"خلطة توفانا".. حكاية المرأة التي ورثت 650 رجلا
في أوروبا، خلال القرن السابع عشر، لم يكن الطلاق متاحًا بعد، ولم تكن المرأة تتمتع بأدنى حقوق، ولم يكن أمام أي امرأة من سبيل لإنهاء حياتها الزوجية سوى بالقضاء على الزوج، أو الانتحار.
السم القاتل
كانت الصيدلة تجارة رابحة في تلك الآونة، فكانت النساء يقصدن أصحاب المواهب والخبرة في التركيبات الدوائية ويطلبن منهم السم للتخلص من أزواجهن، وكن يدفعن في مقابل ذلك مبالغ طائلة، حتى يضمنّ أن باعة السم لن يُبلغوا الحكام وقتها بجرائمهن، حتى ظهرت المنقذة.
الفاتنة جوليا
كانت هناك امرأة جميلة، تُدعَى جوليا توفانا، لم تعرف أوروبا واحدةً من العامة في مثل جمالها ورقّتها، وكانت تمتهن بيع العطور ومستحضرات التجميل في متجر خاص بها، وهناك كانت النساء يلتقين بغرض ابتياع الكحل وحمرة الخدود، فيفضفضن وتقص كل منهن مأساتها، والتي عادةً ما كانت تنتهي إمّا بقتل نفسها بالسم وإمَّا دسه لزوجها للخلاص من حياة أشبه بالعبودية؛ حيث اعتادت العائلات وقتها إرغام الفتيات على الزواج في سن مبكرة، دون استشهارتهن أو معرفة رايهن، بل غن البعض كان يزوج بناته دون إشعارٍ مسبق فتفاجأ الفتاة أنّ عليها الانتقال فورًا إلى عش الزوجية دون علمٍ مسبق، وكانت جوليا تستمع في كل يومٍ إلى عشرات القصص والحكايات التي يندى لها الجبين، فتلك اغتصبها زوجها وعاشرها عنوة، وأخرى تعرضت للإهانة وثالثة تتعرض للضرب صباح مساء، فراحت تفكر في حيلة تساعد بها هؤلاء النسوة على التخلص من مآسيهن.
خلطة توفانا
عكفت جوليا عدة ليالٍ تراجع التركيبات التي تصنع منها مستحضرات التجميل، فأخذت من طلاء الوجه مادة "الزرنيخ" وقامت بإضافتها إلى خلاصة نبات البيلادونا، والذي كانت تستخدمه مع الكحل لصناعة مستحضر لتوسيع حدقة العين، فأنتجت في النهاية مستحضرًا عديم اللون والطعم والرائحة، له مفعول السم الزعاف، وأطلقت عليه اسم "أكوا توفانا"، فكانت تبيعه للنساء اللائي يضعنه لأزواجهن في كؤوس الخمر أو مياه الشرب، فيتناوله المغدور ولا تشرق عليه الشمس مرة أخرى، وكانت تشترط على كل امرأة أن ترث جزءًا من التركة في مقابل مساعدتها على التخلص من زوجها.
الغنى الفاحش
لم تمضِ سنوات قليلة حتى أصبحت جوليا توفانا واحدةً من أثرى أثرياء مدينة باليرمو الإيطالية؛ الأمر الذي دعا السلطة البابوية للبحث والتقصي حول مصادر ثروتها، وخلال رحلة البحث التي استمرت لعدة سنوات، مات زوج جوليا توفانا بالسم أيضًا، حين أدركت أنها تتعرض لما تعانيه النسوة اللائي تُنتهك آدميتهن، وهنا أدكت السطة البابوية أن لوفاة زوجها علاقة بثروتها التي وصلت حدَّ الغنى الفاحش، فتم القبض عليها واقتيدت إلى هيئة المحلفين التي راحت ضيق الخناق عليها حتى انهارت واعترفت.
مفاجأة
أثناء التحقيقات فجّرت جوليا مفاجاة من العيار الثقيل، حين كشفت مسؤوليتها عن قتل 650 رجلًا وأنها ورثت جزءًا من ثرواتهم جميعًا؛ ثمنًا لمساعدتها زوجات هؤلاء المغدورين في التخلص منهم، فحُكم عليها بالإعدام علنًا ومعها ثلاث مساعداتٍ لها، وسط ساحة كامبو دي فيوري في العاصمة الإيطالية روما، كما حُكم بالإعدام على عدد من النساء اللائي تعاملن معها، بينما اكتفى المحلفون بسجن الباقيات.