الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

ماجي الحكيم تكتب: كرامة ابنتي

السبت 19/يونيو/2021 - 05:28 م
ماجي الحكيم تكتب
ماجي الحكيم تكتب

منذ أكثر من خمسين عامًا وتحديدًا عام 1967 تم إنتاج فيلم "كرامة زوجتي" بطولة النجمين شادية وصلاح ذو الفقار قصة المبدع إحسان عبد القدوس، والذي ربط في القصة بين الخيانة الزوجية وتحديها السافر لكرامة الزوجة، وهو ما كان السبب في الخلاف بين الزوجين، وحسب الاتفاق المسبق بين الطرفين أوهمت الزوجة زوجها بأنها أيضًا تخونه.

وهنا توقف عن الاعتذار بل وثار وطلقها، ولم يصل الفيلم إلى النهاية السعيدة إلا بعدما ثبت للزوج براءة زوجته، وأنها لم تخنه قط، فلم الشمل وعادا الحبيبان إلى عشهما.

واليوم وبعد مرور أكثر من نصف قرن مازال المجتمع يتعامل مع كرامة الزوجة على أنها شعار لا يساوي شيئًا، ومازال المجتمع الذكوري يربي الأبناء على أن الكرامة للرجل فقط، وأن العرض والشرف ما هما إلا امرأة فقط..

تذكرت هذا الفيلم منذ فترة حين لجأت لي إحدى الصديقات طالبة مني أن أقنع ابنتها بالعودة لزوجها بعد أن اكتشفت خيانته الأولى لها – كما ادعى – بعد مرور ست سنوات من الزواج ووجود ابنة صغيرة لا يتعدي عمرها السنوات الأربع.

قابلت ابنتها ووسط انهيارها من البكاء سألتها هل تريدين العودة إليه؟ صمتت كثيرًا وشعرت بأنها تخجل من الرد، تود أن تقول نعم، لكن كرامتها تمنعها.. سألتها مرة أخرى لماذا تردين العودة إليه، من أجل طفلتك الصغيرة أم لسبب آخر؟! ردت علي دون أن تنظر في عيني قائلة لأني أحبه، ولا أتصور العيش بدونه.

تفهمت موقفها لأنها تحبه منذ أن كانت في الثامنة عشرة من عمرها تزوجته بعد قصة حب رومانسية جدًا.. طلبت مني النصيحة ولم أستطع أن أملي عليها رأيي الشخصي، لكني نصحتها بأن تتمهل في اتخاذ القرار، ولا تضعف أمام إلحاحه وقسمه بحبه لها، إلا عندما تتأكد إن كانت تستطيع أن تتخطى الموقف، لكني نجحت في إقناعها بالعودة إلى العمل مرة أخرى بعد أن تركته لرعاية ابنتها الصغيرة.

ولأن والدتها كانت على يقين من حب ابنتها لزوجها أقنعتها – وهو ما طاب للابنة – أن تعود لزوجها وتسامحه، وأن الزمن كفيل بالنسيان وتخطي تلك الأزمة التي يمر بها معظم الأزواج - وكنت أتمنى أن تعود له، ولكن بعد فترة أطول تكون فرصة لكلاهما كي يتحكم العقل في تصرفاته وانفعالاته في المرحلة التالية.

وبالفعل عادت الزوجة إلى زوجها، ولكن من أول ليلة شعرت بهوة بينهما بدأت تشعر بقلق شديد وعدم ثقة حتى تحولت إلى توتر مرضي، واستعانت على أثره بالأدوية حسب إرشادات الطبيب؛ لأن تلك الحالة سببت لها بعض الأعراض الجسدية أيضًا.

وذهب الحب بلا عودة، بدأت تشعر بأنه دمرها، أطاح بكرامتها عرض الحائط ففقدت الثقة به وبنفسها، مرضت وأصبحت تعيش في أوهام تلاحقها في وجوده وغيابه، لم تعد تصدق كلامه ولا مشاعره..

ووقع الطلاق وتحسنت حالتها وهنا فقط شعرت الأم بأنها لم تكن السند لابنتها حين نصحتها بالإبقاء على بيتها بدلًا من كرامتها.. والسبب في غاية البساطة أن المجتمع الذكوري مازال يتعامل مع المرأة على أنها درجة ثانية ليس لديها عقل أو كرامة، وإنما مشاعر فقط في خدمة نزوات الرجل..

في حين لو كان المجتمع يعطي المرأة قيمتها الحقيقية لكانت الأم ساعدت ابنتها على أن تستعيد كرامتها قبل الرجوع لزوجها الخائن بعد أن يكون هو أيضًا تعلم الدرس وربما كان احترمها منذ البداية وعرف أن لها نفس الحقوق مثله، ولم يخدش كبرياءها.

قد يكون الحب أكبر نعمة ومتعة في آن واحد؛ لكن حين يتعارض مع الكرامة فقل للقلب سلامًا.

الأهرام

ads