هل يجوز المسح على الأكمام فى الوضوء بدلاً من غسل اليدين؟ الإفتاء تُجيب
السبت 16/ديسمبر/2023 - 10:11 ص
أيه عدلى
ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي ، جاء نصه : "ما حكم المسح على الأكمام في الوضوء بدلًا من غَسْل اليدين؟".
وتعرض
"هير نيوز" تفاصيل الإجابة على هذة الفتوى لحسم الجدل وتوضيح رأى الشرع والدين فى هذا الأمر، وذلك من خلال السطور التالية.
هل يجوز المسح على الأكمام فى الوضوء بدلا من غسل اليدين؟
وقالت دار الإفتاء إنه من المقرَّر شرعًا أنَّ الوضوء شرط لصحة الصلاة؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6]، وللحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لاَ تُقْبَلُ صَلاَةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ".
قال الإمام النووي الشافعي في "شرح صحيح مسلم" (3/ 103، ط. دار إحياء التراث العربي): [أجمعت الأمة على تحريم الصلاة بغير طهارة؛ من ماء أو تراب، ولا فرق بين الصلاة المفروضة والنافلة] اهـ.
وعلى ذلك: فالواجب في اليدين هو استيعابهما بالغَسْل، ولا يُجزئ فيهما مجرد المسح؛ للآية والحديث السابقين، ولأنَّه لم يُؤْثَر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رخصة في مسحهما، مع وجود الحاجة الشديدة إليه، كشدة البرد ونحوه، فرخَّص في المَسح على الخفِّ دون غيره.
قال الإمام ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (1/ 98، ط. دار الفكر): [(قوله: بعد انعقاد الإجماع على ذلك) أي: على افتراض غسل كل واحدة من اليدين والرجلين، وعلى دخول المرفقين والكعبين، وغسل الرجلين لا مسحهما] اهـ.
وقال العلامة المواق في "التاج والإكليل" (1/ 276، ط. دار الكتب العلمية): [من فرائض الوضوء: غسل اليدين إلى المرفقين] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "منهاج الطالبين" (3/ 107، ط. دار إحياء التراث العربي): [وأجمع العلماء على وجوب غسل الوجه واليدين والرجلين واستيعاب جميعهما بالغسل] اهـ.
وإذا كان -كما تقرَّر سابقًا- غَسْل اليدين إلى المِرفقَينِ من فرائض الوضوء، فإنَّه لا يجزئ المسح على ظاهر الثياب بدلًا منه؛ لما جاء في "الصحيحين" عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: تخلَّف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتخلَّفت معه، فلما قضى حاجته قال: «أَمَعَكَ مَاءٌ؟»، فأتيتُهُ بِمَطهرةٍ، فغسل كفَّيْه ووجهه، ثم ذهب يَحْسِرُ عن ذراعيه فَضَاقَ كُمُّ الجُبَّةِ، فأخرج يده من تحت الُجبَّةِ، وألقى الجُبَّة على مَنكِبَيْهِ، وغسل ذراعيه، ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه.
ووجه الدلالة من الحديث: أنَّ المسح إِنما ورد فيما يُلبس على الرأس والرجلين فقط، فلو كان المسح جائزًا على غيرهما لمسح النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم في مثل هذا الحال على كُمَّيهِ، خاصة مع ضيق الجبة الذي تعذَّر معه حسر الثوب عن يديه الشريفتين، فجعله يلقي الجبة عن منكبيه، على أنَّه لا يصحّ قياس المسح على الأكمام -بدلًا من غَسْل اليدين- على المسح على الخفين؛ لأنَّ المسح على الخفين رخصة، والرخصة استثناء لا يُقاس عليه؛ لأنَّه –أي: الاستثناء- خلاف الأصل؛ إذ الرُّخَص مخالفة للدليل، فالقول بالقياس عليها يؤدي إلى كثرة مخالفة الدليل، وهو أمر لا يجوز. ينظر: "شرح تنقيح الفصول" للإمام القرافي (ص: 416، ط. شركة الطباعة الفنية المتحدة).
وبناءً على ما سبق: فإنَّ غَسْل اليدين إلى المِرفقَينِ من فرائض الوضوء، ولا يجزئ المسح على ظاهر الثياب بَدَلًا منه؛ للنصوص الدالة على وجوب الغسل، وعدم وجود رخصة في المسح على الأكمام مع وجود الحاجة الداعية إليه؛ فإن تعذَّر استعمال الماء في الوضوء تيمَّم بَدَلًا عن الوضوء، فإن كان يَقدِر على استعماله في بعض الأعضاء دون بعضٍ، فيغسل ما لا يتضرَّر بغسله ويتيمَّم لما سواه مراعيًا للترتيب والموالاة.