الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

أرستقراطية تحفظ القرآن.. الطبيبة «زهيرة عابدين» أغلقت عيادتها 30 عامًا لتنقذ ملايين الأطفال

الجمعة 07/مايو/2021 - 12:41 م
زهيرة عابدين
زهيرة عابدين

الدكتورة زهيرة عابدين، الملقبة بـ «أم الأطفال»، و«أم الأطباء المصريين» أسطورة يصعب تكرارها، فهي أول سيدة فى الوطن العربى والعالم النامي تحصل على جائزة «إليزابيث نورجل العالمية» بعدما أفنت نصف قرن من عمرها لخدمة المجتمع، وأغلقت عيادتها 30 عامًا من أجل أن تتفرغ للعمل الخيري ورعاية الطفولة.

في ذكرى وفاتها نُعيد التذكير بقصة حياة الراحلة حيث قدمت نموذجًا متوازنًا ومشرفًا للمرأة التي خرجت للحياة العامة من أوسع أبوابها مع حرصها على أولوياتها الأسرية.

أسست أول جمعية لمرضى روماتيزم القلب، ومعهدًا لصحة الطفل، وسلسلة مدارس بالقاهرة وأشرفت على تأسيس كلية طب البنات بدبى، وأسست جمعيات لرعاية المحتاجين في مجالات عديدة، فضلا عن إنجازات علمية واجتماعية، فاستحقت تقدير العالم حيث حصلت على الدكتوراه الفخرية من جامعة (إدنبرة).

في أواخر حياتها التي اقتربت من الثمانين عامًا لم تتوقف عن استكمال أعمالها التطوعية بكل جدية وإخلاص، كانت تصلى الفجر فى المسجد يوميًا وتختم القرآن شهريًا.

اقرأ أيضًا..

طبيبة تخلع زوجها بسبب ركنة السيارة.. والزوج يطلبها في الطاعة


ولدت زهيرة عابدين سنة 1917 فى أسرة أرستقراطية، حفظت القرآن الكريم فى صغرها. وشكلت معرفتها العلمية وإيمانها العميق تكاملا فى شخصيتها لتصنع هذا الرمز المصرى والطبى الكبير. الإيمان بالله والصبر والتنظيم والعمل الجاد أسلحتها التي جعلتها دائما الأولى بين أقرانها.

كانت الأولى فى البكالوريا(الثانوية العامة)علمى على مستوى الدولة عام 1936، والأولى على دفعتها بكلية الطب، وهي أول عضو هيئة تدريس من النساء فى نفس الكلية، وأول من أسس قسم الأطفال بالكلية، وأول سيدة مصرية تحصل على درجة الزمالة من الجمعية الطبية بلندن.

عرفت د. زهيرة فى وقت مبكر معاناة الطفل المحروم من الحنان، حيث ذاقت طعم الحرمان منذ نعومة أظافرها عندما توفيت والدتها، لذا أصبحت أما لنفسها وينبوع حنان للأطفال، فتعلقت عيناها بالطفولة والعمل الخيري، وعندما لاحت لها فرصة التخصص العلمى اختارت طب الأطفال.

كانت أول طبيبة يسمح بتعيينها في هيئة التدريس بالجامعات المصرية بعد عودتها من إنجلترا سنة 1949، بعد نجاحها في اجتياز امتحان الزمالة بالجمعية الطبية بإنجلترا، وهي أول طبيبة عربية تحصل على هذه الشهادة، كما كانت أول طبيبة عربية تحصل على درجة كلية الأطباء الملكية بلندن.

بعد تخرجها عملت بطب الأطفال بمستشفى أبو الريش بالقاهرة، ففزعت من شيوع مرض روماتيزم القلب لدى الأطفال، لذا وجهت كل طاقتها على المستويين العملى والاجتماعى لمواجهة هذا المرض. فأعدت العديد من الأبحاث عن هذا الداء وترقت بها في سلك التدريس لتصبح أول رئيسة لطب الأطفال بطب القاهرة.

وعلى المستوى الاجتماعي أنشأت عام 1957 جمعية أصدقاء مرضى روماتيزم القلب، ومن خلال الجمعية أنشأت مستشفى بالهرم. وحققت إنجازا فى هذا المجال،حيث انخفضت الإصابة بهذا المرض من 50% إلى أقل من 4% خلال 20 عامًا.

وبعد ذلك أنشأت معهدا لصحة الطفل بحى الدقى بالقاهرة لرعاية الطفولة ووقايتها من أمراض ما قبل سن الرابعة، وعلى رأسها أمراض سوء التغذية والنزلات المعوية والجفاف الشائعة بين الأطفال.

واصلت الدكتورة زهيرة عطاءها فى العديد من المجالات، منها إنشاء دار رعاية الطلبة للمعوزين والمتفوقين عام 1962، ودار سعادات للمسنات بالمهندسين.

وأقامت عدة مشاريع في حي الحسين بالقاهرة (حضانة للأطفال، مشغل للبنات لتعليم التفصيل والخياطة،دار الطالبات الجامعيات المغتربات، عيادة طبية).وفى عام 1990م منحتها نقابة الأطباء المصرية لقب «أم الأطباء» بمصر، كما منحتها كلية الطب لقب «أستاذ كرسي طب المجتمع».

وكرمتها الدولة بحصولها على جائزة الدولة التقديرية عام 1996م في العلوم الطبية التطبيقية.

وتعد الدكتورة زهيرة عابدين مؤسسة ما يعرف بطب المجتمع لأول مرة فى مصر والعالم فأبحاثها العلمية فى مجال قلب الأطفال مازالت تُدرس منذ الخمسينات وحتى الآن، وهى من عاشت حياة ملؤها العطاء والتفانى ومازالت آثار صنيعها الطبى والخيرى تعيش بيننا حتى الآن.

مجمل أبحاثها
وبلغ مجمل أبحاثها 120 بحثا نشرت في مجلات علمية متخصصة عالمية، وكانت الطبيبة الوحيدة عالميا التي حصلت على الدكتوراه الفخرية من جامعة أدنبرة عام 1980، وأسست أول كلية لطب البنات في الإمارات عام 1986، ووضعت مناهجها وعكفت على إدارتها لمدة 7 أعوام.

حياتها الأسرية
قدّمت صورة مشرقة لنجاح أمرأة عصرية في إطار أسري داعم لها، فلم تجد زهيرة مشكلات مع الأب أو الزوج، تلك المشاكل التي كان يمكن أن تعيق عطائها وتطورها العلمي والإنساني في المجتمع، حيث تزوجت زهيرة من الدكتور محمد عبدالمنعم أبو الفضل، أستاذ التحاليل الطبية وزميلها في الدراسة بكلية الطب، ورزقت بـ4 أبناء حصلوا جميعهم على درجة الدكتوراه في تخصصات مختلفة.

وظلت حتى السنوات الأخيرة من حياتها تتابع مشاريعها الخيرية، وعندما اشتد عليها المرض واضطرت للسفر للخارج لتلقى العلاج ظلت متعلقة بالعمل الخيرى إلى أن فاضت روحها الطاهرة يوم 6 مايو عام 2002م لتترك بصمة طبية وخيرية لن ينساها التاريخ.

ads