بث مباشر خطبة الجمعة .. فضائل العشر الأول من ذي الحجة
تقدم هير نيوز خدمة البث المباشر لشعائر صلاة الجمعة التي بدأت منذ قليل في كافة المساجد في ربوع مصر وسط الالتزام بتطبيق الاجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا.
وينقل التلفزيون المصري خطبة وصلاة الجمعة من الجامع الأزهر بمحافظة القاهرة.
تدور خطبة الجمعة اليوم كما أقرتها وزارة الأوقاف بمساجدها حول: "فضل الأيام العشر من ذي الحجة ".
هيرنيوز تنشر نص الخطبة في السطور التالية:
اختص الله تعالى الأمة الإسلامية بمواسم فاضلة، وأوقات عامرة، تتضاعف فيها الحسنات، وتتنوع فيها الطاعات؛ حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ".
ومن هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة، التي جعل الله (عز وجل) العمل الصالح فيها أكثر ثوابًا وأعظم أجرًا من العمل فيما سواها من الأيام، فهي أيام شريفة فاضلة عالية القدر، وهي أعظم أيام الدنيا بركة. ويقول (صلى الله عليه وسلم): (مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ، [يَعْنِى أَيَّامَ الْعَشْرِ]. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَلاَ الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلاَ الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ).
أيام معلومات
وأقسم الله (عز وجل) بعشر ذي الحجة في كتابه الكريم تنويهـًا بشأنها، وإرشادًا لأهميتها؛ حيث يقول سبحانه: ﴿وَالْفَجْرِ. وَلَيَالٍ عَشْرٍ. وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) في تفسير هذه الآيات: "العشر عشر النحر، والوتر يوم عرفة، والشفع يوم النحر"، كما أنها هي الأيام المعلومات التي قال الله تعالى عنها: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾".
وهي أيام يستحب فيها الإكثار من العبادات، كالصلاة، والصدقة، والصيام، وذكر الله تعالى؛ ففي ذكر الله تعالي حياة القلوب، وراحة الصدور؛ حيث يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، وكان سيدنا عمر (رضي الله عنه) يكبر في قبته بمِنى – أي: في أيام العشر - فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتي ترتج مِنى تكبيرًا، وكان ابن عمر يكبر بمني تلك الأيام خلف الصلوات وعلى فراشه، وفي مجلسه وممشاه.
يوم مغفرة الذنوب
ومن أفضل أيام العشر يوم عرفة، الذي أكمل الله (عز وجل) لنا فيه الدين؛ حيث يقول تعالي: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾، وهو يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب والعتق من النيران؛ حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): (إذا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، فَإن اللهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - يُبَاهِي بِهِمُ المَلَائكَة فَيَقُول: انْظُروا إلى عِبَادِي أتوْنِي شُعْثاً غُبراً ضَاحِينَ مِنْ كُلِّ فَج عَمِيقٍ، أشهِدُكُمْ أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له)، والدعاء في يوم عرفه مستجاب؛ حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)، وقد جعل نبينا (صلى الله عليه وسلم) صومه تطوعاً لغير الحاج مكفرًا ذنوب سنتين: سنة ماضية وسنة مقبلة؛ حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): (صِيامُ يومِ عَرَفَةَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التي قَبلَهُ، والسنَةَ التي بَعدَهُ).
ومن أفضل أيام العشر: يوم النحر، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة؛ حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): (أعظمُ الأيامِ عند اللهِ يومُ النَّحرِ، ثم يومُ القُرِّ وهو الذي يليه).
أبواب الخير
والعمل الصالح أعم وأوسع من أن نحصره في باب العبادات وحدها، بل إنه يشمل كل عمل صالح، فيشمل أداء الفرائض، والتقرب إلى الله عز وجل بالنوافل، ففي الحديث القدسي يقول الله تبارك وتعالى: (ما تقرَّبَ إليَّ عبدي بشيءٍ أفضل من أداء ما افترضتُ عليْهِ، وما يزالُ يتقرَّبُ عبدي إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أحبَّهُ، فإذا أحببتُهُ كنتُ سمعَهُ الَّذي يسمعُ بِهِ وبصرَهُ الَّذي يبصرُ بِهِ، ويدَهُ الَّتي يبطشُ بِها ولئن سألني لأعطينَّهُ ولئنِ دعاني لأجيبنه ولئن استعاذَني لأعيذنَّهُ).
والعمل الصالح يشمل الذكر، وقراءة القرآن، والتسبيح، والتهليل، والتكبير، يقول نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم): "إن أبواب الخير لكثيرة: التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتميط الأذى عن الطريق، وتسمع الأصم، وتهدي الأعمى، وتدل المستدل على حاجته، وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث، وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف؛ فهذا كله صدقة منك على نفسك".
اقرأ أيضًا..
ويتسع العمل الصالح اتساعاً ليشمل عمارة الدنيا بالدين، وكل ما فيه صالح البلاد والعباد من بناء المستشفيات، والمدارس، وتعبيد الطرق، ورعاية اليتيم، وإطعام الفقراء، وقضاء حوائج الناس، وكل ما ينصلح به حال الناس في أمور دينهم ودنياهم.
فحري بنا أن نعرف لهذه الأيام فضلها، ونقدر لها قدرها، ونحرص على شكر الله (تعالى) على بلوغها في أمن وعافية بالاجتهاد فيها بالأعمال الصالحة التي يعم نفعها البلاد والعباد.