السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

بقلم مها عبدالله: حقيقة الحياة المرة

الجمعة 11/أغسطس/2023 - 02:29 م
هير نيوز

إذا حالفك الحظ بعائلة، ستتحمل مسؤولية تربيتك على المبادئ والمثالية، ولن تسمح لك بخوض التجارب لاكتساب الخبرة، وفي الغالب لن يحالفك الحظ ويتدخل في تربيتك التعليم الذي يحتوي على الشيء ونقيضه، الإعلام الذي يحتوي على التضليل وشبيهه، وبعض الأفراد العابرين من الدرك الأسفل اللا أخلاقي، لأنهم يريدون استغلالك لا تنويرك، وتتمسك بالمبادئ لاعتقادك بأنها الخلاص من عبث الحياة، لكن هل يمكنك فعل ذلك؟

سأقول لك ما لا يجرؤ أحد ذو اسم صريح ومكانة اجتماعية وتعليمية ومهنية على قوله، لأنه يخاف أن يخسره، أما أنا مهما امتلكت من هذه المزايا، فلا قيمة لها عندي، قد خسرت ما هو ثمين ولن يأتي بعده شيء، ركز معي جيدًا، سأعطيك قوانين لعبة الحياة كي تستطيع الفوز عندما تبارزك:

الحياة لا تسير بالمبادئ ولا المنطق ولا القانون، إنما بالدبلوماسية في اتخاذ القرار، بمعنى أن مبادئك ستكون جيدة إذا كنت في حالة استقرار، لكن إذا اهتز أمانك وكنت أمام مستقبل مجهول؛ يجب أن تصافح العدو لتحمي نفسك، لا تقل إنك لم تفعلها قط أو لن تفعلها، فعلتها وأنت طفل يا عزيزي دون إدراكك للمسؤولية، فما بالك الآن وأنت بالغ وتدرك ذلك؟، الطفل إذا رأى طفلا آخر عنيفًا في تصرفاته، سيتودد إليه حتى لا يكون عدوه، مثال بسيط لن تتذكره لأنك طفل، ولكن شاهد أي طفل آخر كيف سيتعامل في الحال نفسها.

لو دعوتك بالمشاركة في ارتكاب جريمة بحق آخرين، هل ستوافق؟ بالطبع لا، ماذا لو كان رفضك بالمشاركة يحولك بالضرورة إلى إحدى ضحاياها؟، ستوافق فورًا، وستضع مبررات كثيرة لذلك، حتى لا يؤنبك ضميرك. صدقني إنك فعلتها مرارًا وتكرارًا، لكنك معمي بمبرراتك. مجموعة من الأصدقاء على طاولة لقاء، جميعهم يتحدثون عن شخص بالسوء كلكم تعرفونه، وأنت صامت، لم تقل سوءًا عنه لأنك لم تر منه شيئًا، لكنك لم تدافع عنه حتى لا تصبح مثله ضحية غضبهم. سكوتك هو مشاركة في الجريمة، لاحظ هنا أني ذكرت أبسط الجرائم تجاه الآخرين، وهي تشويه السمعة، وهناك أخطر من ذلك.

نحن بشر ولدينا رغبات طبيعية وأهداف تدفعنا تحركنا لتحقيقها. ماذا لو أنك حاولت بطرق عدة ولم تستطع، وتجلت لك طريقة لتحقيقها ولكن بمصافحة الشيطان؟، هل ستصافحه؟، ستفعل والمبررات لن تخذلك أبدًا، لن أكرر طرح مثال هنا، نحن بشر وقد نضعف أمام رغباتنا، مرة على الأقل في حياتنا، طبعًا هذا في أندر الأحوال وأحسنها.

ببساطة.. المبادئ تاج تلبسه أينما تلهو وتتسكع، لكن عند الأزمات والحاجة، لا قيمة له. ما تحتاجه هو أي وسيلة تخرجك من هذه الأزمة حتى وإن كانت وسيلة مؤذية لك أو لغيرك. الحاجة والخطر ستغمض عينك عن أي شيء سوى ما ينقذك. لذا لا تصدق من يدعي المبادئ والمروءة والإيثار، لأنهم يمارسونها إذا كانوا مكتفين، لكن كلهم سيتحولون إلى وحوش كاسرة عند حاجتهم، لذا جرب مرة أن تبارز أي شخص على حاجاته وراقب ماذا سيفعل.

الجميع له جانب مظلم قد طبق به ما لا يؤمن به، لتحقيق غايةٍ ما، يعتبرها مهمة جدًا، والجميع يخفيه لأنه أمر لا يُتباهى به، ومعيب. لذا لا تصدق كتب السير الذاتية للناجحين، فلن يخبرك أحد كيف تحايل على القانون، أو كيف استغل أصدقاءه، أو كيف تنصل من مسؤولية ارتكاب خطأ، أو كيف باع شريكًا مقابل صفقة مربحة جدًا.

أخيرًا.. اللعبة هي أن تتعلم متى تتخلى عن المبدأ، وكيف، ومقابل ماذا؟، وبالخفاء دون أن يعلم أحد.


نقلا عن الوطن السعودية


ads