بقلم مليحة عبدالله: بالسرعة القصوى!
السبت 07/ديسمبر/2024 - 05:30 م
وائل كمال
لم يكن هذا المشروع للأهداف المذكورة سلفاً لتحقيق رؤية 2030 فحسب؛ وإنما لخلق فرص عمل وتعزيز الاقتصاد المحلي، هذا بالإضافة إلى إنه أصبح أيقونة عالمية يستخدم تقنيات الطاقة المتجددة، إنه مشروع استثنائي وتاريخي، ما يجعله أحد أكثر أنظمة النقل كفاءة واستدامة في المنطقة..
كلما نظرت في أي مدينة من مدن المملكة، تتسع حدقاتك ويجول العجب في خاطرك! التجديد والتحديث أخذ مداه مع صدور رؤية 2030 والتي شملت الشجر والحجر والمكان والإنسان، وهذا أمر يعد من ضروب المستحيل لكونه حدث في فترات قد نخالها في التاريخ الزمني لمحة بصر!
لم يعد هذا رأينا كمفكرين وكتاب وأصحاب رأي، بل أصبح رأي العالم أجمع، حينما يذكر اسم المملكة تستطيل الآذان وتشرئب الأعناق في كل حدب وصوب، ذلك لأن صاحب هذه النهضة وهذه الإنجازات عقول تعلم كيف يتم الإضاءة على هذه البقعة من الأرض، وهي تسابق الزمن في لهاث عميق ومتسارع، ليس لعدم قدرة أو خبرة، وإنما لجعل المملكة في مصاف الدول العظمى كما وعدنا سموه -حفظه الله- سمو الأمير محمد بن سلمان في ظل خادم الحرمين الشريفين سيدي سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، هذا المفكر الطامح البنّاء لكل فكرة تخطر على بال، فلا ننسى حين تولى -حفظه الله- إمارة الرياض عام 1954 -وهو ابن التاسعة عشرة من عمره- كيف كانت وكيف أصبحت بعد توليه إمارتها، وكيف نهض بالمرأة وبالفكر والمفكرين، تلك النهضة التي توازت مع تطوير مدينة الرياض آنذاك.
إن هذه الدهشة التي يشعر بها الفرد المحلي والعالمي، لم تكن وليدة، بل تمتد جذورها في عمق الدولة السعودية والتي بدأت من مدينة الرياض حينما كان سيدي سلمان أميراً لها، فهو مهندس كل الرؤى على مر العقود التي طاف بها -حفظه الله-.
في هذه الأيام تفتتح المملكة المشروع الحلم، الذي طالما راودنا كثيراً حينما نطوف العالم، ونرى كيف محطات المترو العملاقة تسابق الزمن وتخطف المسافات، لكن قد يكون الواقع أكبر من الحلم ومن الخيال، فكيف أن تفتتح في هذه الأيام الرياض قطارها السريع بدون سائق حتى أصبح أسرع مترو في العالم بلا سائق، تجاوزت تكلفته 84.4 مليار ريال سعودي، والذي بدأ جزئياً بتاريخ 27 من نوفمبر 2024 عبر تشغيل ثلاثة خطوط، وثلاثة خطوط أخرى ستنطلق في ديسمبر الجاري.
فالمملكة تسعى من إطلاق مترو الرياض لتنويع وسائل النقل بعيداً عن المركبات، ولتخفيف الأحمال في الأنظمة المرورية من أجل راحة المواطن ورفاهة عيشه عبر المواصلات ووسائلها. والذي قد يغيب عن ذهن بعض الناس أنها الأداة الأولى في إنجاز الأعمال، وتنمية المشروعات، والمملكة تعي تمام الوعي ما الذي تفعله وسائل المواصلات في تحقيق الأهداف سواء على المستوى المؤسسي أو المستوى الفردي، فإذا ما تسرب الوقت من بين الأنامل تشكلت عقبات كبرى في تحقيق أي إنجاز في زمن يمضي بأقصى سرعة.
إن هذا المترو الذي سينطلق هو مترجم وانعكاس لسرعة الدولة نفسها في السباق العالمي، ولما يحدث من تطور مذهل مثله مثل هذا العمل بالغ الدهشة في العالم أجمع حيث إنه ينطلق بأقصى سرعة في العالم بلا سائق، فهو مزود بآلاف الخلايا الشمسية لتوفير 20 ٪ من الكهرباء، كما أن الخطوط الثلاثة هي البداية والتي يتبعها في منتصف ديسمبر ثلاثة خطوط أخرى، وهو مشروع النقل الأكبر في السعودية، فهذا المشروع العملاق عالمياً تبلغ طاقته الاستيعابية مليون راكب يومياً، وهو من أهم بل أكبر الاستثمارات في البنية التحتية للنقل على مستوى العالم حيث تقول المصادر الرسمية أنه "يهدف إلى تقليل عدد السيارات على الطرق بمقدار مليوني رحلة يومياً".
ليس ذلك فحسب؛ وإنما لخفض انبعاثات الكربون بمقدار 400 ألف طن سنوياً، مما يعكس التزام المملكة بمعايير الاستدامة البيئية.
لم يكن هذا المشروع للأهداف المذكورة سلفاً لتحقيق رؤية 2030 فحسب؛ وإنما لخلق فرص عمل وتعزيز الاقتصاد المحلي، هذا بالإضافة إلى إنه أصبح أيقونة عالمية يستخدم تقنيات الطاقة المتجددة، إنه مشروع استثنائي وتاريخي، ما يجعله أحد أكثر أنظمة النقل كفاءة واستدامة في المنطقة كما ذكر الجاسر على هامش فعاليات المنتدى اللوجستي العالمي في الرياض.
هذا إحدى لمحات الدهشة والإنجاز، فلا نستطيع تعداد ما تحقق وما تم تطويره، في إطار مشروع المملكة الحلم بين الأنامل، من تطور صحي وثقافي وفني وتعلمي، وريادة عالمية في فصل التوائم وهو المشروع الأكبر إنسانياً على مستوى العالم، كل ذلك يتجاوز التحدث والمداد، لكن هناك مشروع مهم عالمياً وإنسانياً واقتصادياً وبيئياً، وهو مشروع مبادرة السعودية الخضراء التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بغرس عشرة مليارات شجرة للتصدي لكافة التحديات البيئية المتعلقة بالمناخ، ووفاء منها بالتزاماتها الدولية. كما أن هذه المبادرة والتي أطلقت عام 2023 تعد من أهم مبادرات إعادة التشجير في العالم، حيث تعكس التزام المملكة بالتصدي للمشكلات البيئية وتوفير العديد من فرص العمل في مختلف أنحاء المملكة للقيام بمهام الزراعة وجمع البذور، وتجهيز وصيانة الأراضي الزراعية، وتطوير شبكات لإعادة استخدام المياه المعالجة وإنشاء حدائق ومتنزهات ومحميات جديدة في خطوة مهمة تمهد الطريق لتطوير أساليب جديدة ومبتكرة لتعزيز الاستدامة.
ولذلك نعود لكلمة في بداية المقال وهي الدهشة والولع لما يحث في وطننا الحبيب بأيدي أبنائه وبخبرات عالمية، تأخذنا إلى رؤية 2030 وإلى المدى البعيد الذي فاق الواقع والخيال.
نقلا عن الرياض السعودية