فتاة تروي لـ«هير نيوز» تجربة استقلالها عن أسرتها
الثلاثاء 09/نوفمبر/2021 - 10:38 ص
زينب محمد
دشنت ثلاث فتيات، مبادرة لدعم استقلال الفتيات عن أسرهن، تحمل اسم "femi-hub"، وذلك في عام 2015.
وتهدف المبادرة التي أسستها وقتها، سهيلة محمد، وسارة يسري، ومي طراف، إلى تعاون الفتيات اللائي قمن بهذا الاستقلال مع بعضهن البعض، ومساعدة الأخريات لتوفير فرصة عمل أو مسكن لهن.
وتركزت عمل ونشاط المبادرة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وذلك لإرشاد الفتيات المستقلات ماذا يفعلن لانتقاء المسكن والعمل المناسب لهن.
انتشر خلال السنوات الأخيرة الماضية في مصر، الظاهرة، ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية أو حقوقية ترصد حجم الظاهرة، إلا أن الحالات تزداد يومًا تلو الآخر.
ومن إحدى النماذج "إ.م" البالغة من العمر ثلاثة وعشرون عامًا. تعمل كموظفة لخدمة العملاء في شركة الطيران الكويتية "ناس" وتسكن في مرسى علم بجانب عملها.
روت لـ«هير نيوز» تجربتها، قائلة، "درست اللغة التشيكية في كلية الألسن لمدة أربعة سنوات. أماكن العمل التي تُعلن عن احتياجها لمتخصصين في مجال لغتي نادرة في القاهرة تقريبًا وعلى الرغم من ذلك لم أحب أن أغير حياتي المهنية. قُلتُ لنفسي لم أكن أذاكر وأجتهد في محاضراتي طوال هذه السنوات لأغير حياتي المهنية ببساطة. يجب أن أعمل في مجال لغتي وأعمل على تقوية لغتي مهما حدث".
وأضافت، "فكرت مليًا عندما وجدت إعلان الوظيفة التي نشرته شركة "ناس" وقررت أنني سأتقدم لتلك الوظيفة. كنت الأجرأ بين زميلاتي وصديقاتي في اتخاذ هذا القرار".
وتابعت: "الدافع الأول لي كان حبي لاستقلالي المادي. لم أعمل أو أستقل ماديًا أو اجتماعيًا من قبل فأردت أن أواجه الصعوبات التي قد تقابلني عندما أكون بمفردي، مغتربة بعيدًا عن بيتي وعائلتي. أردت أيضًا أن أقوم بكل شيء بمفردي، استيقظ، أقوم بكل أعمال المنزل بمفردي والأهم أن أتعامل بمفردي مع الضغوط النفسية".
وأوضحت، "عندما واجهت أسرتي بالقرار حاولت أن اقنعهم أنني أردت أن أعمل بمجال تخصصي مهما تكلف الأمر ولا أريد أن أعمل بوظيفة أخرى. لم يوجد أحد يمانعني أو يعترض اعتراض قاطع فقط كانوا متخوفين ومترددين. أبي كان مترددًا لأني لم أكن أعمل أو ابتعد عن البيت من قبل. لقد تربيت على أن أي شيء يخدم دراستي أو مستقبلي لن يُرفض. قالوا إنني سأكون بمفردي وأن العمل بعيدًا عن البيت، لكن عندما أخبرتهم أني مُصرَّة على خوض تلك التجربة لم يقفوا أمام طموحي. خصوصًا أن العمل ثابت وبمرتب جيد والتجربة آمنة فلم لا!".
وأكدت قائلة: "التجربة بالنسبة لي كانت تحدي وشيء رائع أكثر من كونه له عواقب أو نتائج سلبية. كنت سعيدة في بداية الأمر وكان ذلك الشعور الوحيد الذي أشعر به. بالطبع كانت فرصة عظيمة سأتعلم منها أشياء جديدة وأسافر إلى مكان جديد واعتمد على نفسي. والعمل قد يعطيني خبرة كبيرة وقد يفتح لي آفاق جديدة وعمل أفضل".
وأوضحت قائلة: "أقيم معظم أيام الشهر في سكن بجانب العمل ويتبقى أسبوع واحد في الشهر كعطلة وفيه أعود إلى بيتي. أعمل كموظفة لخدمة العملاء في المطار في مناوبة قد تستمر إلى أثنى عشر ساعة بدءًا من منتصف الليل. أسكن في شقة مع زميلاتي في السكن وعددنا 3. كل واحدةً منا تقوم بأعمال المنزل بمفردها ومعتمدة على نفسها. تتولى الشركة نفقات الشقة من كهرباء وغاز، وتوجد حافلة لتستقلني من وإلى العمل".
واستكملت قائلة "إن الاستقلال في العموم له إيجابياته وسلبياته وهناك إيجابيات عدة منها أولً: أنني أتعلم أشياء جديدة من المواقف الاجتماعية التي أتعرض لها. ثانيًا: اكتسب خبرة عملية من التعرض للمواقف التي يجب أن أحلها بمفردي. ثالثًا: التعرض للضغوط والتخفيف منها دون مساعدة أحد . رابعًا: أتعلم من الأخطاء التي أقوم بها".
وأضافت قائلة "واعتقد أن السلبيات تشتمل الشعور بالوحدة، افتقاد الجو الأسري، افتقاد الاعتمادية على الأم والأب حتى في أبسط الأمور. ففي الجامعة لم أكن استيقظ بمفردي، حاليًا يجب أن استيقظ بمفردي؛ لأنه لا يوجد أحد ليوقظني، عدم وجود أشخاص لدعمي في حل المواقف والمشكلات الصعبة والأزمات النفسية. فمهما كنت شخصية قوية مازلت أحتاج شخص يقف بجانبي ويدعمني في الأزمات".
وأشارت قائلة: "بالنسبة للمجتمع البعض نظر إلىَّ بنظرة فخر وإن عملي في المطار شيء رائع حقا، وتحديت نفسي وخاطرت بفعل شيء لم يفعله أحد من قبل، وسافرت واغتربت في حين أن هناك شباب لا يستطيعون الابتعادعن أسرهم لفترة طويلة. أما البعض الآخر قال بعض التعليقات السلبية ككيف يتركها أهلها لتفعل شيء كهذا؟، وكيف لا يخافون علي ابنتهم؟، ورغم أنه عمل جيد إلا أن الفتاة لا يجب أن تترك بيتها وهكذا لكن سواء هؤلاء أو أولئك لا أحد يرى الجوانب الأخرى التي يدفع الإنسان ثمنها ليكون في هذا الطريق".
واستكملت قائلة: "لم أكن أفكر في الضغوط أو الأزمات التي ستواجهني ولذلك عندما واجهت الأزمات شعرت بالتراجع قليلًا وبالإنطفاء لأني لم أدرك كيفية التعامل مسبقًا. أي مكان عمل نتعرض فيه لبعض من الضغوط ونشعر فيه أننا نريد أن نتركه، لكن الأمر ليس بتلك السهولة لأن الإنسان يجب أن يرى ترتيب أولوياته في الحاضر وما هو أفضل لمستقبله. فلا يجب أن أغادر المكان بعد أول مشكلة أتعرض لها. يجب أن أتأقلم مع طبيعة العمل وأتعلم منه أكثر لكي يفيدني في كل الخطوات التي قد آخذها في حياتي مستقبلًا.
وأكدت قائلة: "طوال الستة أشهر الماضية منذ بدايتي في تلك الوظيفة تعلمت أشياء كثيرة لم أكن لأدركها لولا اتخاذي قرار تنفيذ تلك التجربة. وأعتقد أني إذا دخلت في تجربة أخرى سأتجنب الأفعال التي أخطأت بها".
وأوضحت قائلة: "لا أستطيع أن استقل استقلال كامل عن أهلي وانعزل عنهم كاستقلال معيشي كامل؛ لأنه لا يصح هذا. إذا كان استقلال جزئي كما هو الحال الآن أستطيع منه أن أرى عائلتي وأقضي معهم وقت فهذا شيء جيد. عندما أعود للبيت في الأسبوع المتبقي من الشهر أتلهف لملاقاة عائلتي والجلوس معهم والإحساس بجو الأسرة مجددًا، لكن الاستقلال المعيشي الكامل بأن أكون بمفردي طوال حياتي هذا مستحيل".
وأنهت حديثها قائلة: "عندما نرى آراء من حولنا من أشخاص لا نجدهم متفقين في نفس الرأي وإذا ولينا اهتمام بهذه الآراء لن نفعل شيء. يجب أن يقرر الإنسان بنفسه ماذا سيعمل وكيف سيفعل هذا من غير النظر إلى الأشخاص الآخرين وما سيقولوه".
اقرأ أيضًا..