حكايات مؤثرة.. جحود الأبناء سهم يخترق قلوب الآباء
الثلاثاء 12/أكتوبر/2021 - 05:48 ص
![هير نيوز](/upload/photo/news/4/0/800x450o/863.jpg)
محمد على
وكأن القلوب تبدلت وأصبح مكانها قطعة من الفولاذ، جرائم الجحود عرض مستمر، ومؤخرًا واقعة مثيرة لابنة جاحدة حملت أمها من المنصورة، بمحافظة الدقهلية، وألقت بها أمام محطة القللى فى رمسيس، وتركتها عائدة إلى المنصورة دون أن تعبأ بها، غير مدركة أنها كما تدين تدان، فاليوم أنت قاسي القلب، غدا سيفعل ابنك بك نظير ما جنته يديك تجاه فعلك الآثم، تلك النوعية من الجرائم تدخل ضمن إطار الجرائم الأسرية، التي تهدد مجتمعنا، وقبل أن تستفحل وتصبح خطرا يداهم مجتمعنا وداءً يتمكن من أبنائنا، فتحنا هذا الملف، "جحود الأبناء.. سهم قاتل يدمي قلوب الآباء، جرائم قاسية ومؤثرة، استطلعنا رأي علماء الاجتماع والدين عن سببها وكيفية محاصرتها قبل أن تنتشر فى مجتمعنا؟.
الواقعة الأخيرة، عندما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، صورة أليمة لسيدة مسنة من مدينة المنصورة تفترش الأرض ليلا بأحد شوارع مدينة القاهرة وتملأ عينيها الدموع المحملة بالقهر والحزن والحسرة، بسبب جفاء وقسوة قلب ابنتها التي رمتها وتركتها وحيدة بالشارع.
وبدأت المأساة عندما سافرت الابنة بوالدتها السيدة بدرية من المنصورة، لمدينة القاهرة لتتركها بمحطة القللي وحيدة دون نقود أو طعام أو هاتف تستغيث به من كان في قلبهم رحمة، وقت طويل عاشته السيدة بدرية، وحيدة في مدينة لا تعرف فيها شيء متكئة على الأرصفة بلا مأكل أو مشرب والدموع تغطي وجهها، حتى قامت البطلة سمر نديم، فجرا بانقاذها وتوصيلها لدار رعاية لإيواء كبار السن ورعايتهم.
طرد أمه لإرضاء زوجته!
"واقعة أخرى، ا.ر" سيدة عجوز، 82 عاما، منذ أن جاءت إلى الحياة، وهي تعيش داخل قرية بسيطة بميت غمر، التابعة لمحافظة الدقهلية، كبرت وكبر معها أحلامها، كعادة بنات جيلها تحلم بالزواج المبكر، وتحمل المسئولية، لتمر الأيام وتتزوج الفتاة الحسناء، وبعد شهور من السعادة والحب، رزقها الله بأول أطفالها، لتمر الشهور والسنوات وتصبح أم لولدين وفتاة، فكان الود والتضحية عنوان لحياة الأم، تسهر الليالي من أجل فلذة أكبادها، تحاول بكل طاقتها مساعدة أبناءها من أجل استكمال التعليم، لتراهم أفضل الناس بين أبناء القرية الصغيرة، لتمر السنوات ويفارقها زوجها ويترك لها المسئولية الكاملة، لتستكمل الأم رحلة الكفاح وحدها مثل الكثير من الأمهات المصريات، دون أن تنتظر المقابل، ولكنها تتمنى الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة، ولكن القدر كان يخبأ لها ما لم تتوقعه الأم المكلومة.
دموع أم
الأم تقيم بالقرية، وداخل منزل بسيط وفى الطابق الأخير تعيش الأم العجوز، بعدما طردها ابنها من منزلها، لتقوم باستئجار تلك الشقة البسيطة لتستكمل أيامها الأخيرة بداخلها.
الحزن والكسرة يكسوا ملامحها، جفونها تسيطر عليها علامات الدموع المستمر، تجلس على "كرسي" متواضع وبجوارها اثنين أخرين بصالة الشقة البسيطة، بالإضافة إلى غرفة نوم، اقتربنا منها لنبدأ الحديث معها عن حكايته قائلة، "عمرى ما تخيلت أن ابنى يعمل معايا كدا"، وتبدأ بسردها، منذ 3 شهور تقريبًا كنت أعيش داخل بيتى الذى عشت فيه لسنوات طويلة مع المرحوم زوجى حبيبى، كنت بضحي من أجل عيون أطفالي، مرت الأيام وكبر الأولاد، وأصبح الصغير "أخر العنقود" يريد الزواج، لم أفكر لحظة فى الموافقة، بالرغم من أن أخوه الكبير لم يكن متزوج، ولكن أحلم بالفرحة، أريد ان أرى أحفادي مثل كل نساء القرية، وبالفعل تم الزواج، كعادتنا فى القرية عاش ابنى وزوجته معنا فى بيتنا، أصبحت أعيش برفقتى شقيقه الكبير، وهو وزوجته فى منزل واحد بعد زواج ابنتى والانتقال للقاهرة، مرت السنوات والحياة تسير طبيعية للغاية، لا أنكر وجود مشاكل ولكنها العادية والتى تحدث داخل كل منزل.
رأي الاجتماع
بدأت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، تلك الجرائم لها عناصر كثيرة لا نستطيع التركيز على واحدة فقط، فهناك، بسبب إدمان المخدرات، وأصدقاء السوء، أو العنف الأسري تجاه الأبناء، وأحيانا مكتسبات مجتمعية بسبب البيئة، فالشخصية المصرية لا تعرف الجريمة أو العنف ولا تميل لها، ولكن ما يحدث هو تغيير يدعو للاهتمام من قبل جميع مؤسسات الدولة، بجانب اهتمام الأسرة بالأبناء وحسن تربيتهم ومعاملتهم، وبعدهم عن العنف ومشاهدة الأفلام صاحبة العنف التي تقود لارتكاب تلك الجرائم وخاصة بسن المراهقة.
وعلق الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية، اعتداء الابن على الأب بالضرب أو بالألفاظ ويصل الأمر للقتل طبعًا وأولًا من المقرر شرعا أن عقوق الأولاد لآبائهم وأمهاتهم من الكبائر التي يحاسب الله عليها هؤلاء العاقين أشد حساب.
اقرأ أيضًا..
وأضاف، نحن نعلم من القرآن والسنة النبوية، النصوص التي توجب فرضا والالتزام ببر الوالدين وقال تعالى " وقضى ربك ألا تعبد إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهم أو كلاهما فلا تقل لهم أف ولا تنهرهما وقل لهم قولا كريمًا واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا"، فالأولاد إذا أذوا من كانوا السبب في إيجادهم فطبيعة الحال الحساب عسير وشديد وبالنسبه للدنيا إذا رجع الأمر للقضاء ننزل بهم أولئك بالعقاب أشد عقوبة، وفي الآخرة لا يدخل العاق الجنة إلا إذا استوفى الحق ورضى الوالدين عنه يوم القيامة إذا كان الإيذاء بالكلمة أو الفعل.