نساء في القرآن.. مريم المطهرة على نساء العالمين
الإثنين 14/يونيو/2021 - 08:01 م
سمر دسوقي
خص القرآن الكريم عددًا من النساء بالذكر بين آياته المُحكمات، منهن من ذكرن صراحة، ومنهن من تم التلميح لشخصياتهن ضمنيًا مع ذكر قصص وعبر من سيرتهن.
«هير نيوز» تقدم لكِ سلسلة حلقات نساء في القرآن، ونتناول اليوم ملامح من حياة السيدة مريم العذراء:
ولدت السيدة مريم يتيمة حيث توفي والدها عمران وهي في بطن أمها حنة بنت فاقوذا، وعندما ولدت مريم حزنت امها لأنها كانت تريد ذكرًا يكون خادما في بيت الله، لكن الله قدر أن يكون أمر هذه الأنثى عظيمًا، فتقبل الله تعالى مريم، بتحريرها إياها، بقبول حسن، وأنبتها في غذائه ورزقه نباتًا حسنًا.
وكانت أم مريم لا تستطيع تربيتها لكبر سنها، لذا تسابق الجميع ليحظى بشرف كفالتها ردًا لجميل أبيها عمران الرجل التقي الصالح العابد عالما الذي كان يعكف علي تعليم الناس مبادئ الدين والعبادة والصلاح.
فكان بيتهم بيت تقوى وصلاح، وكان عمران رجلا تقيا صالحا عابدا عالما، يعلم الناس مبادئ الدين والعبادة والصلاح إذ كان أبيها عمران من أحبار اليهود وصالحيهم وأثنى الله علي سلالتهم وأكرمهم بالنبوة، فسيدنا عيسى عليه السلام من ذرية آل عمران، يحيى ابن زكريا من هذه الذرية النقية الطاهرة.
وعندما تسابق الجميع ليكفل الوليدة مريم فاتفقوا علي حسم الأمر بأن يقفوا على مجرى النهر ويرمي كل واحد منهم بقلمه الذي كان يتعلم به ويكتب، علي أن يكون الفائز بكفالة مريم من لم يجرف موج النهر قلمه.
رمي الجميع أقلامهم ووقفوا ينتظرون النتيجة التي أصابتهم بالدهشة الأقلام جميعها ذهبت مع الماء إلاّ قلم زكريا الذي وقف صامدًا في النهر.فكرروها ثلاثًا ووجدوا نفس النتيجة.
اقرأ أيضًا..
كان من حسن حظ مريم أن يكفلها النبي زكريا زوج خالتها، وقدَّر الله كون زكريا كافلًا لها لسعادتها لتقتبس منه علمًا غزيرًا نافعًا وعملًا صالحًا. كان كلما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقا من الله، فيقول لها من أين لك هذا الذي لا يشبه أرزاق الدنيا وهو آت في غير حينه، والأبواب مغلقة عليك، قالت: هو من عند الله، قال تعالى:
ورد اسم مريم ابنة عمران رضي الله عنهما في القرآن الكريم بلفظٍ صريح 24 مرة.
وورد اسمها في سورة التحريم مرة واحدة منسوبة إلى أبيها (مريم ابنة عمران) في مقام الثناء عليها لإيمانها وتصديقها وقنوتها، قال تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} (التحريم: 12).
سمى القرآن الكريم سورة برأسها باسم مريم عليها السلام، وضمَّنها حيزًا واسعًا من قصة حملها وولادتها لعيسى عليه السلام، كما جاء الحديث عن مريم عليها السلام في سور: آل عمران، والأنبياء، والتحريم.
معجزتها
يبدأ حديث القرآن الكريم عن مريم عليها السلام بالاخبار بأنها نأت بنفسها عن أهلها في مكان بعيد، وكأن الله أراد تهيئتها لأمر غير معتاد، {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا} (مريم:16)، ثم تمضي القصة لتخبرنا أنه سبحانه أرسل إليها جبريل عليه السلام متمثلًا بصورة رجل كامل الرجولة: {فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا} (مريم:17).
اقرأ أيضًا..
وكان رد فعل الفتاة العذراء على هذا الموقف المفاجئ أن استعاذت بالله ممن فاجأها على غير ميعاد، فخاطبته بقولها: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} (مريم:18)، وكان جواب المَلك لها مطمئنًا لقلبها، ومهدئًا من روعها: {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} (مريم:19)، فأجابته مريم عليها السلام جوابًا فطريًا ناظرًا إلى الأسباب.
قالت: {أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا} (مريم:20)، غير أن المَلك أخبرها بأن خالق الأسباب والمسببات لا يعجزه شيء، وأن الأمر بيده قد يُجري الأمر من غير سبب، وأن الغرض من خرق الأسباب أن يبين للناس قدرته سبحانه على كل شيء، وأن يجعل للناس آية يعتبرون بها؛ ليعظموا هذا الخالق الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وليقدروه حق قدره، فقال مخاطبًا إياها: {كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا} (مريم:21).