الإعلامي سيد علي يكتب : نساء رمضان المصريات
كانت دراما الواقع المصرى أكثر إبداعًا من أى خيال فى زمن كنا تصورنا ان الرقى انتهى لنجد ان مصر مازالت هى القادرة على هذه العظمة والابداع الراقي, ففى وسط الصخب المنفلت المشبع بروح الغواية بالشهر الكريم بلا ذرة حياء أو تأدب فيما تبثه برامج النميمة من زواج وطلاق وخيانة, تحمل فلاحة صينية من الطعام لتطعم الصائمين الذين دهمهم إعصار قطار القاهرة _ المنصورة وهى واحدة من نساء قرية كفر الحصة المطلة على طريق مصر إسكندرية الزراعى الموازى لخط السكة الحديد بمحافظة القليوبية، حملن موائد الطعام لمصابى حادث القطار رقم 949 المتجه من القاهرة للمنصور ولو كان بإمكانهم تقديم أكثر من ذلك لم يكن ليتأخروا.
وكانت المرأة الاخرى الحاجة فاطمة التى رفضت مالا مجهولا لا تعرف مصدره وقد سألت عن هذا المال وهل هو حلال أم حرام وألمحت إلى أن المال الحلال هو من يشقى به الإنسان ويعرق ويعمل ويكد ويتعب ليحصل عليه.
المشهد ببساطة وتلقائية وفطرة سليمة دون أى رتوش بعد سؤالها للمذيع هل هذه الأموال حلال أم لا، مبررة شكوكها بأنها لم تتعب فى الحصول عليها.
والمثير أنها كانت عائدة من شغلها ومعها ٧ جنيهات وتحتاج جنيهين للعودة لبيتها فى ناهيا ثم أعطت زملاءها فى العمل جزءا من المبلغ المالى الذى أخذته كان ذلك فى دراما الواقع بينما راحت دراما رمضان تختزل المرأة فى القضايا التافهة بغض النظر عن الاداء الفنى الراقى للنجوم.
مثلا شخصية هنا (منى زكي) فى مسلسل نيوتن تقدم طرحًا منطقيًا وعقلانيًا لوضع المرأة فى المجتمع.. المرأة وهى تصارع وتقاوم وتناضل الظلم والحرمان وتسعى لكسب قضيتها وتستمد القوة الحقيقية لها من القوى الخالق فى مشهد رائع وهى تصلى وتدعو الله بكل ثقة وذل ورجاء وآيات سورة يس الساحرة.
فهي.غير محجبة وزوجة عادية وتعمل وتحب زوجها، ولكنها تعانى التدخل من أهله ومن تقليله المستمر من قدراتها وإمكاناتها. وهى تحاول جاهدة أن تتغلب على صورتها الذاتية السلبية فى طريقها لإنجاز مهمتها، شخصية هنا – حتى الآن– ضرورية للعرض على مجتمعنا، للنقاش فى مدى استحقاق المرأة «العادية» للفرص، وكيف أن تلك المرأة العادية بإمكانها ليس فقط أن تنجو دون وصاية مجتمعية، بل أن تنجز أيضًا. قررت مع زوجها أن تهرب فى أمريكا بعد انتهاء المؤتمر الذى سافرت له بصحبة زملائها فى العمل لتلد طفلها المنتظر هناك ليحصل على الجنسية الأمريكية، والتى لم يتمكن زوجها من اللحاق بها, فقررت أن تخوض التجربة منفردة.
أما مسلسل الطاووس الذى يرصد السلوك الهمجى لبعض أبناء كبار رحال الاعمال وذلك بقصة شبيهة لواقعة فندق فيرمونت حتى وإن نفى صناع المسلسل ذلك فقد حصل على تعاطف ودعاية مجانية بعدما قرر المجلس الاعلى للاعلام التحقيق مع صناع المسلسل.
وبغض النظر عن كل ذلك فقد أدان بمنتهى الحرفية التحرش وسلوك الاثرياء الجدد فى التعامل مع النساء ويحسب له أنه يذكر البعض بأن ضمير الرأى العام سيظل يقظا لاستعباد النساء وشراء أعراضهن سواء برضاهن أو بشراء صمتهن.
أما نيللى كريم فترسخ فى مسلسل ضد الكسر لصورة غريبة عن المرأة التى تتكسب من الإنترنت، صورة نمطية تمامًا تجدها فى تعليقات الجمهور على أخبار أى من المشاهير ناعتين إياهم بأسوأ الصفات.
فهى طرف فى علاقة مشبوهة، تمارس التدليس بسهولة، أموالها تفتح لها كل الأبواب المغلقة، تسهر فى أماكن ماجنة وتشرب الخمر وتتشاجر مع زوجها إذا انفعل عندما يلمس صديق لهم جسدها بأريحية. تنميط شديد ومهين للمرأة التى تقرر أن تستفيد من مواهبها –الشخصية موهوبة فى الطبخ– لتتكسب من الإنترنت، وكأن كل من تقرر أن تظهر فى فيديوهات على الإنترنت هى بالضرورة تعيش حياة ماجنة.
عن زيزى أو أمينة خليل، فى مسلسل «خلى بالك من زيزي»، والتى –من المفترض- أنها تعانى مشكلات تتعلق بالتحكم فى الغضب وتتعرض لظلم من زوجها السابق فهناك خلط متعمد بين المريض النفسى وبين الشخص غير المسئول، فزيزى تعانى –كما يبدو– من أعراضا اكتئابية ومشكلات فى التحكم فى الغضب إلى جانب ثورة هرمونية لأنها خضعت لأربع عمليات حقن مجهرى فى سنتين ولكننا نرى إنسانة مختلة تمامًا، أشبه بالشخصية السايكوباتية المعادية للمجتمع.
------
الأهرام