د. إلهام سيف الدولة حمدان تكتب: هل الزوجة لا تعمل؟!
الخميس 19/أغسطس/2021 - 12:09 م
يحكى أن أحد الأزواج ذهب إلى طبيب نفساني يشكو إليه من ضغط العمل والروتين، سأله الطبيب: ما وظيفتك؟ رد: محاسب في بنك، الطبيب: ما وظيفة زوجتك؟ الزوج: لا تعمل مجرد ربة منزل، الطبيب: من يوقظك ويوقظ أبناءك ويعد الفطور لكم كل صباح؟ ومتى تستيقظ زوجتك ومتى تستيقظ أنت؟ الزوج: هي في الساعة الخامسة صباحًا وأنا في الساعة السابعة؛ لأنها تجهز الأطفال للمدارس وتحضر الفطور! الطبيب: من يوصل أطفالك للمدرسة؟ الزوج: زوجتي فهي لا تعمل، الطبيب: ماذا تفعل زوجتك بعد توصيلهم؟ وماذا تفعل أنت؟ الزوج: تعود وتعد الغداء وتغسل الملابس وتنظم البيت وتنتظر عودة الأبناء فهي دون وظيفة ولا تعمل! وأنا أذهب لعملي حتى الثالثة بعد الظهر!
الطبيب: في المساء حين عودتك من العمل ماذا تفعلان؟! الزوج: آخذ قسطاً من الراحة بعد الغداء بعد يوم شاق من العمل.. وزوجتي: تستذكر مع الأبناء واجباتهم اليومية، وتوقظني بعدها لنحتسي الشاي معًا! الطبيب: ماذا تفعلان بعد ذلك في المساء؟ الزوج: أتصفح أنا الصحف وأتابع التليفزيون وأخبار العالم وزوجتي تعد العشاء لي وللأطفال ثم تغسل الصحون وتنظف المنزل وتجهز اﻷطفال للنوم..
اﻵن، من منكما يحتاج إلى طبيب نفسي أنت أم هي؟! ومن يحتاج للراحة من ضغط العمل أنت أم هي؟ هل الروتين اليومي للزوجة من الصباح الباكر حتى وقت متأخر من الليل يسمى "لا تعمل"؟ ودون وظيفة؟! ثم تشتكي أنت من ضغط العمل؟!
استوقفتني هذه القصة وقادتني لسؤال: حين يرتبط الرجل بزوجة متعلمة ويختار لها أن تتفرع له ولمهام البيت والأولاد، لماذا لا يرى أن هذه المهمة ثقيلة تفوق في صعوبتها أي عمل وظيفي آخر؟! فهي تمارس رعايتها للزوج ومطالبه، وما يحتمه عليها البيت من ضرورة العناية بنظافته وترتيبه وتنسيقه، وبإنجاب الأبناء ينضاف العبء الأكبر والأهم، وهو توفير الرعاية الكاملة لهم، ناهيك عن متاعب الحمل والولادة فترة ما قبل الإنجاب وما تتكبده الزوجة من متاعب صحية وآلام.
والطامة الكبرى أن الزوج هو الذي يتذمر ويشكو طيلة الوقت من ضغوط العمل، وأنه يكد ويتعب في عمله الوظيفي ضاربًا بعرض الحائط ما تقوم به زوجته من عمل مضن يتطلب اليوم كله، مهام تؤديها ليل نهار دون كلل أو ملل أو أدنى شكوى، إنها فقط تنتظر التقدير من الزوج حتى لا تشعر أنها تحرث في البحر، فتضحيات المرأة بين جدران بيتها جد عظيمة، تستنزف كل طاقتها وتسحب من رصيد جمالها، ويكون سببًا في انصرافه عنها لزوجة أخرى يراها أجمل؛ لأنها لا تهتم إلا لجمالها ورشاقتها، وتهمل دورها في الاهتمام به، فيندم على ظلمه لزوجته الأولى فيعود إليها نادمًا، يجر أذيال خيبة تمرده على زوجة متفانية معطاء مخلصة، يعض أصابعه، وهو لا يعلم هل ستسامحه على فعلته أم سيخسر كل شيء؟!
لكن في أغلب الأمر بقلبها الكبير تغفر زلته وتعيده إلى عرينه، فهو أبو عيالها، عله يكون قد وعى الدرس، وعرف قيمتها ومكانتها، ودورها الصعب في إدارة شئون الأسرة كزوجة وأم، على حساب أنوثتها، فهي تبخل على نفسها وتضن بأن تخصص وقتا للعناية بنفسها، وتغدقه حبًا وحنانًا لأفراد أسرتها وهذه هي قمة سعادتها المتمثلة في عطاء بلا حدود.
ترى هل سيجرؤ الزوج على النظر إلى عملها باستهانة مرة أخرى ويردد ثانية أنها.. لا تعمل؟!
_________________________
أستاذ ورئيس قسم الإنتاج الإبداعي بأكاديمية الفنون