الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

السيدة عاتكة.. المخلصة زوجة الشهداء

الثلاثاء 20/أبريل/2021 - 04:46 م
هير نيوز

كانت الكثير من نساء الأمة في الصدر الأول يتسمن برجاحة العقل وحسن التصرف، فأخرجن أجيالًا حملت رسالة الإسلام على عاتقها لعقود طويلة، وأنارت الدنيا بعلمها وفضلها وأخلاقها الإسلامية.

إن أي مجتمع يتكون من الذكور والإناث، وهذا التنوع قد أخبرنا عنه الله سبحانه وتعالى أنه نابع من أصل واحد، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء1، "ثم أخبرنا الله أن العلاقة بينهما هي المساواة في أصل الخلق وفي التكريم، قال تعالى:( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)" الإسراء 70.

وعن التكليف قال تعالى:( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ والإنس إلا ليعبدون)الذاريات 56

وفي المشاركة والعمل والحساب والجزاء قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل 97.

فمنذ مجيء الإسلام والمرأة والرجل يشكلان ركيزة المجتمع الإسلامي مع اختلاف دور كل واحد منهما عن الآخر. وباستعراض التاريخ الإسلامي منذ نزول الوحي نجد أن المساهمة في البناء الحضاري لأمتنا كان يتم بالتعاون بين كل مكونات المجتمع الإسلامي رجالًا ونساء.

وتكون مساهمة المرأة على محورين:

الأول بناء الإنسان

والثاني بناء المجتمع.

فلا يستطيع أحد أن يجادل في أهمية دور المرأة المسلمة في المجتمع، فالمرأة التي تدرك حقيقة دورها، وتلتزم بواجباتها، وتحرص على ممارسة حقوقها، إنما تؤثر في حركة الحياة في وطنها تأثيرًا بالغًا، يدفع به إلى مزيد من التقدم والرقي وملاحقة الركب الحضاري، على مستوى المجتمعات الإسلامية والعالم أجمع.وهي اللبنة الأولى في بناء الأمة والخلية التي يبدأ الاجتماع الانساني.

الدكتورة حنان مختار الواعظة بوزارة الأوقاف والحاصلة على الدكتوراه في الفقه الإسلامي تخص " هيرنيوز" بحلقات متتابعة بعنوان " هي" تتناول خلالها على مدار الشهر الفضيل نماذج تحتذى للمرأة في كافة أدوارها على كافة الأصعدة الدعوي والاقتصادي والسياسي والتعليمي والتنموي والحربي والإعلامي، وعلى صعيد العمل التطوعي للتعرف عليهن والاقتراب أكثر من سماتهن الشخصية.

وشخصية اليوم هي السيدة عاتكة ( زوجة الشهداء)

تقول عنها الدكتورة حنان مختار: هي عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل وهي أخت (سعيد بن زيد) زوج فاطمة بن الخطاب رضي الله عنهم وهي ليست عاتكة عمة النبي – صلى الله عليه وسلم.

والدها (زيد بن عمر بن نفيل) الذي أسلم وتوفي قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم - وقد شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم- بالجنة، وقال عنه: إنه يبعث يوم القيامة أمة وحده حيث رأى في ليلة الإسراء زيد بن عمر بن نفيل يجر أثوابه في الجنة برغم أنه توفي قبل الإسلام، إلا أنه كان من الموحدين على ملة ابراهيم - عليه السلام - الحنيفية، وكان يبغض الأصنام وأخذ يبحث عن عبادة لله يقوم بها حول الكعبة، فأخذ يطوف حولها دوما مرددًا " لبيك حقًا حقًا تعبدا ورقًا " كم هو من مخلص معتنق للحنيفية والتي معناها الإخلاص في العبادة، وكذلك نشأ بيت هذا الرجل على الإخلاص، وحب عبادة الله وتوحيده.

الفصيحة البليغة


بعد البعثة سارعت ابنته في الدخول في الإسلام، وكانت عاتكة من أجمل نساء العرب وهي تملك الفصاحة والبلاغة وكانت شاعرة.

عندما بلغت مرحلة الشباب تهافت عليها الشباب يطلبونها للزواج ليس فقط لجمالها الذي تميزت به، مما جعل كثيرا من الشباب يتقدمون لها لحسن أدبها وخلقها وحكمتها وإخلاصها الممتد من إخلاص أبيها، وكان من بين هؤلاء الشباب (عبد الله بن أبي بكر الصديق) - رضي الله تعالى عنهما - وتزوجت منه وكان جمالها وحديثها سببا في أن عبد الله صار منشغلًا بها عن أداء باقي واجباته وكان أول انتهائه من الصلاة يعود فورا للمنزل ولَمَّا شغلته عاتكة عن المعاش والتجارة، وكان ولدًا مطيعًا لوالديه وأدرك أنه قصر في واجباته تجاه خالقه فطلقها ثم راجعها.

اقرأ أيضًا.. سيدة صنعت رجلًا من عظماء التاريخ..المربية العالية بنت شريك


زوجة الشهداء

ولم يمر وقت طويل حتى خطبها (عمر بن الخطاب ) ولم يلبث إلا أن فارق الحياة، شهيدا قال عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما- "من أراد الشهادة فليتزوج بعاتكة".

وعندما انقضت أيام عدتها جاءها (الزبير بن العوام)، حواري رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وابن عمته، جاءها خاطبًا، فلم تقبل إلا بعد إلحاح، فهي كانت تتمنى ألا تتزوج. وهكذا تزوجت من الزبير بن العوام، واستشهد عندما رجع عن الركب الذي ذهب لقتال علي - رضي الله عنه، فاغتاله (عمرو بن الجرموز) في الطريق.

و جاءها (علي بن أبي طالب) -كرم الله وجهه- خاطبًا فقالت له:إني لأضن بك يا ابن عم رسول الله – صلى الله عليه وسلم- عن القتل، فأخذ برأيها ورجع عن خطبتها وكان يردد بعد ذلك: من أحب الشهادة الحاضرة فليتزوج عاتكة.

رفيقة الجهاد


ثم تزوجها (الحسين بن علي بن أبي طالب)، فكانت رفيقة جهاده وجلاده، فارتحلت معه إلى الكوفة، وصبرت معه يوم كربلاء. فكانت أول من رفع خده من التراب.

توفيت عاتكة سنة أربعين للهجرة، وأصبحت قصتها رواية خيالية يرددها الناس وما أكثر قصائدها في الحب والرثاء. غفر الله لنا ولها.

سر تميزها


ولنتساءل: لماذا ميزها الله بأن جعل من يتزوجها ينال الشهادة؟ وهذا ما جعل عشاق الشهادة يتهافتون عليها، وينساقون إليها في كبرها طالبين القرب منها. وقد اتصفت إلى جانب ذلك بالإخلاص في كل شيء: الإخلاص لربها ولدينها ولأزواجها.

إنه الإخلاص.. جعلها في التاريخ من النساء الخالدات.

السيدة عاتكة.. المخلصة زوجة الشهداء

السيدة عاتكة.. المخلصة زوجة الشهداء
ads