نجلاء محفوظ تكتب الزواج والملل
يتسلل ببطء "ويسرق" السعادة الزوجية ويقلل فرص نجاح الزواج؛ ويتجاهله -مع الأسف- الكثيرون من الجنسين.. إنه الملل الزوجي الذي يزور كل الزيجات بالعالم؛ مهما كان الحب كبيرا والود جميلا والتفاهم بين الزوجين جيدا.
تكمن خطورة الاستسلام للملل أنه قد يدفع أحد الزوجين للتفكير بأن شريكه بالزواج ليس كافيا؛ ومن ثم لا يرحب بالكلام معه أو بالاستماع إليه والأسوأ أنه قد يهرب لذكرياته قبل الزواج، ويتوهم أنه لو تزوج بمن أحب سابقا كان سيكون أسعد، وأحيانا يفكر بغير شريكه بالزواج أو "يتورط" بعلاقة وكان يمكنه حماية نفسه وزواجه لو "كسر" دائرة الملل اللعينة وهي كأي دائرة من يلقي بنفسه داخلها ولا يعجل بالقفز خارجها تلقيه أرضا ولو بعد حين.
يتسبب الملل الزوجي بالجفاف العاطفي وفتور العلاقة وقد يصل للطلاق العاطفي وتبادل الاتهامات بين الزوجين بأنه مصدر للتعاسة "وللنكد" الزوجي وبقلة تحمل أية أخطاء بسيطة من الطرف الأخر؛ وأحيانا تصيد الأخطاء له لأنه "يحمله" وحده مسئولية الملل الزوجي. وكثيرا ما يهربون لوسائل التواصل الاجتماعي ويتراجع الحوار اللطيف بين الزوجين وينحصر بالطلبات اليومية وشئون الأبناء وهو ما يقتل الحب بين الزوجين ببطء، وأحيانا يشعر البعض بأنه أخطأ في اختيار شريك حياته وأنه اندفع وتزوجه ويرسخ هذه الفكرة "اللعينة" بعقله وقلبه وينتهي الزواج وإن استمر لأعوام طويلة وكان بإمكانه إنقاذه بتحرير الزواج من قيود الملل.
وللأمانة فهو مسئولية الطرفين ومن واجبهما سويا كسره؛ والمبادرة بذلك وعدم انتظار تحرك الشريك.
من أسباب الملل الزوجي؛ تكرار نفس الكلام ونفس التصرفات وردود الأفعال بل وارتداء الملابس ذاتها داخل البيت لسنوات، بل أن حتى عدم التغيير في أسلوب التعبير عن الحب يصيب بالملل؛ "فتوقعه" يقلل من تأثيره ويقتل الشغف ببطء..
ينصح البعض بنصائح مثل تبادل الهدايا والتنزه برفقة الشريك أو تغيير بعض الأثاث بالبيت والعشاء على ضوء الشموع وتناسي أن غالبية الرجال لا يحبون الشموع وتتعرض الزوجة للإحباط بسبب هذه النصيحة التي لا تراعي الفروق بين الجنسين..
أما تغيير الأثاث أو أماكنه أو لإضافة بعض اللمسات الجمالية فهو جميل ومطلوب ومفيد لإنعاش النفس وللتجديد ولكن ليس لقهر الملل الزوجي.
وكذلك الهدايا والتنزه يكونان مجديان عند تجنب الكلمات التي تثير غضب الشريك وعندما لا يكونان مرهقان ماديا والأهم عندما "تسبقهما" مقدمات عاطفية جديدة بلا إلحاح أو حصار حتى لا تأتي النتائج عكسية.
أما الإجازة الزوجية؛ بمعنى ابتعاد الزوجين لأيام لبعض الوقت فجيدة "بشرط" عند العودة تغيير التفاصيل ويمكن الابتعاد خارج البيت لبعض الوقت إن تعذر السفر..
وننبه لعدم تعجل نتائج كسر الملل فستستغرق وقتا وكلما بادرنا بالخلاص منه كان أفضل وأسهل، فالملل كالبقع كلما تأخرنا بإزالتها بذلنا جهدا أكبر وربما تركت بعض الأثار.
وكأي بقع فالخلاص منها لا يعني عدم تكرار حدوثها رغم "يقظتنا" وعند رؤيتها لا نفزع أو نسيء بالتعامل معها فتتسع رغما عنها فلنلتزم بالحكمة أثناء إزالتها ولا نمحوها بعنف فتتسبب بالخسارة ولا نتبع نصيحة سبق وجربناها ولم تفلح، ونتحرى جيدا عن أفضل وسيلة للخلاص منها ولا نتسرع.
وهو ما يجب فعله؛ فأسباب الملل الزوجي تختلف كما تتباين الفروق ليس بين الجنسين فقط ولكن بين كل زوجين؛ وهناك تفاصيل "خاصة" يعرفها كل منهما عن الآخر ليعرف كيف "يستعيد" حسن علاقته به والتحلي بالذكاء؛ فلا يحاول أن يفرض عليه ما لا يرغبه، والكلام للجنسين ويتدرج بالتودد وإذا لم يجد ما يرضيه فلا يتراجع ويتحلى بالنفس الطويل؛ فإنجاح الزواج يستحق بذل الجهد بلا تذمر؛ فهو جزء مهم من حياته.
يخلط البعض بين الاستقرار والركود والملل؛ فالاستقرار لا يعني إدمان الاعتياد ويعني الحفاظ على الزواج مع التجديد ببعض التفاصيل اليومية ومنع الفتور وعدم تجاهل بدايات عدم الرضا داخله أو من الطرف الآخر والعمل على عدم السماح لها بالإقامة أولا بأول، وطرد الاتهامات وتكرارها لأنها تدفع للعناد وللملل أيضا فلا أحد يحب الدفاع عن نفسه والأذكى حسن اختيار الكلمات.
من مسببات الملل تخلي البعض من الجنسين – عن الاهتمام بمظهره داخل البيت وعدم تحليه بأسلوب جميل بالكلام وبتناول الطعام بدعوى التلقائية والتحرر من القيود؛ فيخصم من مكانته لدى الطرف الآخر ويفتح الأبواب لمقارنته بغيره ويفسح المجال واسعا للملل.
نحذر من الإهمال المتبادل من الطرفين أو من أحدهما لاحتياجات الشريك بالزواج أو المبالغة بالالتصاق العاطفي به ودوما خير الأمور الوسط،، وننبه لخطأ الشكوى من الملل الزوجي للأهل والأصدقاء؛ فكثيرا ما تأتي الردود سلبية "وترسخ" الملل وتحبط من يريد الفرار منه أو تلقي باللوم على الطرف الأخر لمجاملة من يشكو فيؤذيه "ويحرمه" من إنجاح زواجه.
ولمعرفة "خطورة" الملل نذكر دراسة تمت بجامعة فيرجينيا؛ حيث وضعوا نساءً ورجالًًا بمفردهم مع صواعق كهربائية كالمستخدمة بالشرطة وتركوا كلًا منهم منفردًا لبعض الوقت؛ فتعمد 25% بالمائة صعق أنفسهم هربًا من الملل وسعيًا للتسلية وكررها البعض!