كيف نظم الإسلام العلاقة بين الآباء والأبناء؟ وما هو واجب الآباء تجاه أبنائهم؟ وهل ما نتابعه حاليًّا من جرائم ترتكب ضد الأبناء يعد عقوقًا من الآباء؟ سؤال ورد إلينا من إحدى متابعات هير نيوز.

يجيب الشيخ ياسر نور الدين مدير إدارة بأوقاف كفر الشيخ، فيقول: دائمًا ما يحدثنا القرآن الكريم عن الإحسان إلى الوالدين، وهذا أمر لا جدال فيه ولا مراء، ولكن أليس من حق الأبناء كذلك أن يحسن إليهم آباؤهم؟

سؤال قد يبدو غريبًا في ظل اعتقاد كثير من الآباء أنه دائمًا وأبدًا صاحب الحق المطلق، وأن ما على أولاده إلا الإحسان إليه والسمع المطلق والطاعة العمياء.

وفي ظل ما نسمع خصوصًا في الآونة الأخيرة من تجاوز الآباء في حق أبنائهم ما بين أم تلقي برضيعها أمام مسجد، أو في صندوق القمامة، أو والد يذبح ولده الصغير، أو يلقي به في المياه ليلقي حتفه غريقا كل هذه الأمور تجعلنا نعيد التساؤل بصيغة أخرى.

هل نحن نحسن إلى أولادنا حقا؟

إجابات صادمة

لقد جاء الأعرابي يشكو لعمر بن الخطاب سوء خلق ولده وارتفاع صوته عليه وهو يعتقد اعتقادًا لا يقبل الشك أنه صاحب حق.

ليؤتي بالولد بين يدي عمر فيوبخه على تجاوزه في حق والده، وإذ بالولد يفجر المفاجأة التي لم تخطر ببال أحد، قائلًا: يا أمير المؤمنين أليس للولد حق على أبيه؟ سؤال وكأن عمر يسمعه لأول مرة، وبعد صمت يسود المجلس يجيبه عمر: بلي. فيقول: وما هو؟ قال عمر: أن ينتقي أمه ويحسن اسمه ويعلمه شيئًا من القرآن. فيقول الولد: يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئًا من ذلك فأمي زنجية كانت أمة لمجوسي وسماني أبي جعرانًا ولم يعلمني حرفًا واحدًا من القرآن.

إجابات صادمة تقلب الأمور رأسًا علي عقب، وهو ما جعل أمير المؤمنين يلتفت إلى الرجل قائلًا له: جئت تشكو إلينا عقوق ولدك وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك.. كلمات قاسية جدًّا.

ولهذا يقول رسولنا الكريم: "اتقوا الله وأحسنوا إلى أولادكم".

ذلك لأنهم أمانة يسأل عنها الإنسان يوم القيامة، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة).

كلكم راع

ويقول النبي المصطفى: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالرجل راع في بيته ومسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والخادم راع في بيت سيده ومسئول عن رعيته، ألا كلكم راع ومسئول عن رعيته، وإن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع).

وقد يشغل الوالد نفسه بتأمين مستقبل أولاده ماديًّا، وفي سبيل ذلك وفي زحمة الحياة ومشاغلها ينسى تأمين حياتهم دينيًّا بعمل صالح يبقى أثره لهم بعد مماته، أو تقوى تبقى بركتها لهم بعد رحيله، قال تعالى: (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا (

..اقرأ أيضًا

رمضان عبدالمعز: من يقاطع والديه لن يشم رائحة الجنة (فيديو)

ألم يرسل الله تعالي موسي عليه السلام والعبد الصالح ليصلحا جدارا لغلامين صغيرين في المدينة لأن تحته كنزا لهما بسبب صلاح الأب؟ ويقال إنه كان الجد السابع فبقي صلاحه لأحفاده

(وكان أبوهما صالحا) فاتقوا الله في أولادكم، فإنما أولادنا ثمرات أكبادنا تمشي علي الأرض.