بقلم نهى الطالوني: يقظة الروح بين الوجع و القبول
الإثنين 27/يناير/2025 - 04:08 م
أسوأ ما يمكن أن يمر به إنسان هو أن يعيش تحت وطأة ضغوط نفسية ومشاكل متراكمة، محاطًا بأوجاع الفقد والحرمان. وبينما يكافح للبقاء، يُجبر على مواجهة الناس وتحمل تعقيداتهم كأنه يحمل مفاتيح الجنة.
الإنسان المكسور نفسيًا يعيش بفقدان طاقة وفقدان شغف، وعجز كلي يشل حواسه. العيون باكية، الروح منهكة، وكل حركة تبدو وكأنها محاولة للهروب من ألم دائم. هذا الشخص مستحيل أن يسعد من حوله أو يريحهم.
تراه حساسًا ينهار من أقل كلمة، وعصبيًا يثور من أبسط تصرف، وانطوائيًا يرد السائلين بصمت. تجد زعله مسيطرًا على ملامحه ودموعه تسبق ردود فعله، حتى تظهر هزيمته وكسرته لمن حوله. وهذا أقسى شعور يمكن أن يعيشه الإنسان.
العلاقات البشرية تزيد التعقيد أحيانًا طالما نحن ندور في دوائر أوجاعنا، سيزداد التعقيد ويصعب التعافي والتجاوز. لو بسطنا علاقاتنا، وحاولنا وضع أعذار للآخرين، وافترضنا حسن النية، ولمسنا الحب لبعضنا، ستمر الحياة بأقل قدر من الألم.
العلاقات الاجتماعية يمكن أن تضاعف الألم أحيانًا، فبينما نبحث عن الدعم، قد نجد أنفسنا في مواجهة جديدة مع الضغوط المجتمعية والمقارنات. لكن لو تركنا مساحة للتسامح والتفهم، لربما ارتاحت قلوبنا.
أما عن الضغوط النفسية وتأثيرها القاتل فلا يوجد إنسان حزين من دون سبب، وفي أغلب الأحيان، نحن السبب. كلنا ضحايا داخل رواياتنا، لكننا أيضًا مؤذون في روايات الآخرين. الإحصائيات تشير إلى نسب ليست قليلة لأشخاص ناموا بأوجاعهم ولم يستيقظوا مرة أخرى. الأرواح المدمرة نفسيًا بين يدي الله الآن، ولا تحتاج المزيد من الضغط. في النهاية، نحن كائنات ضعيفة ومليئة بما يكفيها من ألم.
من المهم أن نولي أنفسنا الاهتمام الذي تستحقه. الفترات الصعبة تحتاج منا إلى بعض العزلة والوقت للتأمل. فلا داعي لأن نحمّل أنفسنا أعباءً أكبر من طاقتها. العناية الذاتية ضرورية للخروج من هذا النفق المظلم.
المطلوب حاليًا هو أن نتقبل بفكر راضٍ أن هناك أشياء في هذه الدنيا لا نصيب لنا فيها، ولا حظ، مهما سعينا لنيلها. السعي في حد ذاته مجرد وسيلة لإرضاء ضمائرنا، لكنه لا يضمن الوصول إلى غايتنا. الشيء الأهم هو الرضا بالمكتوب، مهما كانت الظروف. ربما لن نحصل دائمًا على ما نريد، لكن الرضا هو بداية الراحة الحقيقية، واليقين بأن الله يختار لنا الأفضل دائمًا.