بقلم غنيمة محمد العثمان الحيدر: عدم اصطحاب الأطباق
كشفت الدراسة العلمية المنشورة في دورية «نيتشر كومينوكيشين» أن فريقا من الباحثين الألمان توصلوا إلى التعرف عن وصلة عصبية بين مناطق الدماغ يجري تفعيلها عندما يمارس أحد الأفراد سلوك الكرم، ومنطقة الدماغ المسؤولة عن الشعور بالسعادة.
وقد قام البحث على تحليل نشاط الدماغ لدى 50 مشاركا قاموا بأداء مهمة إنفاق المال، إذ أبلغوا بأنهم سيحصلون مبلغا من المال سينفقونه لمدة أربعة أسابيع. حيث طلب الباحثون من نصف المشاركين أن ينفقوا المبلغ على أنفسهم ويكتبوا ذلك (مثلا شراء وجبة أو ملابس أو أي شيء يحتاجونه لأنفسهم)، في حين طلبوا من النصف الآخر من المشاركين أن ينفقوا المبلغ على شخص آخر ويكتبوا كيفية إنفاقها (مثلا: دعوة صديق إلى العشاء أو دفع فاتورة أو شراء حاجه لصديق).
ووجد الباحثون أن المشاركين الذين التزموا بإنفاق أموالهم على الآخرين كان لديهم المزيد من النشاط في منطقة معينة من الدماغ مرتبطة بالشعور الشخصي بالسعادة. وهنا يدل على أن إسعاد الآخرين ما هو إلا سعادة لنفسك.
نعم، الكرم والعطاء والبذل من أهم صفات المؤمنين الصالحين الذين يستحقون الثناء في الدنيا والفوز بالجنة، ويكون ذلك بالإعطاء مما عند الإنسان بسهولة ويسر، ولهذا رغّب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في البذل والكرم في أحاديث كثيرة منها: يا أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام.
فاستقبال الضيوف واستضافتهم وهو عمل كريم محبب للمسلم الصادق، ودليل واضح على قوة إيمان الشخص، وهذه المعاني تنبع من تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم الذي حثنا على إكرام الضيف، وإكرام هو مصدر أكرم بمعنى عظم ونزه.
وهنا سأتطرق إلى الإشارة إلى صديقة رقيقة، رفيقة، ست بيت من الدرجة الأولى، دائما بيتها عامر بالمحبات من صاحباتها، تتميز بالحوار الفكري الذي يثري الجلسة مع احترام أي رأي لا تتفق معه، كما أنها فنانة في إعداد ألذ المأكولات وفنانة في طرق التجميل والتزيين لدرجة أنك حتى إذا كنت شبعانا تشتهي أطباقها المميزة، وهي كريمة فيما تقدمه لضيوفها ويمكن وصفها بأنها أم الكرم والذوق.
ما دعاني للكتابة جملة جميلة ممن دعتنا للغداء في منزلها العامر بالصحبة المميزة خفيفة الدم مشترطه علينا «عدم اصطحاب الأطباق»، على وزن «عدم اصطحاب الأطفال»، شاكرة ومقدرة العرض منا بالمشاركة حيث تود أن يكون ما يقدم في منزلها من عمل يدها لا غير، استجبنا لمطلبها ولن نحضر معنا أي طبق. شكرا جزيلا أختي إيمان المتروك. كثر الله خيرك وبيت عامر بكم وبالصحبة الطيبة.