السعوديون الأقل استخداما للمضادات الحيوية عالميًا
كشفت بيانات حديثة، صادرة عن منصتي Our World in Data وOne Health Trust لعام 2022، عن تباينات حادة في استهلاك المضادات الحيوية حول العالم، حيث تصدّرت إيران قائمة الدول الأكثر استخدامًا بمعدل 68 جرعة يومية محددة (DDD) لكل ألف شخص، أي أكثر من ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي، البالغ 18 جرعة يومية. ويعكس هذا الرقم سهولة الحصول على المضادات الحيوية دون وصفة طبية، وضعف الضوابط التنظيمية على وصف الأدوية.
في المقابل، سجّلت المملكة العربية السعودية أحد أدنى المعدلات عالميًا، إذ بلغ استهلاكها 11 جرعة يومية محددة لكل ألف نسمة، وفق تصنيف ضمّ 61 دولة. ويشير هذا المعدل المنخفض إلى تطور السياسات الدوائية في المملكة، وارتفاع وعي القطاع الصحي والصيدلي بأهمية ترشيد استخدام المضادات الحيوية، للحد من مقاومة البكتيريا للأدوية.
إيران والاقتصادات الناشئة تتصدران الاستهلاك
تُظهر البيانات أن دولًا نامية وذات دخل متوسط، مثل إيران وجنوب أفريقيا (51) ومصر (50)، تحتل المراتب الأولى عالميًا في معدلات استخدام المضادات الحيوية. كما تسجل بعض الدول الأفقر، مثل بنغلاديش وتنزانيا، معدلات تفوق 35 جرعة يومية، وهي نسب تتجاوز ما تسجله أي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي.
ويرى الباحثون أن ارتفاع هذه الأرقام قد يُشير إلى عبء صحي ثقيل ناجم عن الأمراض المعدية أو إلى الإفراط في وصف المضادات الحيوية دون مبرر طبي واضح، وهو ما تؤكده دراسة حديثة أظهرت أن نحو نصف وصفات المضادات الحيوية للمرضى الخارجيين في إيران تفتقر إلى المبرر الطبي.
الفجوة بين الشمال والجنوب
في أوروبا، تتباين أنماط الاستخدام بين الدول بشكل واضح؛ إذ تسجل دول الجنوب، مثل فرنسا ومالطا وإيطاليا وإسبانيا، معدلات مرتفعة تبلغ نحو 24 - 25 جرعة يومية لكل ألف شخص، بينما تنخفض المعدلات في دول الشمال الأوروبي مثل الدنمارك والنرويج وفنلندا إلى نحو 15 جرعة أو أقل. وتعود هذه الفوارق إلى اختلاف السياسات الوطنية، والمواقف الثقافية تجاه وصف الأدوية، وتوافر البدائل الدوائية محدودة النطاق.
الولايات المتحدة في المرتبة الـ23 عالميًا
بحسب التقرير، احتلت الولايات المتحدة المرتبة الـ23 من بين 35 دولة بمعدل 22 جرعة يومية محددة لكل ألف نسمة، وهي مرتبة متوسطة مقارنة بالدول الأوروبية. وتأتي الولايات المتحدة أعلى من كندا (15) والمملكة المتحدة (20)، لكنها أقل من معظم دول جنوب أوروبا. وتشير تقارير One Health Trust إلى أن وصفات المضادات الحيوية للمرضى الخارجيين في أمريكا انخفضت 13% بين عامي 2011 و2019 بفضل حملات التوعية ضد الاستخدام غير المناسب لعلاج العدوى الفيروسية. مع ذلك، لا يزال نحو ثلث الوصفات الطبية في الولايات المتحدة يُعتبر غير ضروري.
منهجية جمع البيانات
يعتمد مشروع Our World in Data على منصة GLASS التابعة لمنظمة الصحة العالمية، التي تجمع بيانات رسمية من الدول المشاركة عن استهلاك مضادات الميكروبات عبر نظم التأمين الصحي وسجلات الوصفات والاستيراد. وتُوحّد منظمة الصحة العالمية هذه البيانات، لتسهيل المقارنة الدولية.
أما One Health Trust فيستند إلى قاعدة بيانات IQVIA MIDAS التي تعتمد على بيانات المبيعات الصيدلانية بالتجزئة والمستشفيات، لتقدير الاستهلاك الوطني. وتُطبّق المنصة خوارزميات خاصة لقياس مبيعات الشركات المصنعة وتجار الجملة، وتحويلها إلى تقديرات وطنية باستخدام عوامل تصحيح إقليمية وقطاعية محددة.
وعلى الرغم من أن تفاصيل الخوارزمية المستخدمة غير معلنة بالكامل، فإن المؤسستين تؤكدان أن الأرقام المنشورة تخضع لمراجعة علمية دقيقة، وتعكس الاتجاهات العامة في الاستهلاك العالمي للمضادات الحيوية.
تحديات عالمية ومخاطر صحية
يحذر الخبراء من أن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية يمثل أحد أكبر التهديدات الصحية في القرن الحادي والعشرين، إذ يسهم في ظهور «البكتيريا الخارقة» المقاومة للعلاج، مما يقلل من فعالية الأدوية الأساسية. وتزداد هذه المشكلة في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل حيث يسهل الحصول على المضادات الحيوية دون وصفة طبية، وغالبًا ما تُباع في الأسواق غير المنظمة أو عبر صيدليات لا تلتزم بالمعايير.
أضرار تناول المضادات الحيوية بشكل مفرط أو غير صحيح تشمل:
ظهور البكتيريا المقاومة للأدوية، ما يجعل علاج العدوى مستقبلا أصعب وأكثر خطورة.
اضطراب توازن البكتيريا النافعة في الأمعاء، مما يؤدي إلى الإسهال أو مشاكل في الجهاز الهضمي.
ردود فعل تحسسية تتراوح بين الطفح الجلدي الخفيف وتورم الوجه أو صعوبة التنفس في الحالات الشديدة.
تأثيرات سلبية على الكبد والكلى نتيجة تراكم الأدوية أو استخدامها فترات طويلة دون إشراف طبي.
ضعف المناعة الطبيعية بسبب الاعتماد الزائد على الدواء بدلا من تعزيز مقاومة الجسم الذاتية.
تداخلات دوائية خطيرة عند استخدام المضادات الحيوية مع أدوية أخرى مثل موانع الحمل أو مميعات الدم.
زيادة احتمالية العدوى الفطرية في الفم أو المهبل بسبب اختلال التوازن البكتيري الطبيعي.
الإسهال المرتبط بعدوى «كلوستريديوم ديفيسيل»، وهي من أخطر المضاعفات الناتجة عن الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية.