الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

نساء في القرآن والسنة.. محطات فاصلة في حياة السيدة حواء

السبت 12/يونيو/2021 - 09:40 م
نساء في القرآن والسنة
نساء في القرآن والسنة


خص القرآن الكريم عددًا من النساء بالذكر بين آياته المحكمات، منهن من ذُكرن صراحة، ومنهن من تم التلميح لشخصياتهن ضمنًا مع ذكر قصص وعبر من سيرتهن.

"هير نيوز" تقدم لكِ سلسلة حلقات "نساء في القرآن"، ونتناول اليوم السيدة حواء.

لم يتم ذكر اسمها في القرآن إطلاقًا ولكن كانت تسمى (بزوجته) أي زوجة سيدنا آدم عليه السلام من غير ذكر اسمها مباشرة، في حين ذكرت السيدة حواء بالسنة النبوية، فبعد أن خلق آدم بدون والد ولا والدة، خلق الله حواء من آدم، حتى تصبح له السكن والعون في حياته، وتقوم بتعمير الأرض بأبناء آدم، لكي يخلف الله بعضهم بعضًا فيها، وأسكن الله آدم وحواء الجنة كما في قوله تعالى:

{وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [سورة البقرة: الآيتين 35، 36].

وقال الزركشي: “ومع هذا فإن عيسى لا أب له، واعتقاد هذا واجب، فإذا تكرر ذكره منسوبًا إلى الأم استشعرت القلوب ما يجب عليها اعتقاده من نفي الأب عنه، وتنزيه الأم الطاهرة عن مقالة اليهود لعنهم الله”.


قال تعالى: ”هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ" [سورة الأعراف: الآية 189].

وقال المفسرون في تفسير هذه الآية: 

إن المراد بالنفس الواحدة هو آدم عليه السلام.

فبعد أن خلقه الله سبحانه وتعالى وحيدًا من غير أب ولا أم، خلق من نفس آدم زوجًا له؛ حتى تكون سكنًا يأوي إليه في الحياة.

حواء في السنة

وجاء ذكر السيدة حواء في السنة النبوية بلفظٍ صريح، ومعلوم أن السنة النبوية شارحة للقرآن، وموضّحة له.

فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلاَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزِ اللَّحْمُ، وَلَوْلاَ حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ".

ومعنى قوله: (لم يخنز اللحم): بفتح النون، من خنز اللحم بالكسر: تغير وأنتن. يشير إلى أن خنز اللحم بشيء عوقب به بنو إسرائيل، حيث كفروا نعمة الله - تعالى- حين ادخروا السلوى، وقد نهاهم الله - تعالى - جل جلاله عن الادخار، ولم يكن اللحم يصيبه الفساد قبل ذلك، فحدث التغير لسوء صنيعهم، وهو الادخار الناشئ من عدم الثقة بالله.

وقوله: ( ولولا حواء ): بالمد أي: لولا خيانتها في مخالفتها.

( لم تخن أنثى زوجها ): أي: لم تخالفه ( الدهر ): أي: أبدًا، وكأن الخيانة تحصل من العوج الذي في طينتها أو جبلتها.

قال القاضي: أي لولا أن حواء خانت آدم في إغرائه وتحريضه على مخالفة الأمر، بتناول الشجرة، وسنت هذه السنة، لما سلكتها أنثى مع زوجها.

وقيل، إن خيانتها أنها ذاقت الشجرة قبل آدم، وكان قد نهاها، فغرته حتى أكل منها.

وقيل: خيانتها أنها أرسلها آدم لقطع الشجرة فقطعت سنبلتين وأدته واحدة، وأخفته أخرى.

ينظر: "مرقاة المفاتيح"، و"إكمال المعلم".

وقال ابن هبيرة في "الإفصاح"، "إن خيانتها لزوجها، أنها لما رأت آدم قد عزم على الأكل من الشجرة، تركت نصحه في النهي له ؛ لأن ترك النصح له خيانة ؛ فعلى هذا، كل من رأى أخاه المؤمن على سبيل ذلك، فترك نصحه بالنهي عن ذلك، فقد خانه، ولا يخرج هذا من تسمية الخائنين الذين جزم الله سبحانه منهم: ( إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الخَائِنينَ ) ؛ اللهم إلا أن يسكت تقية، فذلك له حكم تعلق به".

وقد صرح أكثر الأئمة والمفسرين بأن اسم زوجة آدم عليه السلام هو " حواء "، ولا نعلم أحدًا من العلماء أنكر ذلك.

من ذلك ما جاء في "سنن ابن ماجه" عن أبي الْيَمَانِ الْمِصْرِيّ، قَالَ: سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ، عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ، وَيُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ، وَالْمَاءَانِ جَمِيعًا وَاحِدٌ؟

قَالَ: لِأَنَّ بَوْلَ الْغُلَامِ مِنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ، وَبَوْلَ الْجَارِيَةِ مِنَ اللَّحْمِ وَالدَّمِ، ثُمَّ قَالَ لِي: " فَهِمْتَ؟ " أَوْ قَالَ: " لَقِنْتَ؟ ".

قَالَ: قُلْتُ: لَا.

قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى، لَمَّا خَلَقَ آدَمَ، خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ ضِلْعِهِ الْقَصِيرِ، فَصَارَ بَوْلُ الْغُلَامِ مِنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ، وَصَارَ بَوْلُ الْجَارِيَةِ مِنَ اللَّحْمِ وَالدَّمِ.

قَالَ، قَالَ لِي: فَهِمْتَ ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ لِي: نَفَعَكَ اللَّهُ بِهِ " انتهى.

وقال مقاتل في تفسير قوله تعالى: "( يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ) يخوفهم يقول اخشوا ربكم (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) يعنى آدم (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها ) قال: يعني من نفس آدم من ضلعه: حواء، وإنما سميت حواء ؛ لأنها خلقت من حي آدم " انتهى من "تفسير مقاتل بن سليمان".


وجاء في "تفسير يحيى بن سلام" في قوله تعالى: ( فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا ) [طه: 121] وَقَالَ الْحَسَنُ: لَوْ أَنَّ حَوَّاءَ بَدَأَتْ قَبْلَ آدَمَ، فَبَدَتْ سَوْأَتُهَا عِنْدَ ذَلِكَ، لَكَانَتْ لَهُ عِظَةً، وَلَكِنْ لَمَّا أَكَلَ آدَمُ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا " انتهى.

وقال ابن جرير الطبري في قوله تعالى: (وخلق منها زوجها) [النساء: 1]: وخلق من النفس الواحدة زوجها ؛ يعني بـ " الزوج " الثاني لها، وهو فيما قال أهل التأويل: امرأته " حواء ".

وقال البغوي في قوله تعالى (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة): " وذلك أن آدم لم يكن في الجنة من يجانسه، فنام نومة فخلق الله زوجته حواء من قصيراء شقه الأيسر، وسميت حواء ؛ لأنها خلقت من حي".

ads