُ رخص دونَ الحائض
إلا للضرورة، وقد تقدم عَنهُ رواية أخرى بالرخصة للحائض مطلقًا، وأنَّ في إسنادها نظرًا.
وكره علقمة
والنخعي والثوري وأحمد أن يحضر الجنب والحائض عند الميت عند خروج روحه؛ لما روي مِن
امتناع الملائكة مِن دخول البيت الذِي فيهِ الجنب.
وفي الجملة:
فبدنُ الحائض طاهرٌ وعرقُها وسؤرُها؛ كالجنب، وحكى الإجماعَ على ذَلِكَ غيرُ واحدٍ
مِن العلماء] اهـ.
وبهذا جاءت
عبارات الفقهاء أصحاب المذاهب المُتَّبعة:
قال العلَّامة
ابن نُجَيم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 184، ط. دار الكتاب الإسلامي):
[ولا يمتنع حضور الجنب والحائض وقت الاحتضار] اهـ.
وقال العلَّامة
ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (2/ 209، ط. دار الغرب الإسلامي):
[مسألة: قال مالك: لا أُحب للجنب أن يُغسل الميت حتى يغتسل؛ لأن أمرَه يسير، ولا بأس
بالحائض أن تُغَسِّلَ الميت] اهـ.
وقال الإمام
النووي الشافعي في "المجموع" (5/ 187، ط. دار الفكر): [يجوز للجنب والحائض
غسل الميت بلا كراهة، وكرههما الحسن وابن سيرين، وكره مالك الجُنب، دليلنا: أنهما طاهران
كغيرهما] اهـ.
وقال الإمام
ابن قدامة الحنبلي في "المُغني" (2/ 236، ط. مكتبة القاهرة): [ولا نعلم بينهم
اختلافًا في صحة تغسيلهما وتغميضهما له، ولكن الأولى أن يكون المتولي لأموره في تغميضه
وتغسيله طاهرًا؛ لأنه أكمل وأحسن] اهـ.
غير أنَّ بعض
العلماء كرهوا حضور الحائضِ غسلَ الميت وتكفينَه، ووجهُ ذلك عندهم: ما ورد في الحديث
من أن الملائكة لا تقرب الجنب، وجاء ذكر الحائض في بعض الروايات:
فعن عبد الله
بن نُجَيٍّ، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلَّم: «لَا تَدْخُلُ الْمَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلا كَلْبٌ
وَلا جُنُبٌ» رواه أَبُو دَاوُد الطيالسي وأحمد والبزار وأبو يعلى في "مسانيدهم"،
والدارميُّ وأبو داود والنسائي وابن ماجه في "سننهم"، وابن حبَّان في
"الصحيح"، والحاكم في "المُستدرك"، والبيهقي في "السنن الكبرى".
وعن عمّار
بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ
لَا تَحْضُرُ جِنَازَةَ الْكَافِرِ بِخَيْرٍ، وَلَا الْمُتَضَمِّخَ بِالزَّعْفَرَانِ،
وَلَا الْجُنُبَ»، ورخَّص للجنب إذا أراد أن يأكل أو ينام أن يتوضأ. أخرجه عبد الرزاق
وابن أبي شيبة في "مصنفيهما"، وأبو داود الطيالسي وأحمد والبزار وأبو يعلى
في "مسانيدهم"، وأبو داود في "السنن"، والترمذي في "الجامع"
مختصرًا وصححه. وفي رواية لأبي داود: «وَالْجُنُبُ، إِلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ»، وفي
رواية عند البزار عن ابن بريدة عن أبيه مرفوعًا: «وَالْحَائِضُ، أَوِ الْجُنُبُ».
وعن ميمونة
بنت سعد رضي الله عنها مولاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: قلت: يا رسول الله
هل يرقد الجنُبُ؟ قال: «مَا أُحِبُّ أَنْ يَرْقُدَ وَهُوَ جُنُبٌ حَتَّى يَتَوَضَّأَ
وَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يُتَوَفَّى فَلَا يَحْضُرهُ جِبْرِيلُ
عَلَيْهِ السَّلَامُ» رواه الطبراني في "المعجم الكبير". قال الحافظ السيوطي
في "تنوير الحوالك" (1/ 53، ط. المكتبة التجارية): إسناده لا بأس به.
قال العلَّامة
الزرقاني المالكي في "شرح مختصر خليل" (2/ 167، ط. دار الكتب العلمية):
[(و) نُدِبَ (تجنُّب)؛ أي: بُعْد (حائض وجنب له) عن البيت الذي هو فيه -المازري-؛ لأنَّ
الملائكة لا تدخل بيتًا فيه جُنُبٌ أو حائضٌ، والظاهر: أنَّ النُفَساء كالحائض] اهـ.
وقال العلَّامة
الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 414، ط. دار الفكر): [(و) ندب (تجنب
حائض) ونفساء (وجنب له): لأجل الملائكة] اهـ.
وقال العلَّامة
الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 6، ط. دار الكتب العلمية):
[(قوله: قيل ويحرم إلخ) عبارة "المغني" ويكره للحائض أن تحضر المحتضر وهو
بالنزع؛ لِمَا وردَ أنَّ الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلبٌ ولا صورةٌ ولا جنبٌ، ويُؤخَذُ
مِن ذلك: أنَّ الكلبَ والصورة وغير الحائض -ممَّن وجبَ عليه الغسلُ- مثلُها] اهـ.
ومن الشافعية
من قال بالتحريم؛ قال العلَّامة الدَّميري الشافعي في "النجم الوهَّاج"
(1/ 493، ط. دار المنهاج): [وفي "الرونق" و"اللباب": يحرم عليها
-أي الحائض- حضور المحتضر، فإن كان لأجل حضور الملائكة ليكن الجنب كذلك؛ لما تقدم أنَّ
الملائكة لا تدخل بيتًا فيه جنب] اهـ.
غير أن القول
بالحرمة هنا غير معتمدٍ عند الشافعية، بل ضعَّفه فقهاء المذهب، والمعتمد عندهم جواز
حضور الحائض والجنب غسل الميت بلا كراهة؛ كما سبق في كلام الإمام النووي.
قال العلَّامة
ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تُحفة المُحتاج" (3/ 184، ط. المكتبة التجارية
الكبرى): [(ويغسل الجنب والحائض) ومثلهما النفساء (الميت بلا كراهة)؛ لأنهما طاهران،
وفيه تضعيفٌ لِمَا قاله المحاملي من حرمة حضورهما عند المحتضر، وَوَجهٌ بِمَنعِهِمَا
لملائكة الرحمة لما في الخبر الصحيح: «أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ
جُنُبٌ»؛ إذ لو نظر لذلك لحرم تغسِيلُهُمَا له أيضًا، ولا قائل به، وَتَوَهُّمُ فَرْقٍ
بَيْنَ الْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّتِ لا يُجدي؛ لاحتياج كُلٍّ إلى حضور ملائكة الرحمة]
اهـ.
والتحقيق أن المقصود في هذه الأحاديث بالجنب والحائض اللَّذَيْنِ لا تحضرهما الملائكة: من ترك الغسل تهاونًا فيه، لا كل جنب أو حائض:
قال العلَّامة
الطيبي في "شرح المشكاة" (3/ 821، ط. مكتبة الباز): [وأما امتناعهم عن البيت
الذي فيه الجنب: فلأنه ممنوع عن معظم العبادات، والمراد به الجنب الذي يتهاون في الغسل،
ويؤخِّرُهُ حتى يمر عليه وقت الصلاة، ويجعل ذلك دأبًا وعادةً له، فإنه مستخِّفٌ بالشرع،
متساهلٌ في الدين، لا أي جنب كان؛ لما ثبت من تأخيره صلى الله عليه وآله وسلم غسل الجنابة
من موجبه زمانًا، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يطوف على نسائه بغسلٍ واحدٍ، وكان
ينامُ بالليل وهو جُنُب] اهـ.
وقال العلامة
المناوي في "التيسير شرح الجامع الصغير" (1/ 478، ط. مكتبة الإمام الشافعي):
[والمراد بالحائض والنفساء: من انقطع دمه منهما وأمكنه الغسل فلم يغتسل] اهـ.
وأمَّا من
لم يتساهل في الغسل: فتركه حضورَ غسل الميت محمول على الأولوية، فإذا كان لحضوره حاجة
فلا كراهة؛ إذ المقرر في قواعد الفقه أنَّ الكراهة تزول لأدنى حاجة.
قال العلَّامة
الطحطاوي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 563، ط. دار الكتب العلمية):
[إخراجهم على سبيل الأولوية إذا كان عن حضورهم غِنًى، فلا ينافي ما ذكره الكاكي من
أنه لا يمتنع حضور الجنب والحائض وقت الاحتضار، ووجه عدم الإخراج أنه قد لا يمكن الإخراج
للشفقة أو للاحتياج إليهن] اهـ.
وعلى ذلك:
فإن حضور الحائض غسلَ الميت جائز عند جماهير الفقهاء، والكراهة محمولة على من تترك
الغسل تهاونًا فيه وتضييعًا للفرائض، ومع ذلك فإن الكراهة تزول عند الاحتياج لحضورها
أو الوصية بذلك؛ لِمَا تقرر في قواعد الفقه من أن الكراهة تزول لأدنى حاجة. هذا كله
مع مراعاة أن الكلام في حضور الحائض الغسلَ لا في تغسيلها الميت، ومع مراعاة غض البصر
عن العورات.
وبناء على
ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز للحائض المحرم أن تحضر غسلَ الميت وتكفينَه، ويتأكد الجواز
إذا أوصى المتوفى بذلك.
اقرأ أيضًا..