حكايات من خلف البرقع.. المرأة الأفغانية بلا تعليم وعمل بأمر طالبان
الإثنين 16/أغسطس/2021 - 05:34 م
بعد سيطرة طالبان على معظم أراضي أفغانستان، تعيش المرأة الأفغانية حالة من الذعر والهلع خوفاً من حقبة سوداء تنتظرهن خلف ستار البرقع والحرمان من التعليم والعمل.
تقول الصحفية روث بولارد، المتخصصة في تغطية الصراعات بالشرق الأوسط، في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إنه مع دخول طالبان العاصمة الأفغانية كابول (الأحد 15 أغسطس 2021)، جمع المحاضرون في الجامعات طالباتهم في طقوس أشبه بالوداع النهائي. وقال المحاضرون للشابات المصدومات "قد لا نلتقي مرة أخرى".
وقد تم إجلاء جميع المحاضرين، كما أُغلقت الجامعات إلى جانب المدارس والمكاتب والمحلات التجارية.
انهيار نظام التعليم
أوضحت بولارد أنها تحدثت عبر الهاتف مع عائشة خورام، إحدى الطالبات اللواتي تبددت أحلامهن في الدراسة الأكاديمية، ومثلها الآلاف. وكانت عائشة الطالبة البالغة من العمر 22 عاما تدرس في الفصل الدراسي الأخير من دراستها في العلاقات الدولية في جامعة كابول.
ومع بقاء شهرين فقط على تخرجها المفترض، تقول عائشة خورام "الآن يبدو أنني لن أتخرج أبدا". وكان موضوع البحث الذي تعكف عليه عن إصلاحات مجلس الأمن الدولي وكيف ستؤثر تلك الإصلاحات على المهام الخاصة في بلدان مثل أفغانستان. وفي هيرات، ثالث أكبر مدن البلاد، والتي سقطت في أيدي طالبان يوم الخميس الماضي، طُلب من الفتيات اللواتي كن في جامعاتهن العودة إلى منازلهن، بحسب خورام التي علقت بالقول "نظام التعليم ينهار".
عندما حكمت الحركة البلاد بين 1996 و2001، فرضت طالبان رؤيتها المتطرّفة للشريعة الإسلاميّة. فمنعت النساء من الخروج بدون محرم ومن العمل. كما منعت تعليم البنات، وكانت النساء اللواتي يُتّهمن بالزنا يتعرّضن للجلد والرجم.
تغطية شعر وجسد المرأة في مختلف الأديان
وتقول بولارد إنه مع ذلك، هناك عمل واحد يزدهر. ففي الولايات الأفغانية، يُعاد فتح محلات بيع البرقع، وأصبحت الملابس الزرقاء السميكة التي تغطي جسد المرأة من الرأس إلى أخمص القدمين (الرمز القمعي لحكم طالبان السابق)، هي الملبس الحتمي الغالي الثمن. ولكن ليس للجميع.
وتقول خورام، التي كانت ممثلة للشباب الأفغاني لدى الأمم المتحدة في عام 2019 "أرى الكثير من النساء اللواتي لم تعاصرن فترة طالبان السابقة تقلن لن نلتزم بهذا اللباس القمعي". وتضيف "لا أعرف ماذا سيحدث للجيل الشاب من النساء الأفغانيات.
لقد كنّ رائعات جدا، والآن تجلسن جميعا في المنازل يتساءلن عما سيحدث.
لقد شكل هذا الجيل أفغانستان الحديثة". وكل ما يمكن لمواطني أفغانستان القيام به هو الانتظار والقلق.
محاصرة النساء من كل الجهات
تتسرب التقارير من عمليات القتل الانتقامية القبيحة، والنساء اللواتي يطلب منهن مغادرة أماكن عملهن والعودة إلى منازلهن، والرجال الذين يطلب منهم إطلاق اللحى والفتيات الممنوعات من الذهاب إلى المدارس.
وباتت أحلام الأفغان بمستقبل أفضل تتبخر الآن ليعودوا مباشرة إلى عهد التسعينيات.
وعلى الرغم من المخاطر الحقيقية، لا يزال العديد من الأفغان يتحدثون بصراحة، حيث يتعامل بعضهم مباشرة مع المتحدثين باسم طالبان على تويتر، مثل موسكا داستاجير، المحاضر في الجامعة الأمريكية في أفغانستان ومقرها كابول.
وأعلن المتحدث باسم طالبان الأفغانية"سنحترم حقوق المرأة وسنسمح لها بالتعليم والعمل على أن ترتدي الحجاب". وهو تعهد شكك المراقبون بإمكانية التزام الحركة به، لممارساتها الفعلية راهناً على الأرض، ولتاريخ سلوكيات الحركة تجاه النساء.
فريزة جيجكي هي واحدة من قرابة مائة ألف امرأة أفغانية، اللواتي فررن من أماكن سيطرة حركة طالبان نحو العاصمة كابول، حيث يشعرن إن العاصمة ستبقى مكاناً آمناً أكثر من بقية المناطق بحسب سكاي نيوز عربية.
تشرح جيجكي أحوال بعض النساء من معارفها، في المناطق التي دخلت تحت سيطرة حركة طالبان "كُنت أملك مع زوجي معملاً لتجفيف الفاكهة، في منطقة أيبك التي تقع بين العاصمة كابول ومدينة مزار شريف.
وأضافت، ولطبيعة العمل الذي يحتاج لمهارة واعتناء تتميز به النساء، فقد كنا نملك أكثر من ثلاثين ورشة لتجفيف الفاكهة في المناطق بين مدينتي مزار شريف وكندوز، تعمل في كل واحدة منها قرابة عشرين امرأة.
وتابعت، لكن ومنذ قرابة أسبوع، وبعدما تعرض الريف الشمالي بين المدينتين لاحتلال حركة طالبان، أغلقوا جميع تلك الورش، وطلبوا نساء تلك المنطقة بعدم الخروج من المنزل إلا للحاجة القصوى، الأمر الذي دفعني مع عائلتي للفرار إلى العاصمة كابول، خشية ممارسات مقاتلي الحركة ضدي وضد بنتاي الصغيرتان".
وكانت النساء الأفغانيات قد تعرضن لاضطهاد شديد من قِبل مقاتلي الحركة في النصف الثاني من تسعينات القرن المنصرم (1996-2001)، حينما كانت الحركة تحكم أغلب مناطق البلاد، بما في ذلك العاصمة كابول.
كانت النساء وقتئذ ممنوعات من التعليم والعمل، ويُسمح بتزويجهن في سنٍ مبكرة، ويخضعن بشكل كامل لسلطة الأبناء والأزواج، وتفرض عليها أنواع من الأزياء، مثل "الجاردو الأفغاني"، الذي هو أشبه ما يكون بكيس قماشي، إلى جانب ممارسات التعنيف الشديدة في حال تجاوزهن لأوامر الحركة.
حدث ذلك بالرغم من إن دستور أفغانستان للعام 1964 كان أقر بمساواة الرجال والنساء في أفغانستان، ومنح المرأة الأفغانية حقوقاً مساوية تقريباً لحقوق الرجال. وتشهد الكثير من الأفلام الوثائقية والأرقام الحكومية على نمو دور النساء في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في أفغانستان خلال العقود اللاحقة، حتى أن نسبة الأمية في أوساطهن قلت إلى ما دون النصف مما كانت عليه.
اقرأ أيضًا..