«هنا القاهرة».. 87 عامًا على انطلاق رسالة التنوير
الإثنين 31/مايو/2021 - 04:24 م
أحمد زكي
«هنا القاهرة»، لم تكن مجرد عبارة ألقاها الإذاعي الراحل أحمد سالم على أسماع الجماهير في مساء مثل هذا اليوم 31 من مايو عام 1934، بل كانت صيحة مدوية تُعلن ميلاد الإذاعة المدرسية وانطلاق أثيرها حاملًا بين موجاته رسالة التنوير.
رفعت وأم كلثوم وشوقي
فى مساء الخميس 31 مايو، كان الموعد المحدد لإطلاق البث الإذاعي لأول مرة في مصر، ووقع الاختيار على الطيار والمهندس أحمد سالم، والذي كان صديقًا شخصيًا للملك فاروق ليدشن البث، وليحمل بعدها لقب أول مذيع مصري، فأطلق الصيحة المدوية «هنا القاهرة.. آلو آلو.. البث المباشر للإذاعة اللاسلكية المصرية».
واتبعها ببث مباشر لآيات من الذكر الحكيم بصوت الشيخ محمد رفعت، ثم قدمت كل من أم كلثوم وصالح عبد الحي وصلتين غنائيتين، قبل أن يعود سالم بصوته الرخيم ليلقي قصيدتين شعريتين لعلي الجارم وأمير الشعراء أحمد بك شوقي، ثم فاصل موسيقي من إبداعات مدحت عاصم.
الإذاعات الأهلية
قبل 8 سنوات من ذلك التاريخ، وتحديدًا في عام 1926، كان بإمكانك امتلاك محطة إذاعية تبث من خلالها ما تشاء وقتما شئت، في حدود 4 ساعات من البث يوميًا، هكذا كانت بداية الإذاعات الأهلية في مصر، والتي تشبه إلى حد كبير «القنوات الفضائية الخاصة» الآن، كل ما كان مطلوبًا منك، تخصيص شقة أو حتى غرفة في شقتك، أو مكتب وتضع عليه لافتة باسم محطتك، وأن تسدد للحكومة مبلغ 144 جنيهًا كرسم بث، وعلى غرار «وصلة الدش» التي كانت موجودة قبل ربع قرنٍ من الآن عامًا، كان المشترك في خدمة «الراديو» يدفع ريالًا «20 قرشًا» شهريًا.
أشهر الإذاعات المحلية
الحقيقة، أن خدمة بث الإذاعة الأهلية كانت تتوافق إلى حد كبير جدًا مع «وصلة الدش»، فلم تكن التغطية تتجاوز عدة شوارع أو حتى الحي الذي يقع في نطاق البث، وكانت أشهر الإذاعات الأهلية «فاروق»، «فوزية» والتي اشتق مؤسسوها أسماءها من أسماء الأسرة المالكة، كنوعٍ من الترويج، وكانت هناك إذاعة شهيرة أيضًا اسمها «راديو حبشي» أطلقها مواطن يدعى حبشي جرجس من منطقة وكالة البلح، وغيرها من المحطات الأهلية.
حرب الإعلانات
وكما هو الحال في التنافس بين الفضائيات الخاصة، دار التنافس بين الإذاعات الأهلية التي كانت تعتمد كليًا وجزئيًا على الإعلانات، لكن حدث أن خرج الأمر عن حدود اللياقة، إذ ساد التراشق والتلاسن سياسة هذه المحطات، فصدر في العام 1934 المرسوم الملكي بإلغائها، وليصدح صوتٌ جهوريٌ واحد من الإذاعة الحكومية «هنا القاهرة».
اقرأ أيضًا..
ورأت الحكومة وقتها أنها الأحق بمخاطبة الشعب، فتم الاتفاق مع شركة ماركوني لبدء البث من قصر عابدين بوسط القاهرة في حفلٍ كبير حضره الملك فاروق، وبدأ الأمر بمحطتين هما البرنامج العام والبرنامج الأوروبي، حتى كان العام 1947 الذي شهد إنجازًا جديدًا على صعيد الإعلام حين قررت الحكومة إلغاء التعاقد مع ماركوني وتمصير البث الإذاعي وتوسيع إطار الأثير ليشمل 4 محطات بدلًا من اثنتين فقط.