مروة الصابوني.... رائدة العمارة الحديثة في سوريا
خلف مباني المدينة المدمرة حمص، وقفت المعمارية السورية الشابة، وقد ارتسمت على وجهها إبتسامة ملفتة للانتباه، في الصورة التي اختارتها دار النشر لتكون غلافًا لكتابها، "المعركة من أجل وطن: مذكرات مهندسة معمارية سورية"، تلك الإبتسامة التي قد تشعر أنها في غير محلها، إذ تأتي مغايرة لمشهد الهدم والتدمير، لكن الأفكار التي قدمتها في كتابها، ربما تجعلك تقتنع وتتمسك بأمل إعادة الإعمار بفلسفة مختلفة تراعي البعد الإنساني... إنها مروة الصابوني، رائدة العمارة الحديثة، والتي تصدرت قائمة الـ 100 شخصية نسائية مؤثرة في العالم 2020.
مروة الصابوني، مهندسة معمارية وكاتبة سورية، من مواليد 18 سبتمبر 1981، في حمص، سوريا، ترى أن الهندسة المعمارية تلعب دورًا في الحفاظ على سلام المدينة، فلم تترك مدينتها حمص حتى في أحلك الظروف، وأشد أوقات الحرب في سوريا، ولا تعتبر بقائها مع عائلتها في هذا التوقيت بطولة.
من هذا البقاء الذي لم يكن سهلًا نشأت فكرة كتابها الأول "المعركة من أجل وطن: مذكرات مهندسة معمارية سورية" الذي صدر باللغة الإنجليزية في لندن عن دار النشر البريطانية "تايمز آند هودسن"، وحقق نسبة مبيعات عالية في أوروبا، بينما لم يترجم إلى اللغة العربية حتى الآن.
وترى الصابوني، أن الكتابة تحتاج إلى توفر الظروف المناسبة، والتي تكاد تكون مستحيلة في حمص، لكنها صمدت واستطاعت الخروج بوليدها الأدبي الأول إلى ساحات النور، ويتضمن الكتاب 32 من رسومات الصابوني لمدينتها بالأبيض والأسود: أهم معالم حمص، خرائط، شوارع مدمرة، ومخطط إعادة بناء بابا عمرو، وتضمن هذا الكتاب قصصًا عن تاريخ ودمار المدينة المنهكة، وربطها بقصص شخصية عن العائلة والأصدقاء من خلال نظرتها ليس فقط كمعمارية، ولكن أيضًا كزوجة وأم لطفلين تحاول أن تحميهما من تأثير الحرب.
أعطت نموذجًا عمليًّا للخروج من الفكر التقليدي في العمارة، من خلال مشروعها التخطيطى لحي "بابا عمرو"، والذي تهدم بالكامل خلال الأزمة السورية، وهو الباب الثامن لمدينة حمص، عن باقي الأبواب السبعة لحمص بوجود بابين، وتقدمت بهذا المشروع لمسابقة UN Habitat، وفازت بالجائزة الأولى في عام 2014، وسعت لأن يكون نموذجًا يُحتذى به عند إعادة تخطيط باقي المناطق العشوائية، والتي تبلغ نسبتها 40% من سوريا.
وتعتبر الصابوني، رائدة في العمارة الحديثة، حيث أنشأت المجمعات التجارية الكبرى والسوبرماركت، وهي لا تختلف كثيرًا عن المساكن الحديثة، حيث يبدو مرتادوها كأعداد من البشر داخل علبة خرسانية، كما قامت بترجمة الحاجات النفسية والروحية للسكان إلى أفكار في العمارة، تمثلت على سبيل المثال في وجود حدائق خلفية وفناء داخلي ملحق بكل وحدة سكنية، مع مراعاة أن تكون تلك الوحدات بارتفاعات ليست شاهقة، وأن يكون هناك شوارع في الحي، لأن العمارة الحديثة أعدمت الحياة في الشارع، والذي كان في الأحياء القديمة بمنزلة البيت الكبير، الذي يلتقي فيه الناس على اختلاف أصولهم وأعراقهم وأديانهم، فتوجد حالة من الترابط والألفة
واستطاعت مديرة موقع البوابة العربية للأخبار المعمارية، بالشراكة مع زوجها، الحصول على جائزة "الأمير كلاوس" في العاصمة الهولندية "أمستردام"، بسبب ما قدمته من آراء نقدية للهندسة المعمارية الحديثة وأعراف تخطيط المدن، منطلقة من التجربة السورية وما وجدته من دور لعبته الهندسة المعمارية، في تغذيه العنف وتجزئة المجتمع السوري، لتقدم مخططًا معماريًا لا يساهم في تلبية حاجة السكن، والحاجة الاقتصادية والعملية فقط، وإنما يلبي احتياجات الناس الاجتماعية والروحية والنفسية، ويساهم في خلق مساحة مشتركة أكبر بين جميع المكونات السورية.
وحصلت مروة الصابوني على عدد من الجوائز منها جائزة الأمير كلاوس، وتم اختيار كتابها الأول، The Battle for Home، من قبل الجارديان كواحد من أفضل الكتب المعمارية لعام 2016.