الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

د. شيرين الملواني تكتب لماذا الزواج؟

الثلاثاء 06/يوليه/2021 - 03:09 م
هير نيوز

أربعة ملايين مُطلقة فى مصر وتقريبًا تسعة ملايين طفل ضحية الانفصال طبقا للإحصائيات التقريبية؛ مما يُشكْل عبئاً على الدولة وكاهلها اجتماعياً واقتصاديًا سواء بعبء المعاشات وطوابير انتظار استرداد كل مُطلقة لحقها فى معاش ذويها أو العبء والتكدس القضائى، حيث تطول إجراءات التقاضى والنفقة والمُتعة بين المُطلقين، أو العبء الأمنى فى صورة فض المنازعات بين الزوجين من تمكين من السكن أو رؤية الأطفال.

ازدادت النسبة بشكل مُخيف بين سن 25-35 عام حيث لا رؤية ولا هدف لإقامة مؤسسة زوجية ولا استيعاب للفكرة والمسئولية نضيف على ذلك صدمة الواقع بين الشاب والفتاة فى الأمور الاقتصادية التى تفوق إمكاناتها المادية؛ سواء بالتطلع للآخر أو بتفعيل موروث شعبى عقيم فيما يخص الجهاز والقائمة والمهر وعندئذ تقع الصدمة والخلاف عند أول مطْب اقتصادي وبيسر يستغنى الطرفين عن بعضهما.

ولا نغفل مفهوم الاتكالية عند كثير من شباب الجنسين فلا تأهيل مادى للزواج سوى بدعم كامل من الأهل أو بالاعتماد على إرث؛ لذا يغيب باعث الاستمرارية فى تلك المؤسسة؛ بل تأتى خطوة التنصْل منه بمنتهى الأريحية.

وإذا ما تطرقنا للصدام الاجتماعي بين أدوار الرجال والنساء وما استجد على مجتمعنا، نجد طموح الأنثى وقد ارتفع فى رقعة حريتها الشخصية وتنقلاتها وموقع عملها، لكنها لم تستغل هذا التغير فى مساحة الحرية ولم تفهمه فهمًا صحيحًا؛ بل أصبح الزواج ساحة تناحُر وتنافس مع الرجل، ويأتي رأى هذا الأخير بالرفض لمبدأ المساواة سواء ردة فعل أو موروث تسلّطى لمعنى الرجولة.

وإذا ما استعرضنا الجانب الاجتماعى بعيدا عن الاقتصادى ، فإن من أهم نقاط زيادة معدلات الطلاق هو غياب معايير الاختيار السليمة من الأساس؛ فلا توافق فكرى ولا تشابه فى الميول والعمر والاتجاهات وأحيانا الطبقة الاجتماعية والتعليم؛ حتى لو نشأت قصص الحب قبل الزواج فبغياب النقاط المشتركة بين الزوجين والحوار المشترك وبالهشاشة الفكرية بين الطرفين، يظهر الخرسْ الزوجي يتبعه الملل والاعتياد ويصب ذلك في عدم جدوى الاستمرارية.

ولا شك كون ظاهرة الطلاق عدوى اجتماعية؛ حيث أثبتت الدراسات أن وجود مطلقين فى دائرة الأصدقاء يرفع من احتمالية القرار ويسهل ويشجع عليه؛ حيث النساء أكثر عرضة للتأثر مع معاناتهن من المشاكل الزوجية فبالاطلاع على مشاكل المحيطين تتأثر المرأة بسبب طبيعتها الشغوفة بالتفاصيل، وليس أدل على ذلك من جروبات مواقع التواصل الاجتماعى للفضفضة واستعراض المشكلات والبحث عن الحلول من وجهة نظر أُحادية وهو ما خلق نوعًا من التكالْب والتحامْل والعدائية تجاه الرجال مع توجيه السائلة لحلول من واقع تجاربهن لا تخدم استمرارية العلاقة.

تحولت مؤسسة الزواج في فكر الغالبية لمؤسسة التيك أواى؛ مع الجهل التام بأحكام الطلاق ومشروعيته وآدابه وطُرقِه الصحيحة ودوافعه؛ وفي عصر السماء المفتوحة نجد أعلى معدلات الخيانة الزوجية؛ وأعلى مُعدلات الطلاق لكثرة المعروض وسهولة التعارف بين الأطراف؛ كما ساهمت الترندات والمرض بها فى التباهى بأبغض الحلال؛ بل ويكشف عورات ما بين الزوجين على مرأى ومسمع من الجميع.

الطلاق قضية أمن قومي؛ لابد من تكاتف كل العناصر للحد منها؛ فبالإضافة إلى عبء فشل تلك الأسر على المجتمع وماتفرزه من أطفال مشوهي النفسية، هناك عبء اقتصادي على الدولة فلابد من ظهور خطاب ديني موجه ومكثف لتبصير الشباب بقدسية تلك المؤسسة وبعواقب الطلاق الشفهي وما يحمله من مسئولية أمام الله، لابد من حملات توعوية للحد من ضرب الزوجات؛ حيث أثبتت المحاضر ارتفاع نسبة الضرب بين الأزواج لـ30% وهو مايُشكل ظاهرة لابد من الوقوف أمامها، والأهم هو تفعيل حملات مكافحة الإدمان بكل أشكاله من مدمن ومتعاط ومستخدم؛ مما أحدث الكثير من مشكلات العجز الجنسى التى أدت لارتفاع نسب الطلاق، ولا يقل الأمر عن ظاهرة البرود الجنسى لدى المرأة، وهو ما كوفح بتطبيق قانون منع الختان، وقبل كل ذلك نسأل أنفسنا لماذا الزواج؟ عندئذ نستطيع الإجابة عن التساؤل الدارج لماذا وقع الطلاق؟
----------------------
الأهرام

ads