سيدات قرية الحرانية.. أنامل ذهبية تعزف على خيوط السجاد اليدوي
الثلاثاء 23/أبريل/2024 - 02:50 م
أبو السعود أبو الفتوح
ما أن تطأ قدمك المكان حتى تشعر وكأنك داخل مرسم لفنانات عالميات، لكنه سجاد يدوي، تشابكت فيه خيوط مختلفة الألوان تقاطعت مع بعضها البعض طولًا وعرضأ باحكام شديد وغاية في الدقة ومن وحي الطبيعة، أنتجته أنامل ذهبية يسري في شرايينها الحس المصري الأصيل.
إنهن سيدات قرية “الحرانية” التابعة لمركز ومدينة أبو النمرس جنوب محافظة الجيزة.. ذلك المرسم هو مركز رمسيس ويصا، الذي أصبح أحد أهم المزارات السياحية للسائحين الأجانب من مختلف الجنسيات، الذين يطلبون من الشركات السياحية القدوم من بلادهم خصيصًا لقرية “الحرانية” ، علمًا بأن “الحرانية” صدرت منتجاتها للخارج وشاركت بمنتجاتها في معارض بالولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية وهو ما أكده عامر أبوخميس القاضي، صاحب مصنع الحرانية للسجاد اليدوي في تصريحات له .
وترجع تسمية مركز رمسيس ويصا بهذا الإسم نسبة إلى المهندس المعماري الراحل رمسيس ويصا واصف، الذي كان له رؤية آمن بها وسعى لها بكل طاقته حتى تحققت على أرض الواقع فقد كان يؤمن بأن "كل طفل بيتولد بطاقة إبداعية.. وليس علينا سوى ألا نتدخل لكي يخرج بفطرته وبراءته لوحاته الفنية"، حتى وجدت إبداعات أبناء قرية الحرانية على مدار أكثر من 70 عاما طريقها للعالمية.
ففي خمسينيات القرن العشرين قرر المهندس المعماري الراحل رمسيس ويصا أن يجعل في كل بيت بالحرانية فنانًا صغيرًا، جاعلًا من الطبيعة والخضرة مصدرًا لإلهامه دون حدود، ليحيي الحرف اليدوية المهددة بالاندثار، فعلمهم نسيج الصوف والقطن وفن الباتيك وهي احدى طرق الصباغة الفنية التي تشتهر بها أندونيسيا للحصول على التصميمات الملونة على الأقمشة القطنية، بجانب تعليمهم الخزف والرسم على الزجاج.
وتعتمد صناعة السجاد اليدوي على نول خشبي وخامات تتنوع ما بين الصوف والحرير والقطن ومهارة السيدة لتبدأ فى إنتاج تابلوهاتها المستوحاة من الحضارة الفرعونية ورسوماتها وتصميماتها الهندسية والزخرفية المستوحاة من الطبيعة.
وأكدت السيدات أن جودة السجاد اليدوى لا تقارن بسجاد المصانع، من حيث الخامات والمجهود وفترة الإنتاج، حيث قد تصل مدة إنتاج السجادة الواحدة لنحو سنة، تزيد أو تقل حسب حجم السجادة والرسمة الخاصة بها، ومع وجود النول والخيوط وأدوات التصنيع، تبدأ مراحل نسج وتصنيع السجاد اليدوى بخاماته العالية ورسوماته المطلوبة والمحددة مسبقًا.
فتحية اجلال وتعظيم لكل سيدات مصر اللاتي تعملن في تلك الحرفة وتحافظن عليها من الاندثار وتسعين إلى تطويرها.