الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

شيخ الأزهر: العبادات حصن ‏من همزات الشياطين وغوايات النفس وشرور ‏‏رفقاء السوء

السبت 17/أبريل/2021 - 02:01 ص
فضيلة الإمام الأكبر
فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب


كشف فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف أبرز مظاهر وسطية ‏‏الإسلام وتجلياتها ‏‏في تشريعاته العملية وتكاليفه الحياتية اليومية قائلا: إن مظاهر الوسطية لا ‏‏يستطيع باحث أن ينكرها ‏على هذا الدين الحنيف؛ فعقيدة الإسلام وسط بين الإلحاد ‏‏وإنكار الألوهية ‏من جانب، وبين الشرك وتعدد الآلهة من جانب آخر.

وأضاف أن العبادة في ‏‏الإسلام ‏وسط بين الأديان التي تكتفي في أداء عباداتها على مجرد التأمل الشعوري ‏‏‏الروحاني، بعيدا عن الجانب العملي التطبيقي، وبين الأديان التي تدعو إلى ‏الرهبنة ‏‏والانقطاع للعبادة والانسحاب من الحياة.
مظاهر الوسطية

وأوضح فضيلة شيخ الأزهرخلال الحلقة الرابعة من برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب» الذي يذاع ‏للعام الخامس أن الحلقات الثلاث الماضية حلقات تأسيسية لموضوع: ‏‏«وسطية ‏‏الإسلام»، وهذه الحلقة وما يعقبها ستكون مفسرة لأهم مظاهر هذه ‏الوسطية.‏

وأكد شيخ الأزهر أن الإسلام وحده الذي ‏يشجع المسلم على ذكر الله واستحضاره، ‏‏وهو في قلب الحركة وأتون ‏الصراع مع الحياة لا يحتاج في ذلك إلى مكان بعينه، ‏‏ولا هيئة بعينها، ‏والمسلم يتعبد لله وهو يمشي في مناكب الأرض، ليعمرها ويأكل من ‏‏‏رزقها، والمسلم يتمتع بالأكل والشرب دون إسراف أو تبذير، والمسلم يتزين بزينة ‏‏الحياة الدنيا ولكن في غير عجب ولا تكبر ولا ‏اختيال، وهو مكلف بعبادات سهلة ‏‏التطبيق، يومية أو سنوية أو لمرة ‏واحدة في العمر؛ ليبقى دائم الصلة والارتباط بالله ‏‏تعالى، وليظل محصنا ‏ضد خطفات الشياطين وهمزاتها وغوايات النفس وشرور ‏‏رفقاء السوء.‏

وبيَّن فضيلته أن الوسطية تمثل صمام أمان في هذا الدين الحنيف، كما يمثل ‏الخروج ‏عليها ‏خروجًا على الدين ذاته، سواء كان الخروج إلى طرف ‏الإفراط أو طرف ‏التفريط، ‏وضابط الفرق بينهما أن الإفراط زيادة على ما ‏شرعه الله لعباده، والتفريط ‏انتقاص ‏من شريعة الله وأحكامه، والتشدد ‏والتقصير كلاهما قبيح ومذموم؛ لأنهما ‏يمثلان ‏خروجا عن الوسط الذي ‏هو العدل، ومن يتشدد في دين الله ويغالي في أحكامه ‏فيحرم ‏على الناس ما ‏أحله الله لهم، أو يوجب شيئا لم يوجبه الله عليهم؛ ليس بأحسن ‏حالا ولا ‏‏أفضل منزلة ممن يجرؤ على فتاوى أو آراء يزيف بها الدين، ويعتدى بها ‏‏على ‏شريعة الله، لقاء منصب أو مال أو جاه فيحل للناس ما حرم عليهم، ‏أو يدلس ‏عليهم ‏في أحكام الحلال والحرام، كلاهما معتد على حرمة ‏الإسلام، وكلاهما كذاب ‏يزعم ‏لنفسه حق التشريع في الدين بما لم يأذن به ‏الله.‏

مسلمات ثلاثة

وأشار فضيلة الإمام الأكبر إلى أن هناك مسلمات ثلاث ينبغي التذكير بها قبل الحديث ‏في مظاهر «الوسطية» في تشريعات الإسلام: ‏الأولى: أن القرآن الكريم هو المصدر ‏الأول للتشريعات الاجتماعية ‏والقواعد الكلية ‏العامة في التشريعات الاقتصادية ‏والسياسية للمسلمين، ‏حيثما كانوا، وكيفما اختلف ‏بهم الزمان والمكان. وهذا الإطار ‏التشريعي العام هو ما يعبر عنه بلغة العصر بثوابت الشريعة، ‏كما يعبر ‏عن النماذج ‏المتبدلة دوما بالمتغيرات، وأحكام ‏القرآن فيما يتعلق بالجانب الإنساني المتبدل -وهو ‏جانب ‏المعاملات- كلها أحكام عامة ‏تسمح بمسايرة قانون التغير الذي يحكم حركة ‏‏الكون بكل ما فيه من إنسان وحيوان ‏ونبات.‏

وأضاف شيخ الأزهر أن المسلمة الثانية: أنه لم يرد في القرآن الكريم ولا في السنة ‏الصحيحة ما ‏يدل -من ‏قريب أو بعيد- على أن تشريعاته موقوتة بفترة تاريخية ‏محددة، ‏أو بعصر معين من ‏العصور؛ بحيث يكون للمسلمين عذر إذا ما أرادوا ‏التحلل ‏من هذه التشريعات، ‏والاستغناء عنها بتشريعات أخرى، تنظم لهم ‏مسيرة مجتمعهم، ‏وطرائق تفكيرهم، ‏وأنماط معيشتهم.. بل الثابت من ‏نصوص القرآن والسنة، أن ‏تشريعاتهما تتميز أول ما ‏تتميز بالديمومة ‏والثبات، مع المرونة والحركة، والقدرة ‏على مواكبة المتغيرات في ‏جانب ‏آخر، والثالثة: أنه من المسلَّمِ به لدى المنصِفينَ من ‏المفكِّرين، حتى مِمَّن لا يؤمنُ بالإسلامِ، أن ‏تشريعاتِ هذا الدِّينِ أمدَّتِ الإنسانيَّةَ بزخَمٍ ‏من القيمِ والمفاهيمِ والأحكامِ التشريعيةِ ‏من أروعِ القيم التي عرَفَها تاريخُ الحضاراتِ ‏الإنسانيَّةِ قديمًا وحديثًا.‏

برنامج الإمام الطيب

يذكر أن برنامج «الإمام الطيب» يذاع للعام الخامس عبر قنوات مصرية وعربية، وقد أطلق ‏البرنامج في رمضان 2016م وتناول في عامه الأول قضايا عامة مثل المرأة، ‏والشباب، والإلحاد، والإرهاب، وفي 2017م تناول قضايا أبرزها الإرهاب ‏والتطرف، والأسرة، والتراث والتجديد، والدعوة إلى الله، وفي عامه الثالث 2018م ‏ناقش قضايا دينية وفكرية وفلسفية مثل العقيدة والإيمان ووجودية الله وأسمائه ‏وصفاته، ومقومات وأركان الإسلام، أما في عامه الرابع 2020م فتناول عددا من ‏القضايا المستجدة مثل «كورونا» وما استجد معه من قضايا فقهية معاصرة، ‏ومجموعة من القيم مثل بر الوالدين الحياء والعدل والرحمة والتواضع والمروءة ‏والعفة والحياء. وفي عامه الخامس 2021م يشرح البرنامج خصائص الدين ‏الإسلامي، ووسطية الإسلام ومظاهرها، وقواعد التكليفات الشرعية، ويسر الشريعة، ‏ومصادر التشريع، والرد على الشبهات حول السنة النبوية والتراث. ‏

ads