أحلام «منى» تحولها من سيدة أعمال لتاجرة بانجو
الثلاثاء 15/فبراير/2022 - 11:05 ص
محمد علي
فتاة صغيرة لا تتعدى 19 عامًا، لكنها الآن تقضي فترة الحبس الاحتياطي بتهمة حيازة مخدرات بغرض الإتجار، فقد جاءت من بلدتها لتصبح سيدة أعمال أو نجمة مشهورة ثم تحولت إلى تاجرة مخدرات، لكن حتى حلمها في أن تصبح تاجرة مخدرات كبيرة قد انتهت، بعدما ألقت المباحث القبض عليها وبحوزتها 20 لفافة من نبات البانجو ومبلغ 800 جنيه حصيلة ثلاث ساعات فقط من العمل.
أحلام وأمنيات
ليست آسفة على شيء إلا أنها تركت أهلها ولم تعرفهم حتى عندما كانت تحمل آلاف الجنيهات، كثيرًا ما استوقفتها صور نجمات على أفيشات الأفلام كان حلمًا من ضمن أحلامها الكثيرة أن تصبح نجمة سينمائية ترتدي أفخر الثياب وتركب أحدث موديلات السيارات، وفوق كل ذلك يشار لها في كل مكان تذهب إليه علي أنها نجمة مشهورة في سماء الفن؛ ولذلك كانت تقف كثيرًا أمام المرآة تتأمل ملامحها وتعيد على نفسها تمثيل بعض المشاهد لنجمات السينما، وكأنها لا تنقص عنهم شيئًا ولا ييدن عنها شيئًا فهي ترى نفسها جميلة فلا ينقصها إلا بعض المكياج والرتوش الخفيفه؛ مما تتزين به النساء، ولكن أحلامها تلك رشحتها على صفحة حياة سرعان ما انقلبت الأمواج ولم تترك لها أي أثر بعدما اصطدمت بالواقع المرير الذي كانت تعيشه، والذي حوّلها إلى تاجرة مخدرات تقضي الآن فترة عقوبتها، التحول الكبير هذا لم يكن بين يوم وليلة وإنما كان من صنع الأيام.
بداية القصة
عمرها 19 سنة عاشتها بالطول والعرض عندما تتكلم معها تشعر أنك أمام امرأة ناضجة صارعت الأيام ولم تنهزم أمامها، لكنها في النهاية طوعتها حسبما أرادت بل وركبت موجة الأيام لا تتناوبها وتركتها تجرفها إلى حيث شاءت فلم تبدِ مقاومة تذكر ولم تشأ أن تدفع عن نفسها أي تيار يدفعها لاتجاه لا ترغب السير فيه.
وجدت نفسها طفلة تلهو مع مجموعة أطفال في منزل صغير بإحدى القري، بعدها عرفت أن هؤلاء الاطفال التسعه هم أشقاؤها من والدها الذي يعمل قهوجي في قهوة بلدي وأم ربة منزل كل هدفها إنجاب الأطفال.
لتطويق زوجها بالأولاد حتى لا يتزوج عليها كما هي الثقافة السائدة في الريف، ولم تعلم أن أطفالها العشرة إنما هم نقم ابتلت نفسها بها وزعتهم في أرض رخوة لا أساس لها فشب كل منهم كنبت شيطاني تربوا بالكاد فكان كل يوم يمر عليهم يزيدهم هشاشة، بدلا من أن يرسخ أقدامهم في الأرض.
طفولة بائسة
وهكذا كانت طفولة بائسة خالية من أي براءة ولا تخلو من كثير من الشقاوة مثلها مثل كل الأطفال ولكن ما لم تتساوَ به مع الأطفال هو أن يكون لها حلم أي طفلة تحلم بأن تدخل المدرسة وترتدي المريلة وتحمل حقيبتها في يدها، وعندما تسألها عن أمنيتها عندما تكبر تختار لنفسها إحدى المهن المرموقة، لكن منى لم تكن كذلك كانت أمنيتها كلها لا تتعدى الحدود التي ترمقها بعينيها حتى استقام عودها ودخلت في طور جديد من حياتها مرحلة تحسب فيها في عداد البنات لا الأطفال وبدأت عينها تطول بعد مما يتصور وفضولها يسوقها إلى حيث لا تدري، ولكنها بكل جرأة كانت تقتحم هذا المجهول وتؤقلم نفسها عليه، وجاء الوقت الذي يجب فيه أن تتحمل بجانب والدها مسئولية إخوتها الصغار فالتحقت بالعمل في إحدى الكافتيريات وكانت مهمتها أن تسقي الزبائن.
عمل شاق وأجر ضئيل
من دلالها وخفة دمها قبل أن تقدم لهم الطلبات ورغم ما تبذله من مجهود إلا أن العائد كان ضعيفًا جدًّا فعشرة جنيهات في اليوم الواحد لا تكفي لسد رمقها أو حتى ثمن الماكياج الذي تلون به بشرتها ولن تقول إنها لا تكاد تكفي ما كانت تحلم أن تحقق، ولو حتى ثمن المجلات الفنية التي كانت مغرمه بشرائها رغم عدم قدرتها على القراءة إلا أنها كانت مغرمة باقتناء صور الممثلين والممثلات.
اقرأ أيضًا..
عالم المخدرات
حتى جاء اليوم الذي تعرفت فيه علي أحد الأشخاص من زبائن الكافتيريا رجل يبدو عليه الثراء رغم أن مظهره لا ينبئ بذلك، ولكنه كان يجزل لها العطاء فوجد فيها أنها بنت ذكية ولماحة، فضلًا عن جرأتها، طلب منها أن تعمل معه ولما سألته عن طبيعة عملها الذي أغراها بعائده المادي الكبير راح يصف لها عملها بأنه عمل بسيط ستقوم خلاله بتوصيل حقيبة صغيرة بها بعض العينات من بذور الزراعة لأحد الأشخاص ولم يعد في ذلك صعوبة، وبدأت التنفيذ واستلمت منه الحقيبة ولأنها فتاة داهية فقد قامت بفتح الحقيبة وهي في طريقها لتسليمها ولم تفاجأ عندما وجدت فيها عددًا كبيرًا من لفافات البانجو، فقد كانت تتوقع ذلك، فقامت بالاتصال بالرجل الذي سلمها الحقيبة لتساومه على ثمنها وإلا سلمتها للشرطة أو هربت بها وباعتها لحسابها، تأكد الرجل أنه ليس أمام فتاة صغيرة وإنما أمام امرأة داهية تكيد له فقرر تعديل الاتفاق وتنفيذ الشروط التي اشترطتها عليه.
وعندما انتهت من تسليم المخدرات عادت إليه فوجدت لديه مفاجأة كبيرة لها وعرضًا قررت أن توافق عليه فورًا، أما العرض فهو أن تقوم بتوزيع لفافات البانجو على زبائن الكافيتريا التي تعمل بها وهو ما سيحقق لها ربحًا يوميًّا يعادل 500 جنيه يمكنها من تحقيق جميع أحلامها.
خبرة كبيرة
وبالفعل بدأت في الترتيب لعملها الجديد تعرف كيف تلاغي الزبون وكيف تعرف إن كان بحاجة إلى مخدرات أو لا حتى اكتسبت الخبرة واكتسبت ثروة كبيرة في زمن قليل، ولكنها عادت واختلفت مع صاحب الكافيتريا، بل قررت أن تفتح لنفسها سوقًا خاصًّا أرشدها إليه التاجر الذي كانت تتعامل معه.
كانت أحلام منى في تلك الفترة قد تحولت إلى أحلام أخرى هي أن تصبح معلمة كبيرة يعمل لها الناس ألف حساب ويعمل لديها عدد لا بأس به من الصبيان، وأن تصبح ثرية لديها بدلًا من الشقة شقق والسيارة سيارات، أما أهلها فقد نيستهم في تلك المرحلة أو تناست قليلًا مما يسببه لها والدها من متاعب..
النهاية الطبيعية
فجأة استيقظت مني علي كابوس مفزع وضع النهاية لكل أحلامها بعدما ذاعت شهرتها بأنها تتاجر في المخدرات وبدأت تحريات المباحث تحصي عليها أنفاسها حتى تم إلقاء القبض عليها وبحوزتها كمية من البانجو عبارة عن 16 لفافة معدة للبيع و800 جنيه من حصيلة البيع.. تم إحالتها إلى النيابة، التي قررت حبسها وإحالتها إلى محاكمة جنايات القاهرة وأصدرت المحكمة حكمها بالسجن 10 سنوات.