رحلة أزمات زياد الرحباني وفيروز.. وكيف تدهورت علاقة الفن والأمومة بينهما؟

كانت العلاقة بين السيدة فيروز وابنها زياد الرحباني لا تسير دائمًا في خط مستقيم، رغم أن الرابط العائلي بينهما لا يُمكن إنكاره، فمنذ بدايات زياد في السبعينيات، ظهر اختلافه الجوهري عن المدرسة الرحبانية التقليدية، وبدأ يميل إلى تقديم رؤية سياسية واجتماعية صادمة، بينما ظلت فيروز تحافظ على صورتها النقية البعيدة عن الصخب الإعلامي.

جذور الخلاف بين زياد الرحباني ووالدته فيروز
برزت أولى علامات التوتر بين الأم فيروز وابنها زياد الرحباني حين بدأ الابن يعبّر بشكل علني عن ميوله السياسية المؤيدة لمحور المقاومة، وهو ما لم يكن يتوافق مع الحياد الشديد الذي اختارته والدته على مدى مسيرتها، ورغم تحفظها، لم تصدر أي تصريحات تنفي أو تؤيد ما ينشره زياد باسم العائلة، مما زاد من مساحة التأويل والجدل.
كما تحدث الملحن الشهير، في إحدى مقابلاته الإعلامية، بطريقة فهمها البعض على أنها إساءة مبطنة لوالدته، حين وصفها بأنها "أم عظيمة ولكنها فنانة تحتاج إلى من يواكبها"، وفي موضع آخر، ألمح إلى أن العلاقة بينهما "ليست كما يظن الناس"، في إشارة إلى فتور شخصي بعيد عن الأضواء، وتلك التصريحات أثارت استياء جمهور فيروز، الذي لم يعتد على الخوض في حياتها الشخصية.

بينما لم تظهر فيروز علنًا مع زياد منذ سنوات طويلة، ولم تصدر عنها أي كلمات توضح حقيقة الخلاف بينها وبين نجلها زياد الرحباني، وفي المناسبات العائلية أو الظهور الفني، ظل الغياب المتبادل هو العنوان، مما زاد من الحديث عن قطيعة غير معلنة، ربما كانت مزيجًا من الاختلافات الفكرية، وبعض الجراح العائلية.
لكن يبقي زياد أكثر من غنّت فيروز من ألحانه بعد الأخوين رحباني، وأشهر تلك الأغاني كانت؛ "بكتب اسمك يا حبيبي"، و"كيفك إنت"، و"عودك رنان" ما يجعل تلك الأعمال تشهد على علاقة فنية نادرة، حتى وإن عجزت الحياة الشخصية والأسرية عن الحفاظ على نفس التناغم.

وفاة زياد الرحباني
في لحظة صمتٍ غير عادية، رحل زياد الرحباني، الملحن والمسرحي الذي حمل لبنان في قلبه، وكتب حكاياته بموسيقى لا تُشبه أحدًا، حيث أُعلن صباح اليوم عن وفاته، بعد صراع طويل مع المرض، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا قلّ نظيره في العالم العربي.
بينما لم تصدر الفنانة فيروز بيانًا رسميًا حتى اللحظة، لكن مقرّبين تحدّثوا عن حزن عميق خيّم على منزلها، لفقدان ابنها ورفيق دربها الفني والإنساني.
فيما نشر عدد من نجوم الفن والغناء في لبنان والعالم العربي صوره وأعماله، وأجمعوا على أن زياد الرحباني لم يكن مجرد ملحن، بل "حالة فكرية فنية لا تتكرر"، منهم ماجدة الرومي، التي نعته قائلة: "بغيابه ينكسر وترٌ من أوتار لبنان النقيّة".