سارة السهيل تكتب: فستان المرأة هاجس الإعلام
السبت 01/يناير/2022 - 04:44 م
شيء غريب جدًا من طفولتنا تقريبا كل شيء تغير، حيث غادرنا معاني الرقي والوقار، ومعاني جمال الروح، فكنا نتذوق الجمال في كل شيء خلقه المولى عز وجل بفطرة ذكية نقية وعذبة المشارب الوجدانية والروحية والعقلية أيضا عندما نرى لوحة لفنان أبدع لوحة الطفل الباكي أو الفلاحة وهي تحمل فوق رأسها غذاء زوجها إلى الحقل...
هذا الجمال الخلاب والطبيعي استبدل بما هو مزيف وأصبح التركيز على شيء واحد هو المرأة..
وإبراز جمالها ومفاتنها الأنثوية بشكل صارخ عارِِ تمامًا عن الاحتشام. فصانعو الدراما ومنتجو الإعلانات ومعدو البرامج التلفزيونية ومنتجو الأفلام والمسلسلات الدرامية، وحتى معدو الندوات السياسية الاقتصادية، كلهم جميعًا بلا استثناء يتعمدون في الترويج لبضاعتهم ونشر أفكارهم وجذب الجمهور المستهدف لهذه البضاعة الفكرية أو الفنية أو السياسية على تعرية المرأة. لاشك أنها ظاهرة تحتاج دراسة لفهم لماذا يزج بالمرأة على هذا النحو من الابتذال..
فمثلا نرى فيلمًا أو مسلسلًا مصحوبًا بدعاية أو أغنية، أو دعاية لسمنة، فما هو دخل دخل السمنة بعري المرأة ما ربط الطعام والمطبخ بمحاكاة الغرائز الغير نظيفة؟، وما دخل السيارة بسيقان المرأة فما الداعي لترويج منتج صناعي بأقدام إنسانة؟، وما الرابط بين أكاديمية تعليمية وبعدسات زرقاء لعارضة أزياء؟، لماذا تجري محاولات تأنيث بل تعرية كل شيء، حتى لو في بلاد الغرب أو بلاد متفتحة؟.
والحقيقة أنا لا أستفسر عن هذه النقطة فقط من باب ديني وأخلاقي، بل أريد فهمه من باب المنطق والفلسفة. ولماذا أصبحت المرأة رخيصة هكذا بقبول مجرد ترويج وإثارة أنظار التجار في شتى صنوف التجارة، وكيف لها قبول هذا المنطق؟.
وبعيدًا عن هذه النقطة أريد أن أفهم السبب ما الرابط بين مؤتمر سياسي وفتيات تستقبل الناس بفساتين السهرة العارية؟، أو مشهد حزين مثلًا في مسلسل لازم نرى ملابس قصيرة والكاميرا تأخذ لقطة الملابس! مطربات ومطربين مشاهد الأغنية إحداهن تتدحرج على الرمال بملابس الحمام وأخرى يتم تصويرها بما لا يليق ولا يمكنني التوسع بالكلام فهمكم كفاية...
أمور كثيرة جدًا غير مفهومة بربط كل شيء بسيقان النساء، فمنذ ألقت العولمة بظلالها على شعوب العالم، وعملت على تغيير ثقافتها وعاداتها التاريخية، عمدت بعض الدول الغربية إلى توظيف المرأة الأجنبية والعربية في الإعلانات التجارية تحقيقًا لمكاسب اقتصادية وتسويقية، عبر الاستغلال الجسدي للمرأة. ولأن كل شيء بات يُباع ويشترى الفكر والسياسة والقانون وحقوق الشعوب، فلا أسهل من استخدام خدعة قديمة وهي المرأة وأنوثتها في تحقيق مآرب إبليس التجارية..
فتقديم المرأة كسلعة للإغراء والترويج دون التركيز على جوهرها وإنسانيتها يتنافى مع حقوق الإنسان بالكلية، ويجر المرأة من عفافها واحترامها لنفسها، بل أنها بتعريتها بهذه الملابس الصارخة تدفع المراهقات إلى تقليدها وبالضرورة يفسد المجتمع وتنتشر فيه أمراض التحرش والاغتصاب وغياب الأمن والأمان وفقد قيمة الأسرة والزواج وانتشار الأمراض النفسية..
فاستغلال جسد المرأة كإغراء لشد الانتباه يهدف إلى تحريك نزعة الاستهلاك وخاصة في منتجات التجميل. ولعل قولبة صورة المرأة كوسيلة دعائية تجارية للمواد الغذائية أو مواد التجميل وآخر صيحات الموضة وأفلام ودراما الإثارة عمل على تشويه صورة المرأة وتعزز من دونيتها للاسف الشديد.
إنني أُناشد وزراء الثقافة والإعلام والتربية والتعليم والأوقاف ووزارات الشباب لكسر تلك الأيدي التي تجبر أو تروج لأصحاب الرايات البيضاء في إعلامنا المرئي والإلكتروني والمسموع وحتى المقروء، ونزع تلك الرايات البيضاء من أيدي الإعلام والفن والثقافة والسياسة والأدب والتجارة وكل المجالات واستبدالها برايات نصر المرأة على تسفيهها وتحجيمها وترخيصها بهذا الشكل المعين.
فأين دور الرقابة والنقاد ؟
فالأمر ليس اختياريًا؛ لأن لا جمالية في هذا الأمر المضر نفسيًا وسلوكيًا وصحيًا وأخلاقيًا إضافة إلى تدمير نصف المجتمع الذي هو المرأة بعدم إعطائها قيمتها الحقيقية البعيدة عن هويتها الوحيدة المستخدمة في وسائل الإعلام والاتصال حاليا إلا وهي الهوية الأنثوية.
فأين هويتها الثقافية والفكرية والعلمية والتربوية؟ ودورها الحقيقي كالملكة زنوبيا والسيدة مريم العذراء والسيدة خديجة وحتشبسوت وبلقيس وكيلوبترا ونفرتيتي والملكة سميراميس والملكة زكوتو.
إنني لا أملك سوى التوجه الى المرأة ذاتها كي تصون كرامتها وتحفظ قيمتها من غوايات إبليس فقيمتك عالية لا ترخصيه بدافع من جلب المال أو تحقيق شهرة زائفة.
أنا لست متزمتة بالعكس فأنا وسطية وأؤمن بحرية المرأة بالفكر والعمل والمشاركة العامة وارتداء ملابس وسطية كما رأيناها في أفلام أبيض وأسود شياكة وأناقة ورقي وفي ذات الوقت دون ابتذال.
فحرية المرأة ليست ملابس مبتذلة ودعايات رخيصة، حرية المرأة في أنها تكون متساوية مع الرجل في الحقوق والواجبات، صاحبة رأي وفكر وتأثير
وليست دمية استعراض وأكرر أنني لست ضد تزين المرأة فهذه فطرة وأنما ضد استخدامها كتجارة وسلعة وإنزالها من عرش الملكة إلى مروج لسلعة يملكها رجل لماذا لا تكون المرأة هي صاحبة وكالة السيارات فلماذا تكون هي دعاية للسيارة.
لماذا لا تكون المرأة صاحبة مصنع السمنة والزيت والسكر؟ لماذا تكون مجرد مروج لسلعة ومنتجات؟
نداء إلى جماعة حقوق الإنسان وخاصة حقوق المرأة بعضكم دافع عن حقوق هامه للمرأة وبعضكم لم ينسى حتى المطالبة بأمور أخرى غير طبيعية مثل الترويج لأنواع الشذوذ والخروج عن المألوف مما دمر النسيج الاجتماعي وفكك الأسرة لكنكم نسيتم أهم نقطة من الأجدر أن تدافعوا عنها وهي قيمة المرأة وكيانها وحثها على معرفة قيمتها الحقيقية بأن ترفض أن تكون مجرد أداة أو وسيلة لكسب المال من الأجساد الغير ثمينة.
فأنتِ يا حواء أغلى من أن تكوني مروج للسلع، بتعليمك وخروجك لسوق العمل إلى جانب الرجل فليكن طموحك أن تكوني صاحبة أعمال ومشاريع اقتصادية وتجارية وفكرية وتربوية وسياسية وتطوعية وإنسانية كل واحدة في مجالها وموهبتها.
اخرجي من هذا الإطار الضيق المظلم الذي هو سجن لطموحاتك الكبيرة فالحرية ليست بالابتذال.
فكم كانت جميلة فاتن حمامة وهي راقية ومحتشمة وأم كلثوم ونازك الملائكة وفدوى طوقان وهدى شعراوي وصبيحة الشيخ داود القاضية العراقية صاحبة كتاب (أول الطريق إلى النهضة النسوية الحديثة) ونزيهة الدليمي أول وزيرة في العراق الحديث والتشكيلية وداد الأورفلي والجزائرية جميلة بوحيرد والمغربية فاطمة الفهرية التي أسست أول جامعة في العالم وفيروز اللبنانية التي غنت بحنجرتها لا بفستانها واميلي بشارات رئيسة أول اتحاد نسائي في الأردن 1945
كونوا ملكات ورائدات وصانعات أمجاد و(اتركوا الرجل هو يعمل الدعايات ونقلب الكفة عليهم)..