أميرة الحسيني تكتب.. حواء بين حرية الأرض وحرية السماء 2
أما عن التعدد فهو حق للمرأة أكثر مما هو حق للرجل، فقد طالبك
الدين الإسلامي بطاعته وتحمل تقلباته، والتزين له، وتلبية رغبته فيكِ في لحظتها ومساعدته على دخول الجنة وذلك بأن تعفيه فهناك رجل
يبحث عن الرومانسية وآخر يبحث عن النقاشات الحياتية وآخر يحب الاحتفالات والتجمعات
العائلية، وباختلاف مطالب الرجال تختلف طرق العفة ومن واجباتك البحث في فكرة واهتماماته
وإعفافه، ثم قال إنه جهادك في الدنيا ولثقل ذلك كله شرع التعدد لذا نجد النساء العربيات
يثقل عليهن تحمل الأمر وقد تزوج المرأة زوجها بنفسها ويحضرني هنا مجلس ضم إحدى أخواتنا
العربيات تصطحب زوجة زوجها الأولى إلى طبيبة النساء وهنا أصيبت أغلب الحاضرات لدى الطبيبة من المصريات بالصدمة وبدأت الأسئلة
تنهال على الزوجتين السعوديتين ألا تشعر بالغيرة؟، كيف تحبيها وقد خطفت زوجك وما
شابه من الأسئلة وما كان من الزوجة السعودية إلا أن ردت بصوت يملؤه الاستنكار والتعجب
قائلة:
كيف تستطعن تحمل عبء رجل كل يوم، ألا تشعرن بالملل، كيف تتحملن
صمته في المنزل الذي أصبح سجن له وعبودية لكُن؟، ثم أسردت أنا من زوجت زوجي لأني أريد
أن أمارس حريتي نصف الأسبوع في الذهاب للنادي وحفظ القرآن وقراءة كتاب والذهاب لمركز التجميل وتهيئة بيتي لاستقباله مشيرة
إلى نظرة الشوق التي يدخل بها الزوج بيته الأول بعد غيابه عنه نصف الأسبوع، وهنا عم
صمت لا يقطعه الا همهمات تنفب اقتناع الأخريات بالأمر وبعد دقائق جاء دور الزوجة السعودية
الثانية لتكمل الصورة المنقوصة، حيث قالت أرى الرجال في مصر يغازلن الأجانب ويتجهن
لعلاقات محرمة لسد جوع الاهتمام وذلك لأن الزوجة المسكينة لا تملك الوقت لأداء ما يتطلبه
منها المجتمع، والغريب أن المرأة المصرية أيضا بدأت ترى رجالا في عملها وذهبت هيبتها
في عملها بسبب غياب الحواجز التي تحميها وتميزها، صامتة أنا طيلة الحديث فقد عشت في
ذات الثقافة في بداية تكويني كما أني عشت في مصر باقي العمر لذا أدرك جيدا كيف تنظر
كلا الثقافتين للأمر ذاته .
لماذا شرع الإسلام للرجل التعدد ؟
في الحقيقة أنني أجد أن السؤال عن شرع شرعه الله سوء أدب وأسأل
الله العفو والمغفرة، وأني أن ذهبت للإجابة فهي لتوضيح الأمر لا لمناقشة أمر ربي فالله
ربي له أسلم أمري وأمر الله ليس أمرًا للنقاش والتشاور وإنما له التسليم التام.
ولكن شرعية التعدد للرجل في إباحة شرعية يعقبها حل لأمر يجول
بخاطره بشكل مباح خير من منع يعقبه رغبة شديدة
فالممنوع مرغوب ولنا في الصداقة والصديق لدى المجتمعات الغربية مثلا فقد منع لديهم
التعدد فذهبوا إلى الصداقة وتعد الصديقة لدى بعضهم أقرب من الزوجه وجميعنا يرى الصور
التي خرجت لنا من تشديد المنع لدى الغرب.
ثم كيف يسمح الله الذي راعى المرأة ودعا لرعايتها في كل موقع
أن يُعدد الرجل ويملأ قلبها غيظ وغيره ؟
حاشاه ربي أن يشرع شرعا يصيب قلب امرأة بالحزن وإنما هو المجتمع
الذي شوه التعدد وقلب مزاياه لنواقص ثم أن الذي شرع التعدد شرع للمرأة أن تضع شرطًا في عقد زواجها بأنها لا تقبل التعدد، وذلك حتى تفكر المرأة في الأمر قبل إبرام عقد
الزواج وأن كانت لا طاقة لها بالتعدد فعليها بوضع الشرط في عقد زواجها فإن قبل الرجل
تزوجها وحدها وأن لم يقبل فقد عفا نفسه من أمر التشتت، كما أن رجالًا كثر يذهبن للنساء
ويتكون وعود في لحظات اللهو مثل أنا لن أتزوج عليكِ أبدًا وأنتِ حبيبتي الوحيدة الفريدة المهيبة وعلى شاكلة هذه الكلمات دون أن يعي أنه رجل وأن كلمته عقد سيحاسبه الله عليه
ثم أنه بعد الزواج يُعدد سرًا ليظلم امرأة تحيا في الظلام ويشعر طيلة الوقت بالتوتر مع امرأة وعدت وأخلف الوعد معها.
إذن إن التعدد الذي أباحه الله للرجل فقد أباحه الله لتعزيز
المرأة التي أخذت ميزة التعدد بصور أخرى فقد عددت حين أنجبت أكثر من طفل ينافسون الزوج
في الحب والاهتمام، ولا تتغافلي عن ما تركه الله في نفس الرجل بأن تكون شريكته المحبة هي لب عقله بينما جعل الأبناء هم لب عقل المرأة وهو ما أقره علم النفس والاجتماع.