في ذكرى الإسراء والمعراج.. عبادات تُقربك من الله
بعدما أعلنت دار الإفتاء المصرية أن ليلة الاثنين
القادم هي ليلة الإسراء والمعراج، وأنها تبدأ من مغرب
يوم الأحد 27 فبراير حتى فجر الاثنين 28 فبراير، بدأ كثير من
المسلمين يتساءلون عن فضل التعبد ليلة الإسراء والمعراج، وحكم صيامه، وهل
للصلاة فضل عظيم في تلك الليلة خاصة وأنها الليلة التي فرضت بها.
ونحاول أن نجاوب لك سيدتي كل ما يدور في ذهنك بشأن التعبد في ليلة الإسراء
والمعراج.
رحلة الإسراء والمعراج
بداية عليك أن تعرفي أن المقصود بالإسراء؛ الرحلة التي
أكرم الله -تعالى- نبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم- بها من المسجد الحرام في مكة
المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس، وما يقصد بالمعراج؛ ما أعقب رحلة الإسراء من
العروج بالرسول -عليه السلام- إلى السماوات العلا، حتى الوصول إلى مستوى تنقطع
عنده الخلائق.
وجاء في القرآن الكريم عن حادثة الإسراء «سُبحانَ
الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى"،
والمعراج في سورة النجم : «وَلَقَدْ
رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى* عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى* عِندَهَا جَنَّةُ
الْمَأْوَى* إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى* مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا
طَغَى* لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى».
كواليس رحلة الإسراء والمعراج
مما أخرج الإمام البُخاري في صحيحه حول حادثة الإسراء
المعراج، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان مُستلقياً على
ظهره في بيت أُمِّ هانئ، فانفرج سقف البيت، ونزل منه مَلَكان على هيئة البشر،
فأخذاه إلى الحطيم عند زمزم، ثُمّ شقّا صدره، وأخرجا قلبه الشريف وغسلاه بماء
زمزم، وملآه بالإيمان والحكمة، ولما في ذلك تهيئة النبي -صلى الله عليه وسلم- لِما
سيُشاهده، وليكون إعدادا له من الناحية اليقينيّة والروحيّة.
وعلّق الحافظ
ابن حجر على ذلك فقال: "وجميع ما ورد من شق الصدر واستخراج القلب وغير ذلك من
الأمور الخارقة للعادة مما يجب التسليم له دون التعرض لصرفه عن حقيقته، لصلاحية
القدرة فلا يستحيل شيء من ذلك".
ماذا حدث في الإسراء والمعراج
وانتقل النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى الأقصى على
دابة تسمى البراق جاء بها جبريل عليه السلام؛ وهي دابّةٌ أصغرُ من الفَرَس وأكبر
من الحِمار، تضعُ حافرها عند مُنتهى طرفها؛ أي تضع خطواتها فتصل إلى مدّ بصرها،
فلمّا ركبها النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يثْبُت، حتى قال له جبريل -عليه السلام- أن يثبت، فلم
يركبها أحدٌ خيرٌ منه، فثبت النبيّ، وتصبّب عرقاً، ثُمّ انطلقت بهما إلى بيت
المقدس.
العروج إلى السماء
ثم بدأت رحلة المعراج من القدس بصحبة جبريل عليه السلام
للمصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام؛ فعُرج بالنبيّ وجبريل إلى السماء الدُنيا، فرأى
-عليه الصلاة والسلام- آدمَ -عليه السلام-، ورحّب به، وردّ عليه السّلام، وأراه
أرواح الشُهداء عن يمينه، وأرواح الأشقياء عن يساره، ثُمّ صعد إلى السماء
الثانيّة، فرأى فيها يحيى وعيسى -عليهما السلام-، فسلّم عليهما، ثم صعد إلى السماء
الثالثة ورأى فيها يوسف -عليه السلام-، ثُمّ رأى إدريس -عليه السلام- في السماء
الرابعة، وهارون -عليه السلام- في السماء الخامسة، وموسى -عليه السلام- في السماء
السادسة، وفي السماء السابعة رأى إبراهيم -عليه السلام-، وجميعُهم يُسلّمون عليه،
ويُقرّون بنبوّته.
إلى أن وصل -صلى الله عليه وسلم- إلى سدْرة المُنتهى،
والبيت المعمور، ثُم صعد فوق السماء السابعة، وكلّم الله تعالى، ففرض عليه خمسين
صلاة، وبقيَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يُراجِعه حتى جعلها خمساً، وعُرض عليه
اللّبن والخمر، فاختار اللّبن، فقيل له أنّه أصاب الفطرة، ورأى أنهار الجنّة،
اثنان ظاهران، واثنان باطنان، ورأى خازن النّار -مالِك-، ورأى أكَلَة الرّبا،
وأكَلَة أموالِ اليتامى ظُلماً، وغير ذلك الكثير من المشاهد.
اقرأ أيضًا..
«الإفتاء» توضح حكم رجوع الأب في هبته لأولاده
التعبد ليلة الإسراء والمعراج
وفي ذلك أكدت دار الافتاء المصري أنه لا مانع شرعًا من التطوع بصوم ليلة الإسراء والمعراج، مستشهدة بما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ الله بَعَّدَ الله وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا».
ولفتت الإفتاء إلى
أنه يستحب إحياء هذه الليلة بالعبادات والطاعات ومن أبرز هذه العبادات التي يحبها
الله هي الصيام، منوهة أن هناك كذلك إطعام الطعام وإخراج الصدقات والسعي على حوائج
الناس، والإكثار من الذكر والاستغفار.
كما بينت دار الإفتاء أن النبي عليه الصلاة والسلام، كان
يحرص على الصيام في رجب؛ لما له من مكانة عظيمة عند الله، ولم يرد عن صوم الإسراء
والمعراج أنه سنة، مشيرة إلى أن صوم يوم 27 رجب ليلة الإسراء والمعراج لا حرج فيه؛ لأن الصيام طاعة مطلوبة في هذه الأوقات في رجب وشعبان حتى نمهد نفسنا لشهر رمضان،
فيجوز صوم ليلة الإسراء والمعراج احتفاء بأن الله من على رسولنا صلى الله عليه
وسلم بالإسراء والمعراج وبنزول وفرض الصلوات الخمس.
عبادات ليلة الإسراء والمعراج
وهناك العديد من العبادات التي يمكن التقرب بها إلى الله
تعالى وفقا لما أوضحه مستشار مفتي الجمهورية الدكتور مجدي عاشور؛ وذلك ككثرة الذكر
وقراءة القرآن الكريم وسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- والاطلاع على سيرته
العطرة، وصلاة ركعتين قيام ليل.
وأشار عاشور إلى أن الصلاة معراج القلب إلى الله تعالى،
مشيرًا إلى أنها رحلة روحية يطوي الإنسان فيها فواصل البعد بينه وبين الله، ويدنو من
خالقه ورازقه -سبحانه وتعالى، ملمحا إلى أنه في الصلاة يكون الإنسان في موارد
القرب والحب الإلهي العظيم، ويعلن عن تصاغره وعبوديته لخالقه، وتتسع أمام الإنسان
آفاق العظمة والقدرة الإلهية المطلقة، ويتجسّد للإنسان فقره وضعفه وحاجته إلى غنى
بارئه ورحمته، وتزول الحجب بين العبد وربّه، فتفيض إشراقات الحب والجمال الإلهي
على النفس، لتعيش أسعد لحظات الإيمان والرّضى.
وقال مستشار المفتي: إن كل إنسان في استطاعته العروج يوميًا إلى
الله تعالى عن طريقة أداء الصلوات، مبينًا أن أداء الصلاة ليلًا يعد
إسراء وأداء الصلوات في أكثر من مكان يعد معراجًا؛ لأن الانتقال من طاعة إلى طاعة
فهو معراج يقرب العبد من ربه -عز وجل-، منوها بأن المعنى الحقيقي للمعراج هو القرب
من الخالق جل شأنه.