أزهري يكشف كيف تعامل النبي مع غيرة زوجاته
ما هو موقف الإسلام من غيرة الزوجات؟، سؤال ورد إلينا من إحدى متابعات «هير نيوز».
يجيب الدكتور أحمد البصيلي المدرس بقسم الأديان والمذاهب كلية الدعوة الإسلامية مقدما نموذجا لتعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع غيرة زوجاته أمهات المؤمنين من خلال قصة حدثت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي بيته تجسد مشكلة الغيرة التي لا يخلو منها بيت على اختلاف انتماءات أصحابه وتوجهاتهم فقال:
وانتشر في المدينة المنورة أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يحب عائشة أكثر نسائه فكان أهل المدينة إذا أرادوا أن يهدوا لسيدنا النبي هدية تحينوا وتخيروا ليلة عائشة كنوع من اختيار الوقت المناسب الذي يكون فيه سعيدا فكانوا يختارون ليلة السيدة عائشة فصعب ذلك على بقية أمهات المؤمنين فاجتمعن واتفقن على أمر، وقلما كان يحدث ذلك بسبب الغيرة بينهن.
أضاف "البصيلي" قائلاً: أراد الله تعالى أن تجري هذه الأحداث في بيت رسول الله ليعلمنا كيف نتعامل مع أولادنا وزوجاتنا ومشكلاتنا.
واتفقت أمهات المؤمنين على أن هذا الأمر لا يصح، واختاروا السيدة أم سلمة لإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر، فمر النبي من أمامها فقالت له يا رسول، قال لها: لبيك يا أم سلمة، قالت إن نساءك يناشدنك العدل بينهن يا رسول الله، قال: وما ذاك؟ فيم؟ قالت الهدايا تأتيك في ليلة عائشة ولا تأتيك في ليلتي، فتبسم رسول الله ابتسامة راقية رقيقة وقال لها: خيرا يا أم سلمة، ثم انصرف.
وهنا يعلم النبي صلى الله عليه وسلم الرجال بألا يتكلموا في التفاصيل في مشكلة أطرافها سيدات، وهذا ليس امتهانا لهن بل حفاظا عليهن وكرامة لهن؛ لأن السيدات يتكلمن كثيرا ولديهن اهتمام بالتفاصيل وتفاصيل التفاصيل، وهذا يختلف عن طبيعة الرجل الذي لا يحب الكلام في التفاصيل وهذا سر الانجذاب بين الذكر والأنثى.
لم ينته الأمر عند أمهات المؤمنين عند هذا الحد، بل عقدن اجتماعا في انعقاد دائم رافضات أن تذهب الهدايا له في ليلة السيدة عائشة.
لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طرح سؤالا أو تكلم في هذا الموضوع كان سيخلق موضوعا من لا موضوع، وهذا ما يحدث معنا جميعا في مشكلاتنا الأسرية، فلو نظرنا للسبب الأول للمشكلة لوجدنا أنه لا سبب حقيقي وراءها، مجرد رفع صوت قابله رفع صوت من الطرف الآخر.
خبرة التعامل
شدد الدكتور أحمد البصيلي على أن السيرة في أضخم مؤلفاتها التي تزيد عن عشرين مجلدًا لم يحك موقفا واحدا منها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علا صوتا على أهله في بيته، بل كان يملك خبرة التعامل في البيت.
المرة الثانية أمهات المؤمنين قررن اختيار شخصية تتوافر فيها صفات تجعل سيدنا النبي يوافق على مطلبهن: أولا أن تكون شخصية نسائية ويكون النبي صلى الله عليه وسلم يحترمها ويقدرها ويبجلها ويحبها حبا شديدا، ولم يؤثر عنه أنه رفض لها طلبا، فمن هي ؟ هي السيدة فاطمة رضي الله عنها، فسيدنا النبي كان إذا دخلت عليه السيدة فاطمة ولو مائة مرة كان يقوم لها احتراما وتبجيلا وإجلالا وتوقيرا وتقديرا ويقبلها بين عينيها ويقول: فاطمة بضعة مني من أحبها فقد أحبني، من أرضاها فقد أرضاني، من أسخطها فقد أسخطني.
احتراف نبوي
ظلت أمهات المؤمنين وراء السيدة فاطمة حتى وافقت أن تكلم النبي، فقالت له: إن نساءك يناشدنك العدل فيما بينهن، قال لها يا فاطمة أتحبينني؟ قالت نعم يا رسول الله جعلني الله فداك، قال لها: أحبي عائشة فإن أباك يحبها، ورغم أن هذا موضوع آخر ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الطريقة يقدم نصيحة أخرى مفادها أنه في المشكلة ذات الأطراف النسائية ينبغي ألا نتكلم في الموضوع، بل عن الموضوع، أو عن موضوع آخر، فمثلا لو شكت لك زوجتك من والدتك فلا تدخل في التفاصيل ولكن قل لها مثلا : إنها تحبك، وأنا أحبها فأحبيها من أجلي.
اقرأ أيضًا..
أخت زوجي بتغير مني.. أعمل إيه؟
هذا ما علمنا النبي إياه وهذا هو الاحتراف النبوي في التعامل مع مثل هذه المشكلات التي تؤدي لارتفاع نسب الطلاق في مجتمعاتنا.