الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

في ذكرى وفاة إمام الدعاة .. هل أنصف الشعراوي المرأة؟

الخميس 17/يونيو/2021 - 01:28 م
في ذكري وفاة إمام
في ذكري وفاة إمام الدعاة

فى 17 يونيو عام 1998 توفي الشيخ الشعراوى أحد أشهر مفسري معاني القرآن الكريم في العصر الحديث الذي استطاع بأسلوبه البسيط العامي الوصول لشريحة كبيرة من المسلمين في جميع أنحاء الوطن العربي.

اعتمد الشعراوى على عدة عناصر فى تفسيره للقرآن الكريم منها اللغة لفهم النص القرآني ومحاولته الكشف عن فصاحة القرآن، سر نظمه، رد شبهات المستشرقين، الدمج بين العمق والبساطة وذلك من خلال اللهجة العامية، ضرب الأمثلة وحسن تصويره لها، الاستطراد الموضوعي والأسلوب المنطقي الجدلي.

يكشف الدكتور أسامة الأزهري، العالم الأزهري، محطات من حياة إمام الدعاة الراحل الشيخ محمد متولى الشعراوي، موضحًا أن الإمام الراحل قضى سنوات من عمره نافرًا من التعليم، ممنيًا نفسه بأن يكون يومًا ما فلاحًا يزرع الأرض كما هو الحال بالنسبة لكثيرين من أقرانه ومن يكبرونه في العمر.

وأضاف أن الله كان مدخرًا له المجد، مشيرًا إلى أن الله ألقى في قلب والده أن يدفعه لحفظ القرآن الكريم، رغم المحاولات العجيبة لابنه الطفل محمد لكي يبتعد عن التعليم الأزهري وحفظ القرآن.

وأوضح أن الشعراوي عندما كان طفلًا كان يضع الشطة في عينيه حتى تصاب بحُمرة لا يستطيع معها الذهاب إلى امتحان قبول التحاقه بالأزهر، وعندما كان يذهب، يتعمد عدم الإجابة عن أسئلة الشيخ الذي يمتحنه مع علمه بالإجابة، إلا أن الوالد قال له: «شئت أم أبيت، هتدخل الأزهر يعني هتدخل الأزهر».

وتابع أن إمام الدعاه بعد محاولات أبيه لإلحاقه بالأزهر أثبت كفاءته في الحفظ وتعلم العلوم، مضيفًا أنه التحق بمعهد الزقازيق الأزهري في وقت كان هذا المعهد شمسًا ساطعة لنشر العلم والثقافة الأزهرية في الأراضي المصرية؛ لأنه كان يحظى بوجود مجموعة من المشايخ الكبار.

وأشار إلى أن معهد الزقازيق الأزهري تولى منصب مشيخته كل من الشيخين عبدالرحمن تاج وإبراهيم حمروش، اللذين تقلدا منصب
شيخ الأزهر فيما بعد.

هل أنصف الشعراوي المرأة؟

يؤكد د. عيد حسن مدرس الحديث وعلومه بجامعة الأزهر أن الناظر بعين الإنصاف في تراث الشيخ محمد متولى الشعراوي – رحمه الله - يري أنه كان نصيرًا لقضايا المرأة العادلة، وأسهم من خلال كتاباته في تصحيح كثير من المفاهيم المغلوطة التي علقت في ذهن بعض الرجال عن حقوق المرأة، فتراه أخي القارئ في كتابه القضاء والقدر:(ص 162) يقرر أن الرجل والمرأة صنوان؛ لكل منهما مهامه التي تُكمل مهام الآخر في حياة تتعطر بالمودة والرحمة، مشفقًا في الوقت ذاته على المرأة من الدعوات التي تريد لها القيام بأعباء مهمة الجنسين تحت راية المساواة.

كما أعلن - رحمه الله- في ذات الكتاب (ص 164) أن الإسلام كفل للمرأة – الزوجة - حرية الاعتقاد دون إكراه من الرجل أو قهر، فيقول - رحمه الله-: «المرأة مطلوبة أن تعتقد العقيدة التي تقتنع بها، فلا يمكن للرجل أن يفرض عقيدته على المرأة ... فالرسل الذين جاءوا ليحملوا الناس على منهج الله أولى بهم أن يحملوا زوجاتهم على منهج الله ، ومع ذلك قدم لنا القرآن هذا العرض: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } [التحريم: 10]. إذن الرسول يأتي لكي يهدي الناس ويعلمهم منهج الله، ولكنه لم يجبر زوجته بمنهجه وظلت مخالفة لذلك المنهج، فللمرأة أن تعتقد ما ترى كإنسان له حرية الاعتقاد».

يضيف مدرس الحديث وعلومه بجامعة الأزهر أن إمام الدعاة قد أنكر الأعراف والتقاليد التي تسلب المرأة حقوقها، فيقول - رحمه الله- في كتابه الماتع ، المرأة في القرآن:(ص 14) «قد نجد أن في بعض بلداننا الإسلامية تُحرم المرأة بحكم العادة من حقها في إبداء رأيها في الزواج أو الميراث، أو التصرف في أي شيء تملكه كأنها فاقدة القدرة على التمييز، وحسن التصرف، وأن الرجل هو من له الحق في كل هذه الأمور، ونحن- أي الشيخ- نقول: إن هذا لم يكن من الإسلام في شيء، بل هو جور على حقها الذي كفله لها الإسلام وعظمه، وما قدمه للمرأة من حقوق، ورفعها مكانة عالية».

كما أبان - رحمه الله- الفهم الصحيح لبعض النصوص التي يوهم ظاهرها انتقاص من المرأة ومكانتها، كما في حديث: « مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ».

فقال - رحمه الله- في كتابه المرأة في القرآن:(ص 62) معقبًا: «إنها هي التي تحنو، وهي التي تمسح الدموع، وتضع مكانها الابتسامة، وهي التي تمسح تعب اليوم وشقاؤه عن زوجها وأولادها ، ولا يتم هذا بالعقل ، ولكن يتم بالعاطفة، وهذا لا يعني طعنًا في فكر المرأة وذكائها ».

ثم أشار إلى ما كان لعقل المرأة ومشورتها وحسن تصرفها من دور هام في حسم الخلاف والجدل، وذلك في موقف أم سلمة- رضي الله عنها- مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في صلح الحديبية، والذي كان من آثاره انتشار دعوة الإسلام في أرجاء الجزيرة العربية، ووضع لبنة قوية في بناء القوة الإسلامية.

كما تصدى لعدد من قضايا المرأة التى حاول البعض أن يشوش من خلالها على مبدأ العدل والإحسان في الإسلام: كقضايا القوامة، وشهادة المرأة ، والميراث، وتعدد الزوجات، مبينًا أن سبب الإشكال هو سوء الفهم للنص القرآني الشريف، وعدم الوقوف على الحكمة في كثير من الأحيان.

من هو الشيخ محمد متولي الشعراوي؟


ولد الشعراوي في 15 أبريل عام 1911 بقرية دقادوس بمحافظة الدقهلية، وأتم حفظ القرأن الكريم فى الحادية عشرة من عمره ، التحق بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري عام 1922 ،وتميز بحفظه للشعر والمأثور من القول والحكم بطلاقه ، ثم التحق بالمعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وتميز بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ثم التحق بكلية اللغة العربية عام 1937 وتخرج فيها عام 1940، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943،وعين في المعهد الديني بطنطا، ثم انتقل إلى المعهد الديني بالزقازيق ثم المعهد الديني بالإسكندرية و فى عام 1950 أعيرالشيخ الشعراوي إلى السعودية ليعمل أستاذًا للشريعة في جامعة أم القرى. وفى عام 1960عُين وكيلًا لمعهد طنطا الأزهري وفى عام 1961 عُين مديرًا للدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف، ثم عُين مفتشًا للعلوم العربية بالأزهر الشريف عام 1962 ثم عُين مديرًا لمكتب الإمام الأكبر شيخ الأزهر حسن مأمون عام1964وفى عام 1966 عُين رئيسًا لبعثة الأزهر في الجزائر وفى عام 1970 عُين أستاذًا زائرًا بجامعة الملك عبد العزيز بكلية الشريعة بمكة المكرمة وفى عام 1972 عُين رئيس قسم الدراسات العليا بجامعة الملك عبد العزيز وفى عام 1976 اختير وزيرًا للأوقاف وشئون الأزهر ثم عُين عضوًا بمجمع البحوث الإسلامية عام1980 واختير عضوًا بمجلس الشورى في نفس العام. وعرض على الشعراوى مشيخة الأزهر والكثير من المناصب في الدول العربية لكنه رفض وقرر التفرغ للدعوة الإسلامية.

نال إمام الدعاه الكثير من الجوائز والأوسمة منها وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى عام 1976، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1983 وعام 1988 في يوم الدعاة.

ads