بقلم علي الشريمي: مواقف الورود تنظيم ومخاوف

أعلنت أمانة منطقة الرياض قبل أيام بالتعاون مع شركة «مواقف» بدء تفعيل نظام حجز المواقف داخل حي الورود، بحيث يلزم زوار المنازل بحجز موقف عبر تطبيق «مواقف الرياض» المرتبط بمنصة «نفاذ»، في خطوة تهدف إلى تنظيم المواقف داخل الأحياء السكنية والحد من الفوضى، مع تأكيد أن الخدمة مجانية ولا تستهدف التحصيل المالي حاليًا. اختيار حي الورود لهذه التجربة جاء نتيجة طبيعته المزدوجة التي تجمع بين النشاط التجاري والكثافة السكانية، ما جعله يعاني لسنوات من ازدحام المركبات والوقوف العشوائي أمام المنازل، الأمر الذي ولّد شكاوى متكررة من السكان وأظهر الحاجة إلى حل منظم. ويُتوقع أن يسهم النظام في ضبط الحركة المرورية وتوفير بيئة أكثر انضباطًا للسكان والزوار، مستفيدًا من التحول الرقمي عبر تطبيق ذكي يتيح الحجز والمتابعة بسهولة، ويعكس توجه العاصمة نحو استخدام التقنية في إدارة الخدمات الحضرية. ومع ذلك، لا يخلو القرار من مخاوف مشروعة لدى بعض الأهالي، وهي مخاوف رصدتها أيضًا من خلال ما يتداول في مواقع التواصل الاجتماعي، أبرزها احتمال تحول الخدمة المجانية المؤقتة إلى رسوم دائمة مستقبلًا، على غرار ما حدث في تجارب مشابهة في بعض المدن الخليجية، حيث بدأ النظام مجانيًا أو برسوم رمزية مؤقتة، ثم تحوّل لاحقًا إلى مواقف مدفوعة شملت مناطق أوسع وأضيفت إليها غرامات على المخالفين، وكذلك الحال في لندن حيث بدأت بعض الأحياء بمنح تصاريح وقوف مجانية أو برسوم منخفضة، ثم تحولت مع الوقت إلى نظام مدفوع مع تحديد عدد معين من تصاريح الزوار لكل منزل. كما يثير القرار تساؤلات حول قدرة كبار السن أو من لا يجيدون التعامل مع التقنية على استخدام التطبيق بسهولة، ما قد يحد من سهولة الزيارة، خاصة في المناسبات العائلية أو الحالات الطارئة التي لا تحتمل إجراءات مسبقة. ويؤكد بعض المؤيدين أن هذه الخطوة قد تكون بداية لعصر جديد من الانضباط الحضري الذي يعيد للأحياء السكنية هدوءها المفقود، بينما يرى معارضون أن نجاحها مرهون بالمرونة في التطبيق والشفافية في مستقبل الرسوم، فضلًا عن ضرورة توفير قنوات دعم ومساعدة آنية للزوار. وتبقى المعضلة الحقيقية في إيجاد توازن بين حق الساكن في بيئة منظمة وحق الزائر في الوصول السلس إلى منازل أقاربه وأصدقائه. فالتنظيم الحضري ضرورة لكن قيمته الحقيقية تظهر عندما يكون مرنًا ويأخذ في الحسبان احتياجات مختلف الشرائح. حي الورود اليوم بمثابة مختبر حضري حي لقياس جدوى هذه الفكرة، ونجاحها سيتوقف على شفافية الجهة المشغلة، وسرعة معالجة الملاحظات، ووضوح الرؤية المستقبلية، وتوفير بدائل مرنة تراعي الحالات الخاصة، فإما أن تتحول التجربة إلى نموذج يحتذى به في أحياء العاصمة الأخرى، أو تصبح محور جدل طويل بين مؤيد يرى فيها خطوة نحو مدينة أكثر انضباطًا ومعارض يخشى أن تتحول إلى عبء مالي واجتماعي.