"مارينا أبراموفيتش".. من الفن الاستعراضي إلى صانعة الأساطير

الأحد 31/يناير/2021 - 04:42 م

إسلام علام

بعد إنشائها للكثير من المدارس والبرامج حول العالم مؤخرًا لتدريب الأجيال القادمة على فنها، وأخرها مدرستها بأثينا ومشروعها التدريبي بألمانيا، شغلت "مارينا أبراموافيتش" مساحة كبيرة من النقد في الأوساط الثقافية العالمية، وانقسم المواطنون حول فنها ما بين مؤيد ومعارض، إلا أنها لقبت من كلا الطرفين بـ"أم الفن الاستعراضي".

مارينا أبراموفيتش، أسطورة الفن الاستعراضي رحلتها مليئة بالمعاناة والطاقة معًا، نجمة حقيقية سطع نورها في سماء الفن بأعمالها الاستعراضية الغريبة والعجيبة في آن واحد، هى امرأة قوية وعنيدة وصاحبة إرادة حديدية، صنعت الأساطير.

تعمل "مارينا بتفاني" وحب وإخلاص جنوني، فجاءت أعمالها الأولى غريبة ومفاجأة وخطيرة، ولقبت بأم الفن الاستعراضي؛ لأنها أعادت تعريف الفن وأبرزت الاستعراض على الساحة العالمية، وقد أوضحت "مارينا" الفارق ما بين الفن المادي والفن الاستعراضي بأن الفن المادي ما نراه على لوحة أو ما نشاهده على شاشة، أما الاستعراضي فيدور حول تجربة الشعور، وهذه هي الصعوبة الحقيقية لأن ما يميز الواقع هو أنه زائل، أي يكون موجودًا ثم يختفي.

ولدت "مارينا" في عام 1946، ببلجراد، وتقارب اليوم من الـ75 عام، تدور أعمالها على ثلاث محاور رئيسية وهي، العلاقة بين الأداء والجمهور، وحدود الجسد، وإمكانيات العقل، ولقد عانت من حالة فقر شديدة كما أنها كانت تسكن الشوارع في فترات طويلة لعدم فهم الجمهور لفنها، كما تعرضت لانتقاد لا مثيل له لأعمالها الغرائبية إلى أن أصبحت الآن الأشهر في العالم، وأسست مدارس ومعاهد في الكثير من بلدان العالم لتعليم وتدريس فن الاستعراض، أخرها في أثينا حيث يوجه فناني الاستعراض من الشباب ويرشدهم، كما يعيد النظر في أهم الأعمال في مسيرتها المهنية الاستثنائية.

في عام 1974 كان أول ظهور لها وبدأته بلعبة روسية واستغرقت 6 ساعات، استخدمت فيها 72 قطعة من الأسلاك الشائكة والزهور وزيت الزيتون والأقلام ومسدسًا وعشرين سكينًّا حادة، وتركهتم للجمهور ليفعلوا بها ما يشاءون، ومع نهاية العرض كان مجروحة وممزقة الملابس، وقالت أنها سجلت لنفسها شريط وأعادت تشغيل الشريط والاستماع إليه، وحاولت تكرار الحركات ذاتها، وتكرار الأخطاء، كانت أبراموفيتش مصممة على استكشاف الحدود الجسدية والعقلية للجسم.

وانطلاقًا من هذا العمل، بدأت "أبراموفيتش" بالانتباه لحالة الوعي عند الفنان الاستعراضي، وتقول: "بمجرد أن تدخل نفسك في الأداء، يمكنك القيام بأشياء مع جسدك لا تفعلها في وضع طبيعي".

قامت مارينا أبراموڤيتش بالاتفاق مع حبيبها الفنان أولاي عند إنفصالهما العاطفي والمهني بعد 12 عام من الارتباط بالقيام برحلة الوداع كعمل فني فوق أعظم سور في العالم، فسار الاثنان في رحلة من نقطتين مختلفتين واتجها في السير باتجاه نقطة اللقاء الأخيرة على سور الصين العظيم، التي كانت لحظة الوداع، استمرت الرحلة لمدة تسعين يومًا وبلغ طولها 2500 كم.

جدير بالذكر أن أعمال أبراموڤيتش وأولاي الاستعراضية التي أنتجاها في مرحلتهما الفنية المشتركة تحولت إلى علامات بارزة في الفن الاستعراضي وتاريخ الفن عمومًا حيث تتطرق أعمالهما إلى النزاعات المحتملة في العلاقات الزوجية وحدود الجسد والأنا والهوية الفنية، وتخترق هذه العروض المتطرفة والعنيفة الفضاء الشخصي وتلغي المنطقة الشخصية للجسد والروح.