التأمين الشامل ركيزة أساسية للشمول المالي واستقرار المجتمع والتنمية المستدامة

تشهد مناطق واسعة حول العالم أحداثاً قاسيةً بكثافةٍ وتواترٍ متزايد، وغالبًا ما تكون آثارها مُركّبة. وتُعدّ المجتمعات ذات الدخل المحدود والمشاريع متناهية الصغر والصغيرة عُرضةً بشكلٍ خاصٍ لهذه الأحداث، وغالبًا ما تفتقر إلى الموارد اللازمة للاستعداد لها أو التعافي منها. ويُعدّ تعزيز القدرة على التكيّف بين هذه الفئات أمرًا جوهريًا لدعم النمو الشامل والعدالة والتنمية المستدامة.
يُمثّل التأمين أداةً محوريةً لإدارة المخاطر، إذ يُساعد الأفراد على الاستعداد للصدمات ومواجهتها والتعافي منها، كما يُمكّنهم من الاستثمار في أنشطة مُدرّة للدخل، مطمئنين إلى أنهم محميّون.
ومع ذلك، فإن العملاء الذين تستهدفهم منتجات التأمين التقليدية عادةً في الاقتصادات الناشئة هم في قمة الهرم الاجتماعي، وفي أحسن الأحوال في منتصفه، لا في أسفله. ففي قاعدة الهرم توجد الفئات غير المخدومة، أو ما يُسمى بالشرائح الجديدة، التي لديها طلب حقيقي على الحماية. وفي غياب شبكات الأمان الرسمية، تعتمد هذه الفئات الأكثر ضعفًا على استراتيجيات غير رسمية لإدارة المخاطر، كزيادة مصادر الدخل، والمدخرات أو القروض الاحترازية من عائلاتهم ومجتمعاتهم.
لهذه الاستراتيجيات حدود، حيث تشير الأرقام المتداولة إلى أن إدارة المخاطر غير الرسمية أقل كفاءة بعشر مرات من آليات الحماية الرسمية. وقد تجبر حالة طوارئ واحدة الأسر على بيع أصولها الإنتاجية، أو العودة إلى القرية، أو إخراج أطفالها من المدارس لمساعدة الأسرة على كسب دخل إضافي، أو العودة إلى الفقر.
وتشير التقديرات إلى أن ما يقارب 4 مليارات نسمة حول العالم يمكن أن يستفيدوا من مبادرات التأمين الشامل، من أصل ما يقرب من 8 مليارات من سكان العالم. ومع ذلك، فإن الوصول إلى هذا السوق الواسع لا يزال تحديًا أمام نماذج التأمين التقليدية، مما يعرّض شريحة كبيرة من الناس لغياب الحماية التأمينية.
يساهم تمكين هذه الفئات من الوصول إلى منتجات التأمين الشامل في تحسين حياتهم بشكل مباشر، إذ لا تقتصر أهمية التأمين على التعويض عن الخسائر أو دعم التعافي بعد الأزمات، بل تمتد لتوفير الثقة اللازمة لتحمّل المخاطر والسعي وراء فرص جديدة للنمو الاقتصادي. وقد لخّص هنري فورد هذا الدور الاقتصادي الإيجابي للتأمين في مقولة تجسد هذه الحقيقية
ومن المعلوم أن تعزيز الشمول المالي، بما فيه التأمين، يعد ركيزة أساسية في مكافحة الفقر وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية. كما يوفر الثقة اللازمة للقيام بأنشطة تجارية أكثر مخاطرة، ويوفر الحماية عند وقوع أحداث سلبية غير متوقعة. فالتأمين يوفّر شبكة أمان تساعد الأفراد، خصوصاً من ذوي الدخل المحدود، على مواجهة المخاطر غير المتوقعة التي قد تعصف باستقرارهم المالي وتدفعهم إلى ما دون خط الفقر.