رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف
هير نيوز هير نيوز
رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف

الشيخ خالد الجمل: الميراث قسمه الله بعدل واضح .. والآباء أحرار في توزيع أموالهم في حياتهم

الشيخ خالد الجمل
الشيخ خالد الجمل

في مجتمع تتشابك فيه التقاليد مع الأحكام الشرعية، يظل موضوع الميراث من القضايا الشائكة التي تثير جدلاً متكرراً، خاصة حين تتخذ قرارات فردية غير مألوفة. 
وقد تصاعدت وتيرة الجدل مؤخراً بعد أن قرر أحد الآباء نقل ملكية أمواله بالكامل إلى بناته وهو لا يزال على قيد الحياة، متجاوزًا بذلك ما قد تؤول إليه الأنصبة الشرعية بعد وفاته.

القرار فتح باب التساؤلات: هل للأب الحق في التصرف الكامل بأمواله في حياته كما يشاء؟ وهل تُعدّ هذه الخطوة إنصافًا للمرأة في ظل مجتمع يرى البعض أنه يميل للذكور في التوريث؟ بين النصوص الدينية، والاعتبارات العاطفية، والظروف الاجتماعية، نحاول في هذا الحوار تسليط الضوء على هذه القضية المعقدة من زوايا متعددة، مع الشيخ خالد الجمل، الداعية والخطيب بالأوقاف والداعية الإسلامي.

 

في البداية، نود من فضيلتكم توضيح الحكم الشرعي في مسألة ميراث البنات وفقاً للقرآن الكريم والسنة النبوية.


الميراث أمر شرعه الله تعالي بضوابط خاصة بالشرع الإسلامي خاصة .. واختلف السادة الفقهاء في حكمه فمنهم من قال بأن الميراث أمر واجب أي أنه لايحق لمن له ميراثا شرعيا صحيحا خاليا من الموانع الشرعية ان يرفضه.. وبذلك كان الإجماع كالاحناف والمالكية والشافعية والحنابلة.. وخالفهم في ذلك بعض الجماعات كالالباطنية والإسماعيلية وغيرهم.

ولكن يجب أن أشير الي امر هام قد يغفل بعض الناس عنه في هذا الأمر.. وهو مسألة (التخارج) وهو امر فقهي معناه أن يطلب المرء الخروج من قسمة الميراث باعتبار أنه حق له وليس واجبا .. وحتي في هذا الأمر قال الجمهور بأن الميراث يعتبر حقا بعد أن يأخذه الوارث وليس قلل ذلك لأنه أمر يتملكه الفرد بناء علي قبوله الحكم الشرعي وليس قبله لذلك ليس حقا له قبل أن يحوزه المرء.


كثير من الناس يعتقد أن البنات يأخذن نصف حق الذكور في جميع الحالات. هل هذا صحيح شرعًا؟ وما هي الحالات التي ترث فيها المرأة أكثر من الرجل أو مثله؟

ومما هو معلوم عند من درس العلم ااشرعي أن علم المواريث يسمي بعلم الفرائض .. ويتضح من الاسم انه يتحدث عن الأنصبة وعن فرضيتها تحديدا ... ذلك وأن الله تعالي قال عن الميراث (فريضة من الله) وهذا مما استند عليه الجمهور في قولهم سالف الذكر.

- هذا أمر ليس صحيحا .. فحالة للذكر مثل حظ الانثيين مجرد مثال لحالات كثيرة اخري متنوعة لحال ميراث الانثي والذكر .. فترة ترث الانثي نصف الذكر وتارة ترث مثل الذكر وتارة ترث اكثر من الذكر وتارة اخري ترث .. ولا يرث الذكر اصلا..!!
والامثلة لذلك كثيرة جدا ومعروفة عند اهل العلم.

ومثال ذلك الأب والأم مع وجود ابن للمتوفى .. فالأب يأخذ السدس، والأم تأخذ السدس أيضًا.

وحالات ترث الانثي ولايرث الذكر .. فإذا ماتت امرأة وتركت: زوجًا، وبنتًا واحدة، وأخًا شقيقًا ..فالزوج يأخذ الربع والبنت تأخذ النصف.

وغير ذلك من حالات عدة يعرفها علماء المواريث بشكل مفصل.

 

هل يجوز للأب أن يكتب أملاكه لبناته وهو على قيد الحياة؟ وما الفرق بين الهبة والوصية في هذا السياق؟


المال لا يسمي ميراثا إلا بعد وفاة صاحبه ..لذلك لصاحب المال الحق في انفاقه كيف يشاء .. لأنه محاسب علي ذلك .. لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم "لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربعٍ: عن ماله من أين اكتسبه، وفيمَ أنفقه، وعن جسمه فيمَ أبلاه، وعن علمه ماذا عمل فيه".

 

 من حق الانسان ان يؤمن مستقبل أولاده بالشكل الذي يراه مناسبا .. فمن أراد أن يكتب امواله لبناته تأمينا لهن حال حياته فله ذلك .. بل يعد ذلك من أهم وأفضل ابواب البر والرعاية للأبناء لاسيما البنات .. خاصة في زمننا هذا الذي تغيرت فيه أمور كثيرة تستوجب علي كل اب ان يحافظ علي مصلحة أولاده أولا.


وهنا يجب أن اشير الي امر هام .. وهو أن معيار النية في هذا التصرف امر بالغة الأهمية.. فمن (قصد نية) أن يقسم ماله علي أولاده فقط ليمنع اخوته وأولاده .. او ظنا منهم بان قسمة الميراث التي فرضها الله وشرعها في كتابه العزيز ليست عادلة وصحيحة .. فهذا قد يوقعه في فعل الحرام بإنكاره ما أثبت الله تعالي في كتابه .. ولظنه أن ايات الله قد يكون فيها من الجور والظلم في قسمة الميراث حاش لله .. وهذا أمر من الكبائر والعياذ بالله.

 

الاسلام لم يجعل للذكورة او الأنوثة معيارا وحيدا لتوزيع انصبة الميراث ... لذلك يجب أن يعلم الناس بان هناك  معايير كثيرة غاية في الاهمية لتوزيع الميراث في الاسلام مثلا كقرب الوارث من الموروث .. وحداثة عمر الوارث .. وصفة الوارث وما سيتحمله من أعباء ونفقات (واجبة عليه شرعا) لانه وكمان هو معروف أن الشرع (اوجب) علي الذكر النفقة علي الانثي في غالب الأمر سواء كانت زوجة أم بنتا  ام اما أم اختا ام بنتا ام غير ذلك. هذا غير مسؤولياته علي من حوله من اولاد وآباء وأجداد. لذلك فمهما تغير الزمان وتطور الحال كانت ومازالت وستظل النفقة (فرضا واجبا) علي الذكور مالم يوجد مانعا شرعيا دون ذلك.

هل هناك ضوابط شرعية للهبة حال الحياة؟ وهل يجب العدل بين الأبناء في الهبات؟

- العدل في الهبة ليس شرطًا لصحة الهبة من الناحية الشرعية، لكنه مطلوب ومستحب خاصةً إذا كانت الهبة لأولاد أو لأشخاص يتساوون في الحق، مثل الأبناء.


- اما عن عدالة توزيع الهبة إذا فالاصل ان الهبة لايشترط فيها عدالة التوزيع بين الناس ... ولكن يجب أن أشير إلي أنه إن كانت الهبة لأولاد .. فهنا يُستحب العدل بينهم، أي إعطاء كل ولد وبنت مثل ما يُعطى الآخر، وبعض العلماء يرى أن العدل واجب ويُبطل الهبة إذا كانت جائرة، استنادًا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم:
«فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم»

هل الوصية لبناته بشيء من المال بعد الوفاة تُعد مخالفة للشرع إذا كانت فوق الثلث؟ وماذا لو أوصى لهن داخل حدود الثلث؟


- الوصية بعد الإرث امر فيه خلاف فقهي مستساغ بين الفقهاء .. فمنهم من قال أنها جائزة كقول الظاهرية كابن حزم وغيره لقول الله تعالي (يوصيكم الله في اولادكم) ..
أما الجمهور فيري بأنه الوصية لوارث عملا بهذا الحديث .. ومنهم من يري بجواز الوصية لوارث بشرط أن يقرها ويوافق عليها باقي الورثة.

 

ما الكلمة التي توجهونها إلى الأسر التي تُهمّش حقوق البنات في الميراث؟

 

أنصح الآباء اولا بترك الوصية اللازمة قال تعالي (كُتبَ عَليكم إذا حَضر أحدكم الموت إن ترك خيرًا الوصية)
ثانيا ليعلم الجميع أن تلك الوصية تجعل للموروث الحق في أن يوصي بثلث ماله كما قال رسول الله في الحديث (الثلث والثلث كثير)
ثالثا أنصح الاهل بأن يربوا اولادهم علي دين الله اولا ... حتي يقبلوا في المستقبل بحكم الله وشرع الله بعد ان يفهموه جيدا .. بل ويقتنعوا به ببساطة وبكل هدوء.
رابعا أنصح بعدم الجور في اظهار محبة الأبناء خاصة البنات منهم حتي يعلم جميع الأبناء أن الاب يحبهم جميعا علي حد سواء.
واخيرا .. أنصح الأبناء وذويهم بأن يعلموا ان  الله قال عن نفسه (ليس بظلام للعبيد) لذلك كل ماجاء في تقسيم المال في الشرع الاسلامي جاء محكما واضحا غير ظلم لأحد.

 

تم نسخ الرابط