بقلم مريم النويمي: متى يفقد الطفل أمانه الأسري

بقلم مريم النويمي: متى يفقد الطفل أمانه الأسري.. «ممكن تكتبي لي تقريرا طبيا عن حالة ولدي لأنه ممكن أخرج من هنا على بيت أهلي في المدينة!».
هكذا قالت والدة طفل وأنا أجهزه للخروج من قسم الطوارئ.
هل تسكنين المدينة؟ سألتها.
بقلم مريم النويمي: متى يفقد الطفل أمانه الأسري.. قالت ونبرة أسى تكسو كلامها: «لا، لكن أنا زعلانة من زوجي لأنه ما يشعر بالمسؤولية، جيت بطفلي لوحدي للمستشفى وتنومنا أربعة أيام ولا سأل فينا، وطول النهار ما شاء الله أبهات المرضى اللي جنبنا داخلين خارجين عليهم، يسألوا ويهتموا !!».
بقلم مريم النويمي: متى يفقد الطفل أمانه الأسري.. شعرت أنها تريد أن تفضفض، جلست في الجهة المقابلة لها وبدأت أحاورها، عرفت أن زوجها في الأربعينات من عمره وطفله مولوده الأول، لم يأخذها للمستشفى للولادة حينما داهمها المخاض، بل تركها تذهب مع أخيها الذي قدم لزيارتها. رجل أخذ كل هذه السنوات ليقرر أن يتزوج، أعتقد أنه صُدم بحجم المسؤولية التي وقعت على عاتقه فجأة، بعدما كان فردا حرا سنوات طويلة، يحتاج وقتا كي يتعلم أنه مسؤول عن آخرين. ربما يتسبب انسحابها من المنزل في تعزيز شعور الحرية لديه واللا مسؤولية، تعود لبيتها وتجعله العصا التي تتكئ عليها والجدار الذي تستند إليه، ليستمتع الطفل بطفولة صحية وحياة هانئة.
بقلم مريم النويمي: متى يفقد الطفل أمانه الأسري.. ماذا لو تفرق الوالدان، لا قدر الله، ماذا سيحدث؟ الانفصال حق وحل للزوجين متى استحالت الحياة بينهما، لكنه ليس الخيار الأول خاصة بوجود أبناء، الطفل الذي ينشأ في عائلة مستقرة بين أبويه، هل هو كالذي قُدر عليه أن يعيش بين أبوين منفصلين، يتنازعان حضانته وأحيانًا يتخليان عنه أحدهما أو كلاهما؟
بقلم مريم النويمي: متى يفقد الطفل أمانه الأسري.. مع تزايد حالات الطلاق لأسباب عديدة - الوجيهة منها والتافهة - يجب دراسة تأثير ذلك في الأطفال، عقليتهم، نفسيتهم وصحة أبدانهم. من البديهي أن كل طفل وكل عائلة مختلفة عن الأخرى، بنقاط قوة وضعف مختلفة، وشخصيات ومزاجات عديدة، ومستويات متفاوتة من الموارد الاقتصادية والاجتماعية والعاطفية، إضافة إلى اختلاف الأوضاع الأسرية قبل الطلاق. ورغم هذه الاختلافات، فقد ثبت أن الطلاق يُضعف كفاءة الطفل المستقبلية في جميع مجالات الحياة، بما في ذلك العلاقات الأسرية، والتعليم، الرفاهية العاطفية، القدرة على الكسب في المستقبل. فبعد الطلاق يفقد الطفل وقتًا مع كلٍّ من والديه، رغم أن القوانين تتغير تدريجيًا، إلا أن معظم الأطفال يقضون وقتًا أطول مع أحد الوالدين الحاضنين، ومن الواضح أن لديهم وقتًا أقل مع كلٍّ من الوالدين بشكل عام. يفقد الطفل الأمان العاطفي، ويتغير روتينه اليومي، حتى الأطفال البالغين الذين انفصل والداهم في مرحلة لاحقة من حياتهم، عانوا من فقدان روتينهم العائلي واضطراب حياتهم. قد يؤدي تغيير مكان الإقامة إلى فقدان الأصدقاء والبيئة المدرسية وأنظمة الدعم الأخرى، ينخفض النضج الاجتماعي والنفسي لهؤلاء الأطفال، وقد يحصل على درجات أقل في مفهوم الذات والعلاقات الاجتماعية. كذلك يزداد القلق والاكتئاب لدى الأبناء بعد الطلاق، الأطفال الذين ينشؤون بين أبوين منفصلين هم أكثر عرضة بمرتين للإصابة بمشاكل عاطفية وسلوكية. هناك بحث أجري على مدار ثلاثة عقود لتقييم تأثير هيكل الأسرة في صحة ورفاهية الأطفال، أثبت أن الأطفال الذين يعيشون مع والديهم يتمتعون بصحة جسدية وعاطفية وأداء أكاديمي أفضل.
على المختصين والمجتمع تعزيز الهيكل الأسري الذي هو أفضل فرصة لإنجاب أطفال أصحاء.
تشير بعض الدراسات، إلى أنه باستثناء الآباء الذين يواجهون عنفا زوجيا لا يمكن حله، فإن الأطفال يكونون أفضل حالًا عندما يعمل الآباء للحفاظ على الزواج. وبالتالي، ينبغي للمجتمع أن يبذل قصارى جهده لدعم الزواج السليم، وآمل أن يتوفر مستشارون أسريون بأسعار مناسبة، بدل سعر الاستشارة الباهظة، والذي يزيد الطين بلة بين الزوجين. دخلا متزوجين وخرجا منفصلين لأنهما اختلفا حول من يتحمل قيمة الاستشارة التي لم يظنا أنها بهذا القدر!.