«ابن الوز عوّام»، و«العرق يمد لسابع جد»، أمثال شعبية توارثها
المصريون جيلًا بعد جيل للإشارة إلى أن كلًا منا يسير على درب أبيه، ويسعى لأن
يَخلُفَه في حرفتِه، وهكذا كان المهندس حلمي السعيد، وزير الكهرباء والسد العالي
في عام 1970 في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، مثلًا أعلى لابنته «هالة»،
كما أنّ جدّها شغل منصبًا وزاريًا فى إحدى الحكومات الوفدية خلال الحقبة الملكية،
لذا فلم يكن غريبًا أن تصبح كفئًا لتولي وزارة التخطيط، لا سيما في ظل حكم الرئيس
عبد الفتاح السيسي حيث برز دور المرأة المصرية جليًا في ثورة 30 يونيو، عندما
انتفض الشعب ضد حكم جماعة الإخوان، حينما وقفت النساء فى مقدمة الصفوف، معلنة أن
لهذا الوطن ضمير حى، يستطيع أن يقول «لا» في مواجهة مستقبل ضبابي كانت الجماعة
تقودنا إليه.
هالة السعيد «بنت» الوزير
تولي المرأة اهتمامًا غير مسبوق فمنح الرئيس عبد الفتاح السيسي، لعدد
من سيدات مصر حقائب وزارية، ليثبتن كفاءة منقطعة النظير على كل المستويات المحلية
والإقليمية والدولية.
من بين هؤلاء كانت الدكتورة هالة السعيد، التي لم يكن اختيارها لوزارة التخطيط من
قبيلة الصدفة، بل لمؤهلاتها حيث حصلت على دكتوراه في الاقتصاد من كلية الاقتصاد
والعلوم السياسية بجامعة القاهرة فى العام 1989م، فانطلقت بإيقاع هادئ ومتزن في
إدارة ملفات وزارة التخطيط، كأنها تعزف سيمفونية من تأليف كبار مؤلفي الموسيقى
العالميين، بالفعل استطاعت أن تنجز وتحل بعض المشكلات التي واجهتها الدولة بسلاسة
وسهولة، لا سيما في ضوء علاقاتها السابقة بالمؤسسات العالمية، إضافة إلى استعانتها
بأهل الخبرة كمعاونين لها في تنفيذ سياسات الوزارة.
مسيرة حافلة من النجاحات السياسية
كما شغلت "السعيد" عددًا كبيرًا من المناصب المهمة ومنها،
المدير التنفيذي للمعهد المصرفي المصري بالبنك المركزي المصري، وأستاذًا بقسم
الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، ومستشارًا لوحدة
التمويل الدولي بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء في
التسعينيات، ومن قبلها كانت رئيس قسم الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز في
السعودية.
وتنحدر هالة السعيد من عائلة سياسية عريقة، فجدها شغل منصبًا وزاريًا فى إحدى
الحكومات الوفدية خلال الحقبة الملكية، كما أن والدها المهندس حلمي السعيد، كان
وزيرًا للكهرباء والسد العالي في عام 1970.
ومثلما كان قدر والدها تولى هذا المنصب المهم في وقت كانت مصر فيه تموج بتغييرات
كبيرة على المستويين المحلي والإقليمي، إبّان معركة تحرير الأرض من المغتصب
الإسرائيلي، فإنها تولت أيضًا حقيبة "التخطيط" في فترة تحارب مصر فيها
على جبهات متعددة، خصوصًا جبهتي مكافحة الإرهاب، ومعركة البناء التي عزمت عليها
الدولة أخيرًا.
هي بالفعل عقلية رفيعة المستوى، نبغت في الاقتصاد، وسلكت مسيرة تعليمية كبيرة،
توجتها بفترة مزدهرة في المؤسسات التي عملت بها في مصر والعالم، واستخدمت كل
خبرتها في إعداد رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030، التي قدمت للأمم المتحدة،
مترجمة الجهد السابق في إصلاح منظومة الأصول المملوكة للدولة، من خلال تفعيل فكرة
تأسيس صندوق مصر السيادي.
هى ترى أن خطة التنمية لها أبعاد ثلاثة، اقتصادية واجتماعية وبيئية، فالأولى تتحقق
بجهد الدولة، وهي أحد أفراد المنظومة النابهين ولا شك، وذلك لتوفير فرص عمل، وهو
الذي تعتبره الهدف الأساسى لأى خطة تنمية.
ترى كذلك أن هدف تحقيق العدالة بين الجنسين وتمكين المرأة يعد واحدًا من الأهداف
المتكاملة والمتقاطعة فى كافة أهداف التنمية المستدامة، مؤكدة أن حصول المرأة على
كافة حقوقها فى جميع الأهداف يضمن العدالة والاندماج الاجتماعى وجنى جميع
المواطنين والأجيال القادمة ثمار التنمية المستدامة.
تمكين المرأة
وعلى ذكر المساواة، فإن السعيد، إحدى المحاربات البارزات فى مجال تمكين المرأة
المصرية، والمطالبة بالمساواة بين الجنسين فى كافة المجالات منها الصحة والتعليم
بما يعد أحد أهم الطرق المباشرة الفعالة للتقليل من أوجه التفاوت في المجتمع،
فضلًا عن المساهمة فى زيادة فرص تشغيل المرأة وتمكينها، معتبرة أن حصول المرأة على
وظيفة لائقة أمر جوهرى لنمو شامل ومستدام، الأمر الذى ينتج عنه نمو الاقتصاد
ويساهم بشكل إيجابي في تحقيق رفاهية الأطفال.
اقرأ أيضًا..